سفر التكوين ..... للشاعر عبدالرزاق عبد الواحد
عندَما كـُـوِّرَتْ
عندَما كلُّ آياتـِها صُوِّرَتْ
قيلَ للشمس ِأن تـَستـَقيمَ على مَوضع ٍلا تـَغيبْ
وَلـِلـنـَّجم ِكـُنْ أنتَ منها قريبْ
ثمَّ خـُط َّعلى الأرض ِمُنعَـطـَفانْ
تـَبَجَّـسَ بينهُما الماءُ ،
وانحَسَرَتْ آيـَتـانْ
بمُعجـِزَةٍ تـَجريانْ
فالتـَقى الفجرُ بالـلـَّيـل ِ
والنارُ بالسـَّيل ِ
كلٌّ بأمرٍ يُسـاقْ
وأتى الصَّوتُ :
كـُونـي ..
فكانَ العـراقْ !
فـَجْرُ كلِّ الحَـيـاة
مَهدُ كلِّ الـنـُّبوّات
مِن عَهـدِ آدَمْ
والحَضاراتِ مِن عَهدِ أورْ
بَـدْءُ كلِّ العـصورْ
مُنـذ ُميلادِ سومَـرْ
والشموسُ جَميعا ًعـليها تـَدورْ
أشرَقـَتْ شمسُ بابـلْ
ثمَّ ضاءَتْ أكـَدْ
ثمَّ آشـور ،
ألقـَتْ إليها الدُّهـورْ
بـِمَقالـيدِها ..
ثمَّ أغفى القـَدَرْ
واسـتفاقْ
كانَ نـَجمُ العـراقْ
ساطعا ًفي الحَـضَرْ .. !
وأقـبـَلـَتْ بغـدادْ
حاملة ًشموعَ ألفِ ليلةٍ ولـَيـلـَه
وصوتَ شهرزادْ
وأجملَ الأحلام ِعن أشرِعَةِ السِّـنـد بادْ ..
وكانَ الرَّشـيدْ
وكانَ لها ألـفُ فجـرٍ جَديـدْ
ثمَّ أخنى عليها ظلامٌ مَديدْ
إلى أنْ تـَلألأ في لـَيـلـِها
سَـنا كوكبٍ جاءَها يومَ عـيدْ ..
مَن يَعرفُ العـراقْ ؟
يَعرفُ كيفَ تـَلـتـَقي السُّهولُ والجبالْ
الضَّوءُ والظـِّلالْ
الواقعُ والخـَيالْ
والمُمكـِنُ والمُحالْ .. ؟
مَن يَعرفُ العـراقْ ؟
مَرْفأ ُفـُلـْكِ نـُوح
في طوفانـِهِ العظيمْ
وَبََيتُ إبراهيمْ
أسرَجَ فـيهِ نـُورَهْ
وَمُرتـَقى شامشْ
وصَوتُ كلكامشْ
في مَدارِجِ الزَّقـورَهْ ..
والرُّقـُمَ المُغـَلـَّقـَهْ
والماءُ يَجري صاعدا ًبـِقـُدرَةِ المَجهول ِللجَنائن ِالمُعَـلـَّقـَهْ !
مَن يَعرفُ العـراقْ ؟
مَن الذي يَعرفُ أيُّ قـَدَرٍ يـُقـيمْ
في هذهِ الأرض ِالتي شاءَ لها القـَدَرْ
أنْ تـَلـتـَقي في جَوفِها الجَنـَّة ُوالجحيمْ ؟!
هاهوَ ذا ..
ما ضاقَ يَـوما ًحَولـَهُ الخـناقْ
إلا رأيـتَ ماردا ًمِن نـَومِهِ اســتـَفـاقْ
فضَجَّ حتى تـَسـتغـيثَ السَّبعَة الطـِّباقْ
مِن هَـول ِما دماؤهُ تـُراقْ !
هذا هو العـراقْ
بالأمس ِيـَومَ نـَكـَّسـَتْ رؤوسَها الرِّجـالْ
وَكادَ أنْ يَبكي على هاماتِها العِـقـالْ
كانَ العـراقُ هـامُهُ كـَقِـمَم ِالجـبـالْ ..
دارَتْ رَحى الـقـتـالْ
وَذ ُبـِّحَ الـرُّضَّعُ والشـُّيوخُ والأطفالْ
وَبـَقـيَتْ هـاماتـُهُ شـُمّا ً.. وما تـَزالْ .. !
هوَ العـراقُ..سـَلـيـلُ المَجدِ والحَسَبِ
هوَ الـذي كلُّ مَن فـيهِ حـَفـيدُ نـَبي !
كأنـَّما كـبـريــاءُ الأرض ِأجمَعـِهـا
تـُنـْمَى إلـيهِ ، فـَما فـيها سـِواهُ أبي !
هوَ العراقُ ، فـَقـُلْ لـِلدائراتِ قـِفي
شاخَ الزَّمانُ جَميعا ًوالعراقُ صَبي !