من السُّنَّة أن يستمع المأموم إلى قراءة الإمام في الصلوات الجهرية؛ كصلاة الصبح، والمغرب، والعشاء، والجمعة، والعيدين، ولا يُسَنُّ للمأموم أن يقرأ -ولو بصوت منخفض- مع الإمام؛ لأن هذا من ناحيةٍ قد يُؤَدِّي إلى اضطراب الإمام، ومن ناحية أخرى قد يصرف ذهن المأموم عن الخشوع في الصلاة؛ بل قد يصرف بقية المأمومين عن سماع الإمام؛ لذا فإن السُّنَّة النبوية هي صمت المأموم أثناء قراءة القرآن، وذلك مع كامل الإنصات له؛ وقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالقِرَاءَةِ، فَقَالَ: «هَلْ قَرَأَ مَعِي أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا؟». فَقَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «إِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ القُرْآنَ؟». قَالَ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ القِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّلَوَاتِ بِالْقِرَاءَةِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وبالإضافة إلى ذلك يُسَنُّ للمأموم في الصلوات السِّرِّيَّة؛ أي الظهر والعصر، ألا يرفع صوته بالقراءة؛ فقد روى مسلم عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الظُّهْرِ -أَوِ الْعَصْرِ- فَقَالَ: «أَيُّكُمْ قَرَأَ خَلْفِي بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى؟». فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إِلَّا الْخَيْرَ. قَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا». أي: نازعنيها، وعليه فإن السُّنَّة أن يستمع المأموم إلى الإمام في الصلوات الجهرية، وأن يجعل قراءته خافتة تمامًا في أثناء الصلوات السِّرِّيَّة فلا يسمعه أحد. ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54]. المصدر : كتاب " إحياء354 " للدكتور راغب السرجاني