كان أول هاتف حصلت عليه في حياتي هديةً من خالي بمناسبة تخرجي من الثانوية عام 2005،وما زلت إلى اليوم محتفظاً بنفس رقمي الهاتفي الأول والوحيد،والذي يقترب من إتمام أحد عشر عاماً!غير أني لم أحب يوماً هذا الاختراع المقيت الذي غير شكل حياتنا نحو الأسوأ، وصار سبباً في أغلب مشاكلنا،فضلاً عن كونه جهاز إزعاج دائم لا تتوقع في أي لحظة من لحظات يومك قد يحمل لك مصيبة أو مشكلة أو هماً ما!لذلك كنت دائماً - طيلة هذه السنوات العشر - كثير الإهمال له، ناسياً إياه في البيت أكثر الوقت، ولم أكن أبغض شيئاً بغضي لسماع رنينه أو الشعور باهتزازه في جيبي،فكنت أضعه على (الصامت) لأيام طويلة، وربما أقفله تماماً لعدة ساعات متواصلة، وإذا ما رنَّ لم أشعر بأي فضول للإجابة عن الاتصال، بل أتمنى أن تضرب صاعقة مركز الاتصال كي تنقطع الشبكة بشكل نهائي...وكنت قد اتخذت منذ وقت قصير قراراً حاسماً؛ وهو إلغاء الهاتف من حياتي بشكل نهائي وإلى الأبد، فقمت بالترتيبات التي تجعلني خارج التغطية على الدوام، لا أستقبل أي اتصال ولا أعرف من اتصل ومن لم يتصل، وقد مرعلى هذا القرار الجذري نحو شهرين، وإني والله به لفي راحة وسعة وبحبوحة عيش...ما أجمل أن تمضي يومك كله وأنت على يقين بأن هاتفك لن يرن!وما أجمل أن تخطط بشكل فردي تماماً لحياتك الخاصة على مستوى الساعة واليوم والأسبوع والشهر والعام، وأن تمضي في طريقك وأنت خالي الذهن تماماً من أية هموم هاتفية، متيقناً من أن ذلك (العقرب) السام في جيبك