توطئة بين اللغة وفقه اللغة عند القدامى
أطلق المؤلفون العرب على الاشتغال بالمفردات اللغوية جمعًا وتأليفًا عدة مصطلحات أقدمها مصطلح "اللغة". لقد وصف أبو الطيب اللغوي، ت 351هـ، أبا زيد الأصمعي وأبا عبيدة. وقارنهم من جانب معرفتهم باللغة. كان أبو زيد أحفظ الناس للغة، وكان الأصمعي يجيب في ثلث اللغة، وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها، وكان أبو مالك يجيب فيها كلها. والمقصود هنا بكلمة اللغة مجموع المفردات ومعرفة دلالاتها. وبهذا المعنى كانت كتب الطبقات تميز بين المشتغلين بالنحو أو العربية من جانب والمشتغلين باللغة من الجانب الآخر. لذا عد سيبويه والمبرد من النحاة بينما عد الأصمعي وأقرانه من اللغويين. وقد ظل استخدام كلمة اللغة بهذا المعنى عدة قرون، وأصبح اللغوي هو الباحث في المفردات جمعًا وتصنيفًا وتأليفًا.
فالأصمعي لغوي لأنه جمع ألفاظ البدو وسجلها في رسائل لغوية مصنفة في موضوعات دلالية. والخليل لغوي لأنه أول من حاول حصر الألفاظ العربية وتسجيلها في معجم، وابن دريد لغوي أيضا لأنه ألف معجمه جمهرة اللغة. والأزهري لغوي لأنه ألف معجمه تهذيب اللغة، وظل استخدام كلمة اللغة بمعنى بحث المفردات وتصنيفها في معاجم وكتب موضوعية سائدًا في الدوائر العلمية عدة قرون.