قال تعالى في سورة المدثر آية35 "إنها لإحدى الكبر" والمعروف ان الكلام عن سقر وهي جهنم. ووصفها تعالى ايضاً في الأية29 "لواحة للبشر"
ويكمن اللغز في ان الله وصف جهنم بكونها أحدى الكبيرات هل يوجد تفسير مقنع يبين ماهي الكبيرات التي جهنم احداها وهل يوجد كذلك تفسير مقنع كيف ان جهنم لواحة للبشر؟ ...وهل رأى أحد جهنم؟
وسأذكر ثلاث تفاسير بحثاً عن اجابة لهذه الأسئلة بدءاً بالآية الكريمة "لواحة للبشر":
تفسير ابن كثير:
وقوله : ( لواحة للبشر ) قال مجاهد : أي للجلد ، وقال أبو رزين : تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود من الليل . وقال زيد بن أسلم : تلوح أجسادهم عليها . وقال قتادة : ( لواحة للبشر ) أي : حراقة للجلد . وقال ابن عباس : تحرق بشرة الإنسان .
تفسير الطبري:
وقال ابن عباس : ( لواحة ) أي تلوح للبشر من مسيرة خمسمائة عام . الحسن وابن كيسان : تلوح لهم جهنم حتى يروها عيانا . نظيره : وبرزت الجحيم للغاوين وفي البشر وجهان : أحدهما أنه الإنس من أهل النار ; قاله الأخفش والأكثرون . الثاني أنه جمع بشرة ، وهي جلدة الإنسان الظاهرة ; قاله مجاهد وقتادة ، وجمع البشر أبشار ، وهذا على التفسير الأول ، وأما على تفسير ابن عباس فلا يستقيم فيه إلا الناس لا الجلود ; لأنه من لاح الشيء يلوح ، إذا لمع .
تفسير فتح القدير:
قال الحسن : تلوح لهم جهنم حتى يرونها عيانا كقوله : وبرزت الجحيم لمن يرى [ النازعات : 36 ] وقيل معنى لواحة للبشر أي مغيرة لهم ومسودة .
قال مجاهد : والعرب تقول : لاحه الحر والبرد والسقم والحزن : إذا غيره ، وهذا أرجح من الأول ، وإليه ذهب جمهور المفسرين ، ومنه قول الشاعر :
وتعجب هند أن رأتني شاحبا تقول لشيء لوحته السمايم
ونفس التفاسير عن الآية الكريمة "إنها لإحدى الكبر":
تفسير ابن كثير:
( إنها لإحدى الكبر ) أي : العظائم ، يعني : النار ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك ، وغير واحد من السلف .
تفسير الطبري:
قوله تعالى : إنها لإحدى الكبر جواب القسم ; أي إن هذه النار لإحدى الكبر أي لإحدى الدواهي . وفي تفسير مقاتل الكبر : اسم من أسماء النار . وروي عن ابن عباس إنها أي إن تكذيبهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لإحدى الكبر أي لكبيرة من الكبائر . وقيل : أي إن قيام الساعة لإحدى الكبر . والكبر : هي العظائم من العقوبات ; قال الراجز :
يا بن المعلى نزلت إحدى الكبر داهية الدهر وصماء الغير
وواحدة ( الكبر ) : كبرى ، مثل الصغرى والصغر ، والعظمى والعظم . وقرأ العامة لإحدى وهو اسم بني ابتداء للتأنيث ، وليس مبنيا على المذكر ; نحو عقبى وأخرى ، وألفه ألف قطع ، لا تذهب في الوصل . وروى جرير بن حازم عن ابن كثير إنها لحدى الكبر بحذف الهمزة .
تفسير فتح القدير:
إنها لإحدى الكبر هذا جواب القسم ، والضمير راجع إلى سقر : أي إن سقر لإحدى الدواهي أو البلايا ، والكبر ، والكبر جمع كبرى ، وقال مقاتل : إن الكبر اسم من أسماء النار ، وقيل : إنها : أي تكذيبهم لمحمد لإحدى الكبر ، وقيل إن قيام الساعة لإحدى الكبر ، ومنه قول الشاعر :
يا ابن المعلى نزلت إحدى الكبر داهية الدهر وصماء الغير
قرأ الجمهور لإحدى بالهمزة ، وقرأ نصر بن عاصم ، وابن محيصن ، وابن كثير في رواية عنه " إنها حدى " بدون همزة . وقال الكلبي : أراد بالكبر دركات جهنم وأبوابها .
-------
اذا تأملنا التفاسير الآنفة نجد ما يلي:
1) لا يوجد نقل عن الرسول عليه السلام في تفسير الآيتين، وانما كان تفسيرها بالرأي.
2)لا توجد اجابة مقنعة عن الأسئلة التي طرحت في بداية الموضوع، فلم نعلم كيف تكون جهنم احدى الكبر وماهي باقي الأمور التي يمكن أن تضاهيها، وكذلك لم نعلم كيف ان جهنم لواحة لنا، وكيف نراها.
3) بالرغم من الآيتين تصف شيء واحد وهو جهنم الا أن المفسر لم يعطي تفسير مترابطاً للآيتين.
وسأذكر الآن تفسيرا اقنعني ووجدت فيه الأجابة تاركاً الحكم للقاريء وتأمله:
كتاب الكون والقرآن- محمد علي حسن الحلي-(الطبعة الأولى عام 1947):
قال الله تعالى في سورة المدثر {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ . لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ . لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ . عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} ، فسَقَر هي الشمس الجديدة التي تظهر بعد انفجار شمسنا الحاليّة وهي جهنّم التي يتعذّب فيها الكافرون يوم القيامة ، وأمّا قوله تعالى {لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ} أي تتراءى للناس اليوم من بعيد ، والمعنى إنّ الناس يرَونَها كنجمة صغيرة لأنّها بعيدة عنهم ، ومن ذلك قول حسّان بن ثابت :
وأسمرَ كلّما رَفَعَتْه كفّي........ يَلوحُ سِنانُهُ مثلَ الهلالِ
وقال عنترة :
ورمحي السمهريُّ لهُ سِنانٌ....... يَلوحُ كمِثلِ نارٍ في يفاعِ
وأمّا قوله تعالى {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} أي عليها ثقل جاذبيّة تسعة عشر جرماً ، وذلك لأنّ شمسنا إذا انفجرت تكون تسع عشرة قطعة فتجذبهنّ سقر . وقال تعالى أيضاً في سورة المدثر{إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ} ، أي أنّ سقر من إحدى الشموس الكبيرات الأحجام . وقال تعالى في سورة الأعلى{وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى . الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى} ، فالنار الكبرى هي سقر لأنّها أكبر من شمسنا .
كتاب الكون والقرآن موجود على هذا اللنك للأطلاع.
خلاصة تفسير الكون والقران للحلي
سقر أو جهنم هي احدى النجوم الكبيرة التي في السماء، والمعروف أن شمسنا الحالية هي نجم متوسط الحجم.
-لماذا لواحة للبشر؟
الجواب: ﻷننا نراها كل يوم في السماء.
-لماذا إحدى الكبر ؟
الجواب ﻷنها احدى النجوم الكبريات.