1- أعتقد أن انخفاض مستوى الثقافة لدى الشباب يعود لأمور عدة
أولها : الدراسة التجارية : فأغلبهم يدرس المقررات الدرسية التي تؤهلهم للنجاح دون الاهتمام بالثقافة العامة ، وقد ينسى ما درسه حين ينتهي منها إلا المهتم منهم بمادته ، وقليل ما هم .
ثانيها : ضعف الانتماء البيئي والحضاري : فمن ينتمي لبلده حضارة وثقافة وديناً واجتماعاً يسعى إلى إثراء نفسه بهذا الجانب كي يكون- بحق- لبنة صالحة في مجتمعه .
ثالثها : عدم توفر الكتاب : والمقصود بهذا " ثمن الكتاب المرتفع " الذي لا يوازي دخل الفرد في بلد فقير لايكاد يفي بالمتطلبات الضرورية .
رابعها : ضخامة المنهاج الدراسي : الذي يشغل الطالب عن المطالعة الخارجية 0 (قراءة غير المقررات) .
2- من الأخطاء القاتلة التي يقع فيها القائمون على التعليم – وهم يظنون أنهم على صواب – كثرة الاهتمام بالوسائل التعليمية بشكل ُممِج وملفت للنظر على حساب الكتاب ، كأن ُيقرأ النص من الحاسوب أو اللوحة الكرتونية أو من السبورة ، وكان الأولى أن يُؤخذ من الكتاب فقط ، وإلا انعدمت فائدته أو ضعفت . وأكبر دليل على ذلك ما نشكوه من ضعف العلاقة بين الطالب وكتابه ...
ومن المؤسف أن تقييم جهد المدرس انصب على استعمال الوسائل المعينة فمَن أكثر منها اعتبر ناجحاً في مهمته ، ومن قلل من شأنها اعتُبر بدائي الوسائل ، ونُبه إلى ذلك ، فانصب جهد المدرس – كما نوّهت سابقاً - على التظاهر بما ثبت فشله .... وآكَدُ دليل على ذلك ضعف التعليم العام الذي يشكو الجميع منه .
إن الآصرة بين الطالب والكتاب تقوى بالتزامه التزاماً قوياً، فتكون القراءة الأصيلة المتعمقة فيه لا في غيره ، ونثبت النظر فيه أكثرلا في الوسائل التي ثبت أن أغلبها ديكور ليس غير .
3- ولعل انتشار الحاسوب واستعمال الانترنت ساعد على الزهد في الكتاب ، فالانترنت أكثر جاذبية ، وأسهل لجمع المعلومات ، يجمع بين الجد والهزل ، والفائدة والتسلية ، واللعب والعلم ، ويأخذنا إلى عالم التنويع ، ويفلتنا من عقال الأسر ، ويجمعنا بمن نريد ومن لا نريد ! منه نأخذ واجباتنا دون عناء ،،،، كبسة على أحد الأزرار تساعدنا في الوصول إلى البحوث التي نُطالَب بها ، فليس علينا سوى ترتيبها وطباعتها !.. نقدمها مادة سهلة لم نتعب فيها ، ولم نفهمها ! ونظن أننا أدينا الواجب الدرسي ! إن الثقافة الانترنيتية – إن اعتبرت ثقافة – لهي سطحية لا تخلق جيلاً قارئاً متمكناً إلا ما ندر .
4- ولعل انعكاسات انخفاض المستوى الثقافي خطيرة على المجتمع ، فهي تؤدي إلى نتائج سلبية قاتلة منها :
- ضعف البنية الثقافية للمجتمع والتحول إلى الأمية أو شبهها ، أو بعنى آخر تخلق جيلاً يحمل شهادات يحتاج حاملها إلى دورات محو الأمية !.
- كثرة أنصاف المتعلمين الذين يعتبرون عبئاً حقيقياً على المجتمع ، فهم محسوبون على العلم وأهله ، وليسوا أهلاً للارتقاء بالأمة لقربهم من الأمية .
- الاهتمام بالقشور ، والتخلف عن ركب العلم المفيد . ومن ثمّ الوقوع السهل فريسة للطامعين فيسيئون من حيث يظنون الإحسان .
5- وعلى هذا أهمس بصوت عالٍ في آذان القائمين على العلم والمهتمين به والغيورين عليه أن يجعلوا الكتاب:
- غايتهم الأولى نشراً وتوزيعاً بثمن قريب إلى دخل القارئ .
- الاستعانة بالمؤسسات الخيرية الداعمة للكتاب المفيد .
- اعتماد الكتاب المدرسي الوسيلة الأولى للعلم والدرس ، فهو الذي يبقى رفيقه في البيت وقاعات الدرس والمطالعة .
- إجراء المسابقات الداعمة لقراءة الكتاب تحليلاً ودراسة وتلخيصاً .
- اعتماد الكتاب جوائز للمسابقات ، وهدايا لبيوت الأصدقاء بدل المأكولات والحلويات ، فما أكثر المطاعم وأقل المكتبات .
- الاهتمام بالمكتبة البيتية ، ودعمها المتوالي بالكتب النافعة والمفيدة .
- اعتماد قراءة فقرة من كتاب في السهرات للتخفف من اللغو ولتحصيل النفع والفائدة في كل لقاء . فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ، والمسلم الجاد لا يضيع وقته بالترّهات والأباطيل .
منقول