النتائج 1 إلى 5 من 5
الموضوع:

الشخصية الروائية

الزوار من محركات البحث: 10 المشاهدات : 533 الردود: 4
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    المشرفين القدامى
    إعلامي مشاكس
    تاريخ التسجيل: February-2015
    الدولة: Iraq, Baghdad
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 29,554 المواضيع: 8,839
    صوتيات: 9 سوالف عراقية: 6
    التقييم: 22063
    مزاجي: volatile
    المهنة: Media in the Ministry of Interior
    أكلتي المفضلة: Pamia
    موبايلي: على كد الحال
    آخر نشاط: 5/October/2024
    مقالات المدونة: 62

    الشخصية الروائية

    «الشخصية الروائية» لهيثم حسين

    يستحيل أن تكون خيالية محضة



    نادراً ما تكون الكتب النقدية مُغرية بقراءتها وجذابة كقراءة رواية،

    لكنني وبكل صدق قرأت كتاب «الشخصية الروائية» لهيثم حسين دفعة واحدة،

    كما لو أنه جرعة عالية من الإبداع الفكري والأدبي لم أستطع إلا ابتلاعها دفعة واحدة،

    ذكّرني كتابه «الشخصية الروائية» بالكتاب الرائع النقدي لجبرا إبراهيم جبرا «الإسم»؛

    فالكتابان يتميزان بمستوى عالٍ من الاطلاع على الأدب والقدرة المذهلة على تحليل الروايات بموضوعية وجاذبية وعمق.

    يتميز كتاب «الشخصية الروائية» إضافة لعمق تحليل هيثم حسين للروايات وسلاسة أسلوبه وبساطته

    بأنك تشعر أنك تقرأ كتاباً في الرياضيات أو الفيزياء، إذ أنه يساعد القارئ كي لا يتوه في بحر تحليل ونقد الأعمال الأدبية،

    فيقسم الأعمال إلى أنواع حسب الشخصية وعلاقة الكاتب معها.

    يقول في بداية الكتاب إن هناك شخصيات روائية تكون حاضرة في ذهن الكاتب قبل البدء بعمله أي «الشرارات»،

    ويمكن لهذه الشخصيات أن تتحول من شخصيات رئيسة إلى ثانوية.

    والفكرة المهمة كما يقول الناقد بأنه يستحيل أن تكون الشخصية الروائية خيالية محضة،

    لأن الكاتب حتى لو ادعى أن الشخصية مُتخيلة فإنه يستند إلى الواقع، لكنه يقوم بعملية فك ارتباط مع هذا الواقع،

    وهو أمر معقّد. وكل شخصية تكون كالجمرة في قلب الكاتب،

    ولكن يجب أن يتحرّر من سطوتها كي يتمكّن من تصوير العالم والكتابة عنه،

    وأحياناً يُعامل الكاتب نفسه كشخصية مُخترعة لا مُخترع شخصيات،

    كما فعل وليم فوكنر الحائز على نوبل للآداب في كتابه «الصخب والعنف»

    فأحد شخصياته يفترض والثاني ينتقد والثالث يحاول التواصل معهما.

    والثلاثة يتعاركون في ما بينهم فيستمد من عراكهما مادة كتابه «الصخب والعنف».

    الحقيقة العميقة
    يلجأ الكاتب أحياناً إلى خلق شخصيات مُنغلقة تتكتم عن البوح، كما فعل جون إشتاينبك الحائز على نوبل للآداب العام 1902،

    فشخصياته أشبه بغابة مليئة بالمسوخ والشياطين وقليل من الأضواء ومكان خطير، لكن إشتاينبك يُغامر بالدخول إليه.

    أما توني موريسون الأميركية من أصل إفريقي والحاصلة على نوبل أيضاً فلا تستعمل أحداً تعرفه في شخصياتها الروائية،

    ولا تؤسس شخصياتها على أحد إذ تعتبر ذلك انتهاكاً لخصوصية الآخرين.

    لكن غونتر غراس (الحاصل على نوبل العام 1999) فشخصياته هي مزيج من الواقع والخيال والفرنسي آلا نروب جرييه،

    فشخصياته نتفٌ من ذكريات الطفولة ويخلط حياته بحياة الآخرين.

    لكن ماريو يوسا (نوبل 2010) فلا ينتقي شخصياته لكن يكتشفها ويقول عبارته الرائعة:

    أنا روائي وصانع خيال هذا هو الأدب. الأدب هو الكذبة التي تحوي حقيقة مُخبّأة، لا الحقيقة الثانوية إنما الحقيقة العميقة.

    وقد يلجأ الكاتب لأنسنة المكان، كما فعل عبد الرحمن منيف الذي أضفى الصفات الإنسانية على المُكتشفات ووسائل النقل،

    وكما فعلت رجاء العالم في روايتها «طوق الحمام»، إذ توكل إلى الشارع مهمة السرد.

    وقد تتحول اللغة بحد ذاتها إلى شخصية روائية مستقلة أو غاية روائية تخرج عن كونها وسيلة تتبلور ككيان اعتباري نافذ

    مثل روايات سليم بركات وأحلام مستغانمي. فمستغانمي تتغزّل باللغة كأنها تتغزل بالمحبوب.

    الشخصية الروائية رسالة الروائي ومرساله في الوقت نفسه.

    بعض الكتّاب مثل الكاتب الفرنسي باتريك بينو،

    وقد ترجم كتابه القيّم قاسم مقداد وأصدرته دار نينوى يهون كشف النقاب عن الشخصيات الحقيقية التي كتب عنها الروائيون،

    مثل جوليان سوريل بطل رواية «أحمر وأسود». لستندال و «كونت مونتي كريستو» لأليكساندر دوما الأب، و «مدام بوفاري» لفلوبير.

    وبعض الكتّاب يتبرأون من واقعية الشخصيات ويحولونها إلى خيال

    وبعض الشخصيات تُصبح مُلهمة اعتمد عليها الكثير من الروائيين مثل شخصية دونجوان التي أبدع موليير في وصفها ومثل لوليتا.

    يُقسم هيثم حسين كتابه إلى فصول لتوضيح وتسهيل عملية النقد الصعبة،

    ولم أجد ناقداً واضح الأفكار ومستنير الذهن ويُعنى بالقارئ ويحترمه، كما وجدت في قراءة «الشخصية الروائية»،

    إذ يُزيل تماماً الفكرة الملتصقة بالنقد بأنه عمل صعب ومعقد وقراءته صعبة وغالباً غير مفهومة.

    يُقسم هيثم حسين الكتاب حسب الشخصية الروائية:

    1 ـ الروائي عين عصره:

    ويعطي مثالاً عن فلاديمير نابوكوف (1899-1977) في روايته «العين»،



    إذ يتلصص الراوي على حياة الآخرين والسعادة الحقيقية برأيه هي في تفحّص ذاتك وذات الآخر.

    وكما يفعل الكاتب الأميركي هنري ميللر في روايته «أيام هادئة في كليشي»، والهدوء ليس سوى غطاء لتمرير الجنون،

    أو أن الذاكرة تهدئ الصخب والضجيج بعد سنوات على الواقع، يُعتبر ميللر من أكثر الكتاب الذين وظفوا الجنس لكشف الحياة،

    كما في كتابه الأشبه بسيرة ذاتية «ربيع أسود».

    2 ـ الشخصية المستعمرة:

    كما في روايات نايبول الذي يُدين العنصرية التي خلقت شروخاً في الأرواح،

    وساهمت بتفكيك بُنى المجتمع، وفخخت المستقبل بالأحقاد والضغائن،

    وفي كلمته أثناء تسلّمه جائزة نوبل يقول:

    إن كتابته هي عن العار والأوهام الاستعمارية، فهو يبدع في وصف وتحليل معاناة أبناء المُستعمرات.

    3 ـ بحث الشخصية عن ذاتها:

    يستشهد هيثم حسين بروائيين ديفيد معلوف الروائي الأسترالي من أصل لبناني؛ فالخيال بالنسبة له هو مدماك الرواية،

    وبماريو يوسا في روايته «حلم السلتي» التي تصور الصراع العالمي بين قوى الشر وقوى الخير،

    كأن بطله يرتقي طريق الجلجلة محملاً بآلامه وأحلامه في تشييد العالم الذي يرنو إليه،

    عبر محاولة تجسيد الحلم الأسطوري بانتفاضة الأيرلنديين ضد المستعمر والرغبة بالتحرر من العبودية.

    4 ـ الفنان روائياً:

    ثمة تداخل بين شخصية الروائي وشخصياته الروائية،

    وقد تألقت السير الذاتية للكتّاب وأصدق مثال الروائية هيرتا موللر التي حصلت على نوبل العام 2009

    وتحكي عن تجربتها في ظل الديكتاتورية في رومانيا، وتسترجع سنوات سجن أمها في معسكر للاعتقال من قبل الروس،

    وقد مُنعت كتبها وتمّ التضييق عليها.

    وتقول:

    الخوف كالعنف يُوجِع الإنسان ويشوّهه، وحين تضطرب الحياة ويختلّ كل شيء فإن الكلمات تنهار أيضاً.

    تبرع في وصف الخوف في الأنظمة الديكتاتوية فتقول:

    كان كل شيء ممنوع في رومانيا باستثناء التنفس،

    وهناك أسباب في كل مكان لاعتقال أي شخص. وقامت هيرتا موللر بالبحث عن كلمات لتوصيف الخوف،

    وعرفت كيف تبدّد الخوف بالنكتة، وأهمية روايات السيرة الذاتية أنها غالباً ما تكون مُنطلقاً لإثارة الكثير من الأسئلة الوجودية والمُعتمة في آن.

    5 ـ المزج بين الواقع والخيال:

    كما في أغلب روايات ساراماغو (نوبل 1988) يبرع ساراماغو في كشف حوادث تظل مدفونة سنوات وسنوات في النسيان،

    ويقول كثيراً ما ننسى ما نحب أن نتذكره. ونذكر كويتزي (نوبل 2003) خاصة في روايته «الشباب»،

    حيث يصوّر طموح الشباب حين خرج من كاب تاون إلى لندن. ويصوّر كويتزي كيف تكون الغربة حجباً ومرآة في الوقت نفسه.

    لا تسعني الإحاطة بالكتاب القيم والرائع لهيثم حسين «الشخصية الروائية»،

    لكنني أتمنى لو يُدرَّس في الجامعات لطلاب الأدب العربي والنقد، لأنه يُشكل إضافة مهمة جداً في مجال النقد،

    ويُحبط فكرة النقد المُعقّد، وممن يدّعون أنهم نقاد ولا يفعلون سوى تلخيص الرواية!!

    وللأسف يُرسَّخون كنُقاد وتنشر لهم أهم الدوريات الأدبية. كتاب يُغني النفس ويثقفها ويثبت أن النقد علم وموهبة وثقافة.



  2. #2
    حُلْمٌ ضائع
    تاريخ التسجيل: August-2014
    الدولة: بلد اللا قانون
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 16,914 المواضيع: 1,149
    صوتيات: 153 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 13260
    مزاجي: مُشَوَّش
    المهنة: موظف
    أكلتي المفضلة: لِبَن وتَمُر
    موبايلي: iPhone 15 Pro & Google Pixel 8
    آخر نشاط: منذ يوم مضى
    الاتصال:
    مقالات المدونة: 5
    أحسنتم كل الاحسان ، فعلاً الغالبية العظمى من كتب النقد الأدبي تتصف بالصعوبة والجمود مما ينفر القارئ غير المختص عن مطالعتها ، بارك اللهُ بكم وبجهودكم ال الطيبة ، وفقكم اللهُ في سائر مجالات الحياة . تقبلو مروري وتقييمي المتواضع

  3. #3
    المشرفين القدامى
    إعلامي مشاكس
    يــســعدنى ويــشرفنى مروورك الحاار
    وردك وكلمااتك الأرووع
    لاعــدمت الطلــّـه الـعطرهـ

  4. #4
    من المشرفين القدامى
    NOoNAa
    تاريخ التسجيل: April-2015
    الدولة: بغداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 17,853 المواضيع: 108
    صوتيات: 10 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 14472
    شكراً لك على هذا الموضوع

  5. #5
    المشرفين القدامى
    إعلامي مشاكس
    شكرا لمرورك العطر انستي تحيه احترام

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال