يوم الجمعة عيدٌ من أعظم أعياد المسلمين؛ وقد روى ابن ماجه -وقال الألباني: حسن- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ، جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ، وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ». وقد قال تعالى: {يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، ومن الزينة اللباس الجيد والجميل، وكان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس ملابس خاصة بصلاة الجمعة لا يلبسها المسلم في عمله، حتى تكون نظيفة وأنيقة؛ فقد روى ابن ماجه وابن حبان -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عَائِشَةَ ل قَالَتْ: «خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ, فَرَأَى عَلَيْهِمْ ثِيَابَ النِّمَارِ, فَقَالَ: مَا عَلَى أَحَدِكُمْ -إِنْ وَجَدَ سَعَةً- أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِجُمُعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ؟». وثياب النمار هي ثياب مخططة من الصوف، ويبدو أنها كانت رديئة أو غير نظيفة.

وفي رواية أخرى لابن ماجه -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ: «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوِ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، سِوَى ثَوْبِ مِهْنَتِهِ».

فوضح لنا من خلال هذا التوجيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم يستحبُّ للمسلم أن يُخَصِّص -أو يشتري- ثيابًا ليوم الجمعة، وذلك في حال تيسُّر الأمر عليه، والواقع أن هذه الثياب الخاصة ستُحَقِّق عدَّة منافع؛ منها شعور المسلم بالتوقير والتقدير ليوم الجمعة؛ وهذا سيزيد من خشوعه في هذه الصلاة المهمَّة، ومنها أن المسلم لن يؤذي المصلِّين معه برائحة أو قذر قد يكون متعلِّقًا بثوبه المعتاد، ومنها أن الجميع لو لبس هذه الملابس الجميلة ليوم الجمعة فذلك سيعطي شكلًا طيبًا لجماعة المسلمين؛ مما سيكون له أفضل الأثر في الدعوة للإسلام، فلتكن هذه هي عادتنا وعادة أبنائنا.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

المصدر : كتاب " إحياء354 " للدكتور راغب السرجاني