حافظ بن الشيخ عبد الجليل بن أحمد بن عبد الرزاق بن خليل بن عبد الجليل بن جميل (1326 هـ - 1405 هـ / (1908-1984م) شاعر عراقي لقّب بأبي نؤاس بغداد أو أبي نؤاس القرن العشرين، يعد من أعلام الشعر العربي في القرن العشرين ولد في بغداد، وفيها قضى عمره، وفيها توفي .
حياته :
ولد حافظ جميل في بغداد من أسره عريقه محافظة شامية الأصل، جاءت إلى العراق واستوطنت بغداد، نشأ في بيئه محافظة. درس اللغة والأدب العربي على يد منيرالقاضي وقرض الشعر صبيا حيث أصدر(جميلياته) وهو لايزال على مقاعد الدراسة الثانوية, لكنه لم يكد يبلغ السابعة عشر من عمره حتى شد الرحال إلى بيروت التي أثرت فيه كثيرا، عاش في العراق ولبنان وتلقى تعليمه قبل الجامعي في مدارس بغداد، كما درس علوم العربية على أبيه، وبعض أعلام الأدب، ثم التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت، ودرس التاريخ الطبيعي في كلية العلوم وتخرج فيها عام 1929. عين مدرساً في الثانوية المركزية في بغداد، ثم في دار المعلمين الابتدائية، ثم تنقل في وظائف إدارية، إلى أن تقاعد وهو مفتش عام في البريد. كان عضواً مؤسساً لاتحاد المؤلفين والكتاب العراقيين. منحه لبنان وسام الأرز عام 1960، وأقيم له حفل تكريمي في بغداد عام 1975.
تفاصيل أكثر عن حياته على لسانه :
وهاهنا ندعه يفصّل أكثر عن نشأته (في لقاء أجراه الصحفي الراحل رشيد الرماحي ونشر عام 1977 م في جريدة ألف باء) يقول الرماحي : حين زرته في بيته كان مشغولا بإعداد ماسيقوله في الحفل التكريمي يساعده على الكتابة اثنان من اصدقائه قال لي انه منذ عام 1963 اجريت له ثلاث عمليات جراحية في كلتا عينيه وقبل عام من الآن فقد اليسرى تماما واستعان بعدسة لليمنى كي تساعده على القراءة والكتابة ونظراً لتدهور صحته فقد برم بالحياة وأصبح يشكو وهو يردد مطلع آخر قصائده.. اعني فليس الرز هينا لاصبرا ودع عبرتي منهلاً لتعبيرا ابى الله إلا أن يدب بي الفنا وتبلى عظامي قبل أن اسكن الثرى
وأنا أنصت اليه.. كنت حائرا من أين أبدأ مع حافظ جميل الذي نظم أكثر من 200 قصيدة خلال نصف قرن نشرت فيه خمسة دواوين معظمها أصبح مفقودا الآن.. بدأ في الغزل وانتهى متصوفا بسبب حبه الأول لقصيدته الوجدانية الأولى وكاد يطرد من الجامعة وهو شاب في الثامنة عشرة من العمر..عندما سمع الرصافي القصيدة تنبا له بان يكون شاعرا كبيرا في العراق مستقبلا.. ويوم قراها على شوقي رشحه خليفة له فيما قال آخرون عن شعره انه يجمع بين ديباجة المتنبي وفلسفة المعري.. ثائر باربعة شعراء في مقدمتهم أبو نؤاس الذي يخالفه في خمرياته المجونية بعكس دعوته هو للتوبة والغفران من خلال كاس الخمر.
يتم كلامه فيقول: ولدت في محلة قنبر علي سنة 1908 درست الابتدائية في مدرسة السلطاني ابان الحرب العالمية الأولى وبعد سقوط بغداد دخلت المدرسة الحيدرية وكان مديرها يومئذ المرحوم عبد المجيد زيدان وفي هذه المدرسة كنت على موعد مع الشعر والحب معا.. اتجهت إلى الشعر عن طريق الحفظ والإلقاء امام طلاب ليصفقوا لي، دخلت الثانوية عام 1921 وبعد عامين اصدرت ديواني الأول الجميليات وكانت قيمته روبية واحدة ولاانسى هنا جهود استاذي المرحومين طه الراوي ومنير القاضي في تصحيح بعض ابيات ديواني الأول، وفي سنة 1925 التحقت بالجامعة الأمريكية ببيروت (الحديث ما زال للشاعر جميل) وتعرفت خلال سني دراستي على طلبة ينظمون الشعر منهم المرحوم إبراهيم طوقان ود. وجيه البارودي.د. عمر فروخ.. كنا اربعة ننظم قصائد مشتركة حتى تجمعت على شكل ديوان سميناه (الديوان المشترك) ولكنه فقد ولم يطبع مع الاسف الشديد..
قاطعته.. والمرأة ما دورها خلال هذه الفترة من عمرك؟ في هذه الفترة كان عمري لايتجاوز التاسعة عشرة استهوتني الحياة الجامعية الجديدة وبدات استوحي منها القصائد الغزلية والوجدانية واشهرها (يا تين. ياتوت. يارمان. يا عنب) التي غناها المرحوم ناظم الغزالي والقصيدة قيلت في زميلتي (ليلى تين) وهي دمشقية من الشام تعلقت بها. ونظمت فيها العديد من القصائد فقد معظمها ولم يسلم من الضياع الا ما كنت قد نشرته في بعض المجلات والصحف (المهم ان ليلى تين اشتكت إلى عميد الجامعة من أن الطلاب يضايقونها في قصائدي عندما كانت تمر من امامهم وكدت اطرد بسببها خصوصا وان تلك السنة التي نظمت فيها هذه القصيدة كانت بداية تعليم الجنسين في هذه الجامعة. وعندما تخرجت اتممت القصيدة وصرخت باسم صاحبتها فتوطدت علاقتي معها وزادت معرفتنا بعد تخرجنا وتخرجها هي الأخرى حين عملت كمدرسة في دار المعلمات ببغداد..
وهل كانت ليلى تين حبك الأول؟ لنحدد الجواب والسؤال بدقة أكثر فاقول لك ان ليلى تين هي غزلي الحقيقي وبعدها عرفت النساء بالعشرات قسم منهن كشفت عن اسمائهن بعد موافقتهن طبعا. وفي الحفل التكريمي سابوح بذلك لاول مرة فيما احتفظت باسرار الكثيرات منهن اللواتي لم يرغبن ان أبوح أو اتطرق اليهن ولو من بعيد أو قريب على حد سواء.
شعر وجداني مبتكر..وبعد عودتك من بيروت :
كنت اجالس الرصافي والزهاوي واقرا عليهما بعض اشعاري.. وعندما سمع الرصافي قصيدتي ياتين ياتوت تنبا لي ان اكون شاعر العراق إذا بقيت مستمرا على هذا الطراز من الشعر الغزلي والوجداني المبتكر. وسمع القصيدة بالصدفة الشاعر أحمد شوقي عندما كان مصطافا في بيروت سنة 1927 فاعجب بها وتعرفت عليه من المرحوم خليل مطران ثم انصرفت إلى عالم الوظيفة التي تدرجت فيها من معلم.مدير هواتف.مفتش عام اجوب العراق شمالا وجنوبا حتى احلت إلى التقاعد لاريح واستريح معا.
ولابد من أن الكثيرين قد كتبوا عنك؟ هذا صحيح إلى حد بعيد فرغم مشاغلي الوظيفية كنت ألازم أستاذي المرحومين منير القاضي وطه الراوي وأذهب إليهما وأنشد الجديد من قصائدي فيدلاني على مواقع الضعف في بعض ابياتها وقد نشرت في جريدة دجلة للمرحوم داود السعدي وكذلك مجلة الزنبقة لعبد الأحد حبوش الذي كتب عني (هذا الفتى ليس فتى ولكنه شيخ فاضل بشكل فتى)
وماذا عن دواوينك؟ انها خمسة تضم أكثر من 200 قصيدة كانت حصيلة نصف القرن من عمري الأول (الجميليات) صدر سنة 1923 قرضه جميل صدقي الزهاوي وعبد الرحمن البناء وناجي القشطيني الثاني (نبض الوجدان) كتب مقدمته المرحوم منير القاضي الذي قال ان فراسته لم تخيب في أن اكون شاعرا كبيرا يجمع بين ديباجة المتنبي وفلسفة المعري.وفي (اللهب المقفى) الذي كتب مقدمته الدكتور بدوي طبانة استاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة المنتدب للعمل في العراق وضع تسلسلي الشعري بعد شوقي وحافظ إبراهيم والزهاوي والرصافي وبذلك اصدرت وزارة الثقافية ديوانين لي هما (أحلام الدوالي) و(اريج الخمائل) سنة 1973..
شعر أمقته.. وأين تضع نفسك الآن من الشعراء؟ أنا لا أدعي شيئا أترك تقدير مكانتي للقراء لكن الذي يؤلمني أنه سيحدث فراغ شعري كبير بسبب انجراف الشباب الشعراء نحو ما يسمونه بالشعر الحر الذي امقته بل لااسميه شعرا واذا استمر الحال فسيندر أن تجد شاعرا أصلا يلتزم بالوزن والقافية وهما من ضرورات الشعر الذي عرفه المؤرخون أنه الكلام الموزون والمقفى وذو الاخيلة البديعة.
وفي الوجدانيات هل نظمت الشيء الكثير؟ كان معظمه مؤلما حتى ان بعض اصدقائي اخذ يلومني على هذا النوع من الشعر المؤثر والمؤلم يتمثل ذلك في (نبض الوجدان) (تحت الدخان)(ضحايا الآلام) (رقص الدموع)..
تأثرت بهم.. وبمن تاثرت من الشعراء؟ لقد تاثرت باربعة شعراء وهم أساتذتي (أبو نؤاس.ابن الرومي.المتنبي. شوقي. أين وجه الخلاف بين خمريات أبي نؤاس وحافظ جميل؟ إن خمرياتي تختلف عن ابي نؤاس فمعظم ماقاله الأخير كان مكرسا للمجون بعكس خمرياتي التي تدعو للحشمة وذكر الله وبالتالي قريبة من التصوف
أصدقاؤك كثيرون على ما أعتقد فماذا ربحت وماذا خسرت من هذه الصداقات؟ انهم كثيرون فعلا كلهم أحبهم وهم يرتادون بيتي باستمرار ويتفقدونني في أغلب الأوقات وأصبحت بحاجة ماسة اليهم الآن بعد أن تدهورت صحتي وانني بحاجة اليهم الآن من أكثر وقت مضى ليساعدونني على القراءة والكتابة والمطالعة ويشرفون على طبع دواويني ولم تسلم الأخيرة من بعض الأخطاء فعذرا للقراء..
وماذا خسرت؟ لم أخسر شيئا من صداقاتي والحمد لله باستثناء بعض العقوقين الذين قابلوا جميلي بالاساءة.
الإنتاج الشعري :
له خمسة دواوين: «الجميليات» (جـ1) - مطبعة دار السلام - بغداد 1924 (قدم له أستاذه منير القاضي)
«نبض الوجدان» - مطبعة الرابطة - بغداد 1957 (قدم له خالد الدرة، صاحب مجلة الوادي البغدادية)
«اللهب المقفى» - دار الجمهورية - مطبوعات وزارة الثقافة والإرشاد - بغداد 1966 (قدم له منير القاضي وبدوي طبانة)
« أحلام الدوالي» - مطبعة الأديب، منشورات وزارة الإعلام - بغداد 1972
«أريج الخمائل» - منشورات وزارة الإعلام، بغداد 1977 (قدم له عبد الرزاق محيي الدين).
الأعمال الأخرى :
ترجم إلى العربية كتاب: «عرفت ثلاثة آلاف مجنون» - تأليف فكتور آرسمول - عن الإنجليزية، بالاشتراك - مطبعة التفيض الأهلية - بغداد 1944.
ينداح الشعر الوطني عنده ليشمل التاريخ والسياسة والغناء لبغداد، وتمتد خمرياته لتتسع لذكريات شبابه وأسى شيخوخته وقلقه على مصير شعره. يتجلى في كل إبداعه خصوصية شعوره وشجاعة مواقفه واعتزازه بذاته، وإنه وإن التزم بالموزون المقفى فقد كانت لغته، وصوره، وإيقاعاته.. أقرب إلى دعوات التجديد، وإن قصائده الخمرية لتؤكد قدرته على أن يبدع في الموضوع المطروق حتى يتجاوز المألوف.
قالو عنه :
عن شاعر الهوى والشباب أقام بيت المدى فعاليته يوم الجمعة الموافق 20-05-2011 والتي قدمها الإعلامي رفعت عبد الرزاق في حديث قصير سلط فيه الضوء على حياة الشاعر وقام نخبة من الأدباء والمثقفين بالحديث عنه قائلين :
عبد الحميد الرشودي: ولد متمرد لأب من أكبر فقهاء عصره : الباحث والمحقق عبد الحميد الرشودي أكد ان الكثير من النقاد يجهلون نشأة حافظ جميل لأنه عاش في الظل فترة طويلة بعيدا عن الإعلام والدعايات، ولد هذا الرجل في أسرة عريقة من أسر بغداد، تنتمي إلى عبد الغني زادة، ولد حافظ لأب كان من أكبر فقهاء العصر وهو الشيخ عبد الجليل آل جميل زادة، كان هذا الرجل مدرسا، ولد له هذا المولود المتمرد في مطالع القرن ومن الشائع أنه ولد عام 1908، إلا أنه أكبر من ذلك يعود إلى عام 1901 أو 1902، أكمل دراسته الابتدائية والثانوية وأوفد إلى الجامعة الأمريكية ودرس وتخصص في علوم الطبيعيات وأكمل دراسته سنة 1926 وعاد إلى وطنه وزاول التدريس في الإعدادية المركزية ودرس مادة خارج اختصاصه درس الدب العربي، ثم بعد ذلك تنقلت به الحال وانتمى إلى إدارة المواصلات وتولى مديرية البرق والبريد وكالة وهكذا تقلبت به الأحوال، وعندما سئل بمن تأثرت قال: تأثرت بأبي نواس.
هشام الفتيان: حكايتي معه بدأت في الجمعية البغدادية : المحامي هشام مالك الفتيان قال: بدأت علاقتي بالشاعر حافظ جميل عام 1974، إذ التقيت به مع جملة من الأصدقاء في الجمعية البغدادية التي كانت تتخذ من بيت حكمت سليمان رئيس الوزراء العراقي الأسبق مقرا لها، كنا نلتقي في هذا النادي كل يوم اثنين التقيت به وكان المرحوم صالح الحداد أحد أساتذة كلية الإدارة والاقتصاد هو الذي يقود الشاعر حافظ جميل لأنه كان يشكو من عينه إذ كان قد تجاوز الخامسة والسبعين من عمره، ومن الذكريات التي لا زلت احتفظ بها هي أنه دائما كان يقول عندما يرى أصدقاءه: أنا مريض أجلسوا بالقرب مني فقد لا أراكم مرة أخرى ويبدأ بالحديث العذب عن الشعر والشعراء، وقد لا يعرف الكثيرون ان الشاعر جميل عمل في الصحافة مع صديقة خالد الدرة وله كتابات كثيرة أتمنى أن ينتبه إليها الباحثون.
شكيب كاظم: شاعر الغزل والعاطفة والجمال : الناقد شكيب كاظم سلط الضوء على خصائص شعر حافظ جميل قائلا: إذا أراد باحث الحديث عن شعر الغزل والعاطفة والجمال والمرأة، فلا بد من أن يقف طويلاً عند الشاعر حافظ جميل، فهذا الرجل الذي يذكرني بشعراء الغزل، منذ أن كان في الدنيا غزل ونسيب وتشبيب إلى يوم الناس هذا منذ أيام امرئ القيس وعمر بن أبي رقية وابن الفراس وجميل بثينة ومجنون ليلى وصاحب لبنى قيس بن ذريع والعباس بن الاحنف أو نزار قباني والشاعر الغريد عبد الخالق فريد، وإذا كان الغزل يأتي تماماً عند بعض الشعراء فحافظ جميل قد أوقف شعره على هذا الجانب لا يكاد يبارحه إلى ألوان الشعر الأخرى، وظل على مدى عقود مقيداً في محراب الجمال والنساء والحان والخمر، فهو من الشعراء الذين جعلوا نصب أعينهم الجمال والعشق وحب الحياة، ما شاءهم الهوى منتقلين أفئدتهم وقلوبهم عند تخوم الجمال والإنس واللذائذ، منذ عام 1957، اصدر ديوانه الشعري الجميل الذي اسماه (نبض الوجدان) وخط إطاراته الداخلية الفنان متعدد المواهب، رسماً ونحتاً وخطاً، وكتابة للقصة الفنان يحيى جواد، واصدر شاعر الأنس والجمال خلال أربعة عقود عدداً من المجاميع الشعرية أوقفها على الحب والغزل والخمر، وما زالت في الذاكرة أبياته الشعرية التي غناهـا ناظم الغزالي. يا تين يا توت يا رمان يا عنب شاعر الغزل حافظ جميل يذكرني بشاعر الهوى والجمال عبد الخالق فريد، الذي هو الآخر، ما غادر دنيا الغزل والغرام، كما يذكرني بالقاص الذي لم يعطه النقد المؤدلج حقه، واعني به القاص حازم مراد، الذي أعده إحسان عبد القدوس العراق، تحية لذكرى شاعر الهوى والجمال حافظ جميل وشكراً للمدى على استذكارها شواخص العراق.
أيمن فيصل: شاعريته لا تحدها حدود : الناقد أيمن فيصل كان آخر المتحدثين، حيث تحدث عن شاعرية حافظ جميل قائلا: في الحقيقة والواقع أشعر بالفخر والاعتزاز وأنا أكتب وأقرأ نبذة مختصرة عن حياة الشاعر الكبير حافظ جميل الذي يلقبه البعض بأبي نؤاس بغداد، لقد تأثرت كثيرا بحافظ جميل وبشعره فقررت ان أكتب شيئا مختصرا وبكل أمانة عن حياته وشعره. كان حافظ جميل سريع البديهية، طويل النفس، كثير التصحيح لشعره، والرجوع إليه لينتقد القصيدة التي ينظمها نقدا قاسيا ويزن كلماتهما وأبياتها وفق الميزان الشعري كما يوزن الذهب الخالص في ميزانه وكما كان يفعل زهير بن أبي سلمى في حولياته ومروان بن أبي حفص في مديحه، وكما كان يفعل الشاعر الأديب الفرنسي غوستاف فلوبير صاحب التربية العاطفية، ولقد تأثر حافظ جميل بشعر ابي نؤاس وابن الرومي والمتنبي. واختتم الناقد فيصل حديثه قائلا: إن حافظ جميل هو ذلك المحيط الزاخر في إبداعاته وابتكاراته في ميادين الشعر، فشاعريته لا تحدها حدود، وقد حاز شعره قصب السبق في غالبية أبوابه وأغراضه، فمن نسيب وغزل إلى وصف وتصوير إلى نقد ورثاء إلى حماية وفخر إلى خمريات إلى صوفيات إلى أخلاق مواعظ وحكم. وأخيراً أقول أن حافظ جميل يجمع في شعره صفات الشاعر والمصور والرسام والمؤرخ والفيزياوي والنباتي والكيمياوي البارع فهو جامع لكل هذه المهارات بكل جدارة وثقة.
وفاته :
وتقدم بشاعرنا العمر وخرج على التقاعد وعاش شيخوخه هادئه إلى أن وفاه الاجل عن عمر يناهز الثمانين عاما في بغداد يوم الجمعة 4 آيار سنة 1984 ودفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي إلى جانب والده الذي توفي سنة 1957، وقد نشر خبر وفاته في جريدة الجمهورية ورثاه الكثير من الشعراء.
ومنهم كاظم الخلف في قصيده طويله قال فيها؛
ماذا أقول وكيف يفصح قائل ** وأمامه رب الفصاحة مائل ،
حاولت أبياتا تليق بقدره ** وأتيت أتقل كيف رحت أحاول .