اهداء .......الي كل أم تعبانه
تأتي على الأم أوقاتاً لا تستطيع أن تجد فيها وقتاً لنفسها حتى ولو كان لتأخذ حماماً سريعاً قبل أن يبدأ
رضيعها بالبكاء أو أن تجلس في هدوء لبضع ثواني قبل أن تستيقظ صغيرتها من قيلولتها ..
ناهيك عن الموقف في وجود أكثر من طفل صغير وأحدهم يحتاج ليأكل وجبة خفيفة بينما الأخرى
تحتاجني أن أداوي جرح اصبعها فيكون الأول قد سكب الماء على الأرض لكن قبل تجفيفه يجب تجفيف
المخاط من أنف أخته أولاً ... يحتاج احدهم لتغيير حفاظه والأخرى تريدني أن انتبه معها وأعلق لها
على رسمتها الجميلة ...
في بعض الأيام تشعر الأم أن اليوم لن يكون له نهاية...ولكن لماذا كل هذا؟ لماذا ؟ ..
الإجابة بإختصار "لأنهم بحاجتي" .. نعم يحتاجون إلي .. ليس لأي أحد أخر في هذا العالم ... يحتاجون
إلى أمهم ...
بمجرد إستيعابي لفكرة أنه كوني أماً فهذا معناه أنه لا يمكن إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء جعلني
أشعر بالسلام النفسي في هذه المرحلة من الحياة
الأمومة هي واجبي .. وهي مسؤلية وشرف شرفني الله عز وجل بها فعلي أن أكون على قدر المسؤلية
وأن أكون جاهزة حينما يحتاجني ابنائي .. على مدار النهار وطيلة الليل ... فالأمومة هي أن اكون بالكاد
قد إنتهيت من رضاعة طفلي في الرابعة فجراً حتى اذهب لتهدئة ابنتي ذات الأربع سنوات التي استيقظت
من حلم مزعج ...
الأمومة هي ألا تتح لي الفرصة بالأسابيع لمحادثة حقيقية مع زوجي ..
الأمومة هي أن يكون جسمي مليء بالأوجاع بينما قلبي مليء بالحب ...
أنا لدي قناعة أنه قد يأتي اليوم الذي لن يحتاجني فيه أحد .. فأطفالي سوف يكبرون وينشغلوا في حياتهم .
. وقد أكون وقتها عبئاً عليهم .. بالتأكيد سيأتوا لزيارتي .. لكن ترى بالنسبة لهم هل ستظل أحضاني
هي وطنهم وقبلاتي هي دوائهم!!!..
لن يكون هناك ألعاب لأجمعها بعد أن ينتهوا من اللعب ... لن يكون هناك حاجة لقراءة قصة قبل النوم
سبع مرات على التوالي ... لن أجبر احدهم على الوقوف بالزاوية عقاباً له إذا أخطأ... لن يكون هناك
حاجة لتحضير الوجبات المدرسية يومياً ... أنا واثقة انني وقتها سوف اشتاق بشدة لهذه الأصوات
الصغيرة التي تناديني طوال الوقت "ماما .. ماما "
فمن الآن وأنا أحاول أن استمتع بكل وقتي مع أطفالي ... فوقت رضاعة طفلي في الرابعة فجراً نحن
نستمتع بخلوتنا والكل نيام وكأن العالم ملكنا نحن الأثنين فقط فأنا أداعب أرجله الصغيرة تحت الغطاء
وهو يداعبني بضحكاته الساحرة حتى ننام مرة أخرى ... قد أكون منهكة ومتعبة ولكن لا بأس فهو في
حاجة لي .. لي فقط .. وأنا أيضاً في حاجة إليه.. في يوم من الإيام قد أكون جالسة على كرسي متحرك
ويدي فارغتين أتذكر بكل شوق واتمنى أن تعود ولو للحظة هذه الليالي وطفلي بين ذراعي ..
كان يا ما كان في قديم الزمان .. كان من الممكن أن اهتم بنفسي .. الآن فقد لا أنظر في المرآة لأيام ..
لا استطيع دخول الحمام بدون جمهور .. قد لا أمشط شعري جيداً بالأيام
...
لكنها علامات الأمومة ... علامات أن هناك شخص/ أشخاص بحاجة إليك طوال الوقت ...
الثالثة بعد منتصف الليل استيقظ على صوت خطوات ابنتي الصغيرة تدخل الغرفة وأنا أحاول تجاهلها
لربما عادت إلى غرفتها مرة اخرى فإذا بها تناديني
"
ماما" بصوت خافت
"
ماما" بصوت أعلى هذه المرة
"نعم حبيبتي" بهمس
هي وبعينيها البراقتان في الظلام " أحبك "
هكذا وذهبت إلى غرفتها ... ولكن كلماتها مازلت معلقة في الهواء أود لو بإمكاني إنتزاع هذه الكلمات
و الإستيلاء عليهم وضمهم لي وعناقهم... صوتها الرقيق وهي تهمس بأفضل جملة على الإطلاق
"أحبك" ... ابتسمت وأنا آخذ نفسي ببطء خوفاً من أن تمر هذه اللحظات دون أن تحفر في ذاكرتي للأبد .
.. وعدت بعدها للنوم تاركة كلماتها تستقر في أعماق قلبي ...
يوم ما سيكبرون .. ولن يكون هناك كلمات حلوة تهمس في ساعات الصباح الأولى .. فقط سيكون
صوت شخير زوجي الحبيب (حفظة الله لي ) ... سأنام في الليل دون أن يقلقني مرض طفلي أو بكاء
رضيعي .. فقط سيبقى كل هذا ذكريات جميلة ... هذه السنوات في ظل احتياجهم الدائم لي هي بالتأكيد
مرهقة ومتعبة.. ولكنها عابرة .. علي التوقف عن التفكير والحلم باليوم الذي تكون فيه الأمور أسهل ..
لأنه في الحقيقة .. ستكون الأمور ربما أسهل ولكنها لن تكون أبداً أفضل مما هي عليه اليوم .. اليوم
هو الأفضل ..
يوم ما سوف استعيد نفسي مرة اخرى و أجد وقتاً للإهتمام بها ولكن اليوم أنا أهب نفسي لهم فهم
يحتاجونها ...
معذرة فلابد أن اذهب الآن فأحدهم بحاجة لي