فوزية واجهت معارضة قوية من أسرتها لكنها أصرت على المضي قدما
رقية فوزية تتخذ مكانها بين صفوف الكتب في شارع المتنبي بثقة كبيرة وتنجح في اثبات وجودها في مجال يعتبره الكثيرون حكرا على الرجال.
العرب/بغداد – ظل بيع الكتب بشارع المتنبي في بغداد حلما يراود العراقية رقية فوزية في سنوات عمرها الأولى إلى أن نجحت أخيرا في تحقيقه.
تخرجت الناشطة الحقوقية رقية فوزية (عبد علي)، البالغة من العمر 22 سنة، من كلية الحقوق وصار لها مكانها في سوق الجمعة بشارع المتنبي لتكون أول امرأة عراقية تبيع الكتب في الشارع الذي ارتبط اسمه بالأدب والثقافة منذ القدم.
وقالت رقية “منذ كنت صغيرة كنت دائما أحلم بأن يكون لدي مكتبان، واحد لبيع الكتب صباحا والثاني مكتب محاماة لاستقبال الزبائن عصرا. وكنت أتوقع أنني سأحقق هذا الحلم يوما ما”.
وأضافت رقية أن تحقيق حلمها لم يكن أمرا سهلا، فقد واجهت معارضة قوية من أسرتها، لكنها أصرت على المضي قدما.
وتقف رقية بين صفوف الكتب في شارع المتنبي بثقة كبيرة وحماس شديد ولا تبالي كثيرا بدهشة البعض من وجود امرأة تزاول عملا لا يزال مقصورا على الرجال.
وقالت المحامية الشابة “أنا لم أر مضايقة من قبل المقبلين على شارع المتنبي، لكن المارة والزبائن لطالما أراهم مندهشين، فهم لم يتوقعوا رؤية فتاة تبيع الكتب في الشارع، غير أن أغلبهم كان يشجعني”.
وتشهد جنبات شارع المتنبي زيادة كبيرة في النشاط أيام الجمعة، حيث يمتلئ بباعة الكتب وهواة القراءة في سوق مفتوحة للقصص وكتب الفلسفة والتاريخ والعلوم ومختلف فروع المعرفة الأخرى.
فوزية: لم أر مضايقة من قبل المقبلين على شارع المتنبي لكن المارة والزبائن لطالما أراهم مندهشين
ورغم شجاعة رقية في اقتحام مجال جديد يحتكره الرجال فلاتزال بعض العراقيات في سوق الجمعة للكتب بشارع المتنبي يفضلن التعامل مع رقية لأنها امرأة.
وتحظى رقية بتقدير أصحاب دور النشر وطباعة الكتب بشارع المتنبي وثنائهم، وعلى رأسهم بلال ستار مدير دار سطور للنشر التي تبيع الفتاة مطبوعاتها في الشارع.
وقال ستار “هي تقرأ، وهي قارئة جيدة أيضا، وأحبت هذه المهنة. اقترحت علينا أن تعمل بالدار وأنا بصراحة رحبت بالموضوع. هي شجاعة وسط هذا الشارع″.
ويحرص محمد عباس زوج رقية على مصاحبتها إلى سوق الكتب في شارع المتبني أسبوعيا.
وقال عباس “أنا عراقي. أنا أقرأ، وهي تقرأ الكتاب بنهم. أعجبت بها. صرنا صديقين، ثم تزوجنا ومهرها كان 500 كتاب بألف كتاب. أول مرة التقينا فيها وتحدثنا كانت هنا في شارع المتنبي أيضا عن طريق الصدفة”.
وذكر ستار محسن علي صاحب دار سطور للنشر أن الدار حرصت منذ اللحظة الأولى على دعم رقية ومساندتها رغم بعض التعليقات من ضعاف النفوس على اعتبار أن وجود امرأة يساهم في عملية البيع وتوسيع الإقبال على الكتاب، على حد تعبيره.
وتراجعت سوق الكتب في العراق إلى حد بعيد في ذروة أعمال العنف الطائفية في عامي 2006 و2007، لكنها عادت إلى الازدهار الآن على نحو لم يسبق له مثيل.
وكان شارع المتنبي الذي يحمل اسم الشاعر العباسي الكبير الذي عاش في القرن العاشر الميلادي مركزا للمكتبات والمطابع في بغداد وكانت مقاهيه، على غرار “مقهى الشابندر”، مراكز للإشعاع الثقافي يتلاقى فيها المثقفون. وعادت أيام الجمعة موعدا أسبوعيا لباعة الكتب للالتقاء بزبائنهم في شارع المتنبي.
كاردينيا