بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
فيما جاء عن مولانا الصادق عليه السلام: "من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم اللَّه تعالى عمره 1 .
يكشف لنا هذا الحديث الشريف عن عمق وحقيقة الخدمة الإنسانية مبيّناً بأنها خدمة إلهية طالما المراد بها وجه اللَّه تعالى ونيل رضاه، وإلا لو كانت للتباهي وكسب مودة أصحاب النفوذ ورياء يراد بها وجه الناس فليس هناك شك في عدم اعتبارها خدمة للَّه تعالى وإنما خدمة للناس بغية نيل مكانة لديهم أو الحصول على منصب من مناصب الدنيا الفانية---------------------------------
والخدمة طالما كانت خالصة لوجه اللَّه تعالى فهي من أفضل الأعمال وأحبها إلى اللَّه عزَّ وجلَّ يقول الإمام الخميني قدس سره:
"لا أظن أن هناك عبادة أفضل من خدمة المحرومين".
عن أمير المؤمنين عليه السلام:
"تنافسوا في المعروف لإخوانكم وكونوا من أهله، فإن للجنة باباً يقال له المعروف، لا يدخله إلا من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا فإن العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن فيوكّل اللَّه به ملكين، واحداً عن يمينه وآخر عن شماله، يستغفران له ربّه ويدعوان بقضاء حاجته..."1.
من النعم الإلهية الكبرى أن يوفّق الإنسان للقيام بخدمة أو معروف اتجاه إخوانه، لأنه لو اطلع على ما أعدّه اللَّه تعالى له من عطاء أبدي لا ينفذ لأدرك أن الأمر بالعكس بمعنى أن المحتاج والمخدوم هو الذي يسدي خدمة للخادم والباذل لأنه السبب في حصوله على هذه الهبة الربانية والحيوية الفريدة، وعليه ليس من الصواب أن تتاح فرصة لأحدنا كي يقوم بتقديم مساعدة للآخرين وقضاء حوائجهم فيفوّت تلك الفرصة.
وبالواقع من يطرق بابك محتاجاً إلى معاونتك فقد ساق رحمة اللَّه تعالى إليك وينبغي أن تستبشر خيراً وتقابله بوجه ملؤه البسمة والانشراح فإن قدرت على إجابته وتلبية طلبه كان زيادة في حسناتك وذخيرة ليوم معادك وإلا سعيت في ذلك طالباً رضا اللَّه سبحانه، ومن غير اللائق استقباله بوجه عبوس ومنطق غليظ وأسلوب مهين، حتى مع العجز عن القيام بخدمته وإيصاله إلى مطلوبه حيث لا يبّرر عدم القدرة على تلبية طلبه التعامل السيء معه، مع كونه سبباً من أسباب الرحمة كما في الحديث:
"أيما مؤمن أتى أخاه في حاجة، فإنما ذلك رحمة من اللَّه ساقها إليه
وسبّبها له، فإن قضى حاجته كان قد قبل الرحمة بقبولها وإن ردّه عن حاجته وهو يقدر على قضائها فإنها رد عن نفسه رحمة من اللَّه عزَّ وجلَّ، ساقها إليه وسبَّبها له، وذخر اللَّه تلك الرحمة إلى يوم القيامة، حتى يكون المردود عن حاجته هو الحاكم فيها، إن شاء صرفها إلى نفسه، وإن شاء صرفها إلى غيره..."2.
حدّثنا أمير المؤمنين عليه السلام عن الثواب الجزيل المعدّ لأهل المعروف جزاء مشيهم وخطواتهم في حاجات إخوانهم مشيراً إلى الميدان الذي فيه تكون هذه التجارة الرابحة مع اللَّه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله عليه السلام:
"من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا".
فعلينا اغتنام هذه الفرصة الثمينة وتزيين صفحات وجودنا بها ولنا من الخالق سبحانه خير الجزاء.
1- غوالي االئالي، ج1. ص374.
2- م.ن. ص239.