روى هذه الأسطورة الشاعر الإسكندري موسيخوس الذي دوّنها في عصر متأخر، أي قبل 1800 عام فقط. وصفها بأنّها أسطورة يونانية أي أنّها من معتقدات أهل اليونان الأوروبيين وانتقلت منهم إلى الرومان، ولم يقل ما إذا كانوا هم مَن ابتكروها أم انتقلت إليهم من جيرانهم، المهمّ أنها قصة أميرة جميلة حسناء اسمها أوروبا اختطفت من صيدون ( صيدا – لبنان حاليا) ، ثم اختفت مع خاطفها بعد الأفق حيث تغرب الشمس في أرض واسعة سميت في ما بعد باسمها «أوروبا». وأوروبا اسم مشتق أو محوَّر من كلمة «غاروبا» أي حيث تغرب الشمس في اللغة الأكادية الرافدية الشرقية.
تقول الأسطورة اليونانية: كان لملك صور أوجينور أوشنار أولاد ثلاثة هم فينيقوس وقدموس وكيليكوس وفتاة واحدة اسمها أوروبا وكانت الفتاة رائعة الجمال والحسن وفي دمها روح إلهية، فأبوها أوجينور من سلالة إلهية أيضاً فهو ابن بوسيدون إله البحار وأمه ليبيا التي أعطت اسمها لشمال أفريقيا.
ذات يوم من أيام الربيع المقمرة استيقظت أوروبا من حلم مزعج وقررت عدم العودة إلى النوم والنزول إلى الشاطئ لتهدئ من روعها وتستحم بمياه جدولٍ عذب المياة يصبُّ مياهَه الصافية في البحر، فأيقظت صديقاتها المقربات وسِرْنَ معاً في درب بين الحقول المرصعة بورود الربيع الرائع إلى حيث يلتقي الجدول مع البحر. وصلت الفتيات إلى الشاطئ ، وكان كبير الآلهة زيوس مستلقياً يراقب الأرض ومَن فيها من أعالي جبل الأولمب، فلفتت نظرَه تلك الحسناء أوروبا من بين صديقاتها وهن يَلهَوْنَ على الشاطئ، وأخذ ينظر إليها بإمعان وتفحص وإعجاب فلاحظت أفروديت إلهة الحب نظرات زيوس إلى تلك الحسناء فما كان منها إلاّ أن اشتركت مع ابنها العابث كيوبيد وأطلقت سهمها إلى قلب كبير الآلهة فأصابته في الصميم... وعندئذٍ لم يبق زيوس قادراً على تمالك نفسه من الوله وجنون الحب فقرر النزول إلى الأرض ليخطف هذه الحسناء ويتزوجها، وساعده في سرعة اتخاذ قراره غياب زوجته الغيورة هيرا.
قرّر زيوس أن يبدل مظهره ولا يظهر كإله أمام أوروبا كي لا يخيفها ويثير هلعها فتقمص بشكل ثور... ثور رائع الجمال براق الوبر تفوح منه رائحة عطرٍ ، قرناه ذهبيا اللون، تتوسطهما دارة فضية على جبينه.
ظهر الثور على الشاطئ هادئاً وديعاً بين الفتيات وبهدوئه ورائحته العطرة جعلهنَّ يقتربْنَ منه مطمئنات ليقدمْنَ له الأعشاب ليأكل... ولمّا اقتربت منه أوروبا ولمسته بيدها بلطف انحنى كبيرُ الآلهة المتقمّص بثور أمام أوروبا ليريها ظهره العريض كأنّه يدعوها للركوب عليه، ففهمت الأميرة الإشارة واستجابت لطلبه وما إن ركبت عليه حتى انطلق بسرعة في اتجاه الغرب ودخل عباب البحر. لم يغص الثور في الماء إذ كان الموج يهدأ أمامه وتصبح المياه صافية ساكنه وهو يركض على صفحتها، ففزعت أوروبا من هذا المخلوق العجيب وتمسَّكت بقرنه بيد وأمسكت باليد الثانية ثوبَها كي لا يطير ويبتلّ بالماء فقد أصبح من سرعة الثور كالشراع.
ولكي يهدئ زيوس من روع أوروبا عرّفها بنفسه وقال لها إنه كبير الآلهة وإنه ليس له غاية إلا الحب والزواج. ثم عرج على جزيرة كريت حيث أقيمت له ولمحبوبته احتفالات عظيمة وعمّت الأفراح، وانهالت التهاني للإله الأعظم، ثم تابع رحلته من جزيرة كريت في اتجاه اليابسة الكبرى حيث حطّ وعروسه تحت شجرة دلب ضخمة قيل أنها بعد ذلك أصبحت دائمة الاخضرار، وهناك تزوجها.
أثمر زواج كبير الآلهة من أوروبا ثلاثة أبناء هم مينوس ورادامانتوس وساربدون اللذين كوفئوا على عدالتهم في الأرض فجعلهم حاكمين على الأموات.
وتقول الأسطورة أن زيوس أغدق على أوروبا هدايا وعطايا عديدة منها حارساً كان رجلا من البرونز إسمه تالوس يمنع سفن الأعداء من الاقتراب الى مكان وجودها وكلباً هو لايلابس لا يخطئ طريدته وحربة صيد لا تخطئ الهدف.
في غضون ذلك، تفقد الملك أجينور إبنته ، فلم يجدها ، فأمر إخوتها بعبور العالم كله وعدم العودة إذا لم يجدوا ابنته الغالية. كان لأوروبا أربعة أشقاء. سيليكس وهو شقيقها الأكبر، الذي بحث لفترة طويلة ولكن من دون نجاح، وانتهى به الأمر في منطقة في آسيا الصغرى، التي سماها Cicilia من بعده وأصبح الملك هناك. وThasus هبط في نهاية المطاف في جزيرة ثاسوس، وأطلق عليها أيضا باسمه وساد هناك. وفينيكس ذهب إلى أفريقيا. أما قدموس، الشقيق الأصغر والأكثر محبوبا من أوروبا، فقد سأل عرافة من دلفي ما ينبغي عليه القيام به. فقالت له لا داعي للقلق حول أخته لأنها كانت آمنة. وعندما وصل إلى طيبة إستقبله الناس بالترحاب ، وهناك علمهم الأبجدية الفينيقية وأنشأ مدينة”قدميا".
ويقال أنه عندما توفيت أوروبا، نقلها زيوس إلى مجمع نجوم وانه هو أخذ مرة أخرى شكل الثور الأبيض للاندماج في المجمع. ويعتقد أن كوكبة الثور هي على شكل زيوس.
هناك قمر حاليا سمي أوروبا من ال 16 قمرا في كوكب المشتري وفي واقع الأمر هذا القمر له خصوصية ، إذ يعتقد أنه يحتوي على الماء على سطحه.