رغم ان عيد ميلادي يتزامن مع شهر اعياد الميلاد المجيدة لكن يبدو انه هذا العام مر عليّ دونما اتذكره كعادتي في السنوات السابقة ،ولان ابراج الفيس بوك متاحة لجميع الاصدقاء لاسيما المقربين والمحبين فكانت مفاجأة سارة وسعيدة ان تنهال عليّ عبارات المحبة لتهنئني ببلوغي العام الثالث بعد الثلاثين، لا اخفيكم مع سعادتي بمشاعر الاصدقاء واحتفائي برسائلهم الحميمة، شعرت بقلق لتجاوزي العتبة الثلاثينية في بلاد مثل بلادي تقصف اعمار ابنائها مبكرا بانواع مبتكرة من الموت الذي ياتي برا وبحرا وجوا ،حتى بلغت اعداد ضحاياه ما لم تبلغه في مكان اخر من العالم.
ولانني من انصار الامل والتفاؤل ولا استسيغ بكائيات فريد الاطرش فاعتبرت تذكير اصدقائي بيوم مولدي نوعا من الانتزاع الجماعي لفرصة نادرة من الفرح من بين انياب حزن يفتك بسعادتنا اليومية الشحيحة، وهذا بحد ذاته لحظة من انتصار الفرح يسجلها اصدقائي ضد احزانهم، وتمنيت تعميم هذه اللحظة في بيوتنا ودوائرنا وجامعاتنا ومقاهينا، وابتكار مناسبات فرح لاحصر لها نقارع ونقاوم بها امطار الحزن اليومي ونلغي ظلاله من صفحاتها البيض.
كما اشعرتني تلك اللحظة بنشوة الانتصار في البقاء على قيد الحب والعافية رغم الارادة الشيطانية لسماسرة الحروب والحكام الفاشيين باطفاء احلام جيل من الشباب امثالي بين ملاجئ الموت او اقبية التعذيب ،فما اجملها من لحظة لاعلان انتصار احلام هؤلاء الشباب على اولئك السماسرة والجلادين الذين تعفنوا في زوايا اللعنات والنسيان.
شعرت بالسعادة لاني تجاوزت عمرا يكاد يكون طويلاً في بلاد لا تصل اعمار ابنائها لربع اعمار الناس في بلدان متقدمة اخرى تتنعم بالعافية والبيئة النظيفة وراحة البال، فكانت اجوبة المحبة التي تبادلت بها رسائل الحب مع أصدقائي بيوم مولدي واضحة تنطق بان تقدم السنين لن يطفيء جذوة الاحلام في روحي وارتعاشة الحب في اصابعي ولا جذوات الهمة في تحقيق ما تبقى من احلامي.
كما ان يوم ميلادي ذكرني بزهو المدنية في بلادي وبلوغ الدولة ومؤسساتها المدنية ارقى درجات النزاهة والعفة والاخلاص، وذلك لان تاريخ ولادتي تاريخ حقيقي يتطابق مع يوم مولدي فعلا لان الزمن كان زمن الزعيم الوطني عبدالكريم قاسم والايام ايام مزهر الشاوي الذهبية، فلم تكن الدولة تتهاون او تتساهل حتى مع ضبط ايام ولادتنا، لان هذا الايقاع المنضبط كان نظاما يحكم الدولة من بيت الزعيم في وزارة الدفاع حتى اخر حجرة يسكنها موظف الاحوال المدنية في ابعد قرية عراقية.
من دفاتر العاشقين:
بلا شموع ولا مصابيح تضيء قبلتنا العالم