الالوان وتأثيرها على الانسان
كما ان الالوان تتفاعل مع نفسية الانسان وشخصيته ، كذلك هي تتأثر بتطوره الذاتي أو تخلقه ومن ثم تؤثر في جميع مكوناته ، فقد اجرى علم النفس تجارب واختبارات عديدة اكتشفت بواسطتها تأثيراً الالوان في نفسية الانسان ... الامر الذي حدا هذا العلم على استعمال الالوان في العديد من اساليب العلاج النفسي كمعالجة فعالة ناجعة استخدم الطب النفسي اسلوب الالوان لمعالجة امراض العصبية الحادة والانهيار العصبي ولعلاج حالات القلق والارق . وايضاً حالات الاضطرابات العقلية والعدائية والانطواء على النفس ، كما استعان بالالوان في بعض الامراض الجسدية الناجمة عن الكآبة الشديدة والوهم النفسي ، وفي الحالات التي يتمتع فيها بعض المرضى عن الانعناء ، بما ينتابهم من امراض نفسية – وحتى عند امتناع المذنبين عن الاعتراف بذنوبهم ، وكان للالوان تأثيرها البالغ في شفاء المرضى من امراض نفسية عديدة . اما الوسيلة الشفائية الثانية بواسطة الالوان ، فكانت وضع المرضى في غرف مطلية جدرانها بلون معين أو مفروشة بأثاث مصطبغ بذلك اللون ، وفي بعض الحالات لجأ الاطباء الى جعل مرضاهم يرتدون ملابس زاهية الالوان تؤثر ايجاباً في نفسيتهم وتخفف من وطأة المرض الى ما هناك ، من وسائل عملية وإرشادات ترتكز اساساً على تقوية إرادة المريض وثقته بنفسه وايمانه بذلك النوع من الشفاء. لقد ادرك الطب النفسي ان ثمة علاقة بين الألوان والحالات النفسية لدى بعض المرضى.
مثلاً:
ان تعرض البصر لرؤية اللون ( الاخضر) رمز الهدوء والانسجام – فان اللون الأخضر الكامن في الأجسام الباطنية ، يلتقي هذه الاشارة الخارجية ، ويتفاعل معها فتتلقى الأجسام الباطنية عن طريق هذا الاتصال خصائص هذا اللون الخارجي ، فتقوى خصائص اللون الأخضر الداخلي ، بهذا تكتسب الأجسام الباطنية ، مزيداً من ذبذبات الهدوء والانسجام تساعد على المجابهة أو التصدي لأية حالة عصبية قد تتعرض لها. لان الحالات النفسية العصبية ، ليست سوى حصيلة فقدان المناعة الداخلية ، أي عنصر مقاومة الأجسام الباطنية مما يسهل على الذبذبات السلبية الخارجية ، اختراق كيان الإنسان ، والتأثير فيه سلباً ! لكن اذا تعرض مطلق شخص لانهيار عصبي فهذا دليل على ان الهدوء الداخلي لديه قد ضعف الى حد التلاشي امام حالة سلبية خارجية تبغي اقتحام الكيان والتحكم فيه ، فتضعف المقاومة الداخلية مما يفسح في المجال لتلك القوى السلبية لغزو الجسم.
لكن اذا عمل المرء على تقوية عنصر المقاومة في اجسامه الباطنية فأن أي عامل سلبي او جسم خارجي سيفشل في اختراق الكيان . اذاً اللون الاخضر يساعد على تقوية الهدوء والانسجام ، فيقاوم الحالة العصبية التي قد تصيب الكيان ، ويعينه على استعادة اتزانه وهدوئه ، ان فقدهما لسبب أو آخر. والامر صحيح بالنسبة الى بقية الالوان لمعالجة الحالات النفسية الاخرى.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو : هل تكفي الالوان علاجاً للامراض النفسية ؟! لكن الجواب : كلا. بكل تأكيد والا لانتفت الامراض من الوجود . لأن الالوان كائنة في كل مكان تقريباً ، الالوان تساعد على الشفاء على اراحة النفس على تخفيف بعض الحالات العصبية ، وعلى اكتساب بعض الصفات والميزات الجديدة . تقول تساعد ولا تضمن ذلك الشفاء أو الراحة ، أو الاكتساب ، والسبب ان الالوان اضعف من ارادة الانسان ومقدراته الذاتية ، والامر نفسه ينطبق على ميزات بقية الالوان.
اللون الأحمر:
ذكرنا سابقاً ان اللون الاحمر القرمزي يمثل قوة الارادة والشجاعة ، وكذلك هو رمز السلطة والسيطرة والقيادة . لذلك يستطيع كل من يعاني الخجل أو التردد او الخوف ان يستعين بصفات هذا اللون لاكتساب الجرأة والقوة المعنوية والثقة بالنفس.
اللون البرتقالي:
رمز الحياة والصحة ، والنشاط والحيوية يمكن الاستعانة بصفات هذا اللون في حالات الوهن الجسدي والكآبة وايضاً في حالات الخوف والضعف الصحي العام وفي حالات النزف والملل ولاستعادة التوازن في الجسم خصوصاً بعد مرض او انتكاسة صحية او نفسية.
اللون الاصفر:
رمز الفكر والذكاء والفطنة ، ورمز المخيلة والمقدرة على التصور ، يمكن الاستفادة من هذا اللون في حالات سيطرة المشاعر على الافكار وعلى التصرفات ، وايضاً في حالة الخمول العقلي ، والتركيز الضعيف وذلك لشحذ الوعي والفكر ، كما يمكن الاستعانة بصفات هذا اللون لتقوية مقدرة التصور والتخيل لابتكار الجديد ولاكتساب الدقة والتميز والتسلسل في الافكار ، وتنظيم الاعمال ، وايضاً لاستلهام افكار جديدة.
اللون الاخضر:
رمز الهدوء والانسجام والسكينة والتكيف ، يمكن الاستفادة من ميزاته في حالات الاضطرابات النفسية والعصبية ، والتردد والقلق وعدم الاستقرار النفسي وذلك لتنمية السلام الداخلي والانسجام بين الاجسام الباطنية ومراكزها فيسهل التقدم.
اللون الأزرق:
رمز المحبة والصفاء والعطاء ، ومثال الحياة الهادئة ونقاء المشاعر ، يمكن الاستعانة بخصائصه في حالات اضطراب المشاعر ، وفي حالات الشك وعدم الايمان ، اذ ان ذبذبات المحبة المستشرية في صفات هذا اللون كقبيلة بتقوية الايمان والمحبة في القلوب ، والتخلص من الأنانية وحب الذات ومن الانغماس في المادة.
اللون النيلي:
رمز العظمة والمقام الرفيع ، وكذلك الصفاء والتألق ، صفاته تساعد في حالات عدم الثقة بالنفس ، والتردد وايضاً في اكتساب شعور الحماية الذاتية والاستقرار ، كما انه يساعد على رؤية الاشياء فيبصرها بشموليتها ويُعن ايضاً على البحث في الامور وإبعادها وعن الدوافع الخفية وراء الاحداث ومصادرها.
اللون البنفسجي:
رمز القداسة والإلوهية والارتقاء الروحي يفضي على المتأمل حالات من التأمل العميق والسكينة الروحية ، كما يساعد على النقاء الداخلي والصفاء.
اللون الذهري:
يساعد على اراحة الأعصاب وعلى اكتساب الصحة والحيوية.
اما الألوان الداكنة : أو الالوان السلبية ، فالافضل عدم ارتداء الثياب التي تصطبغ بتلك الألوان في حال المرض ، او الاعياء النفس او الذهني. كاللون الاسود ، والبني الغامق والرمادي الداكن والأزرق القاتم . اما اللون الابيض فهو حصيلة اندماج جميع الالوان لذلك قلما يضفي في الشخصية . على صعيد قد يؤثر لون معين في نفسية شخص دون آخر. اللون الأزرق مثلاً قد يريح شخص ما ويزعج آخر ، واللون الاخضر قد يدئ شخصاً ويثير آخر. وهكذا الحال مع بقية الالوان يعود سبب ذلك اما الى ذكريات قديمة طبعت نفسها في الوعي الباطني عبر دورات حياتية متتالية على الارض حتى باتت تؤثر في ذلك الشخص سلباً او ايجاباً ، أو الى عامل نفسي خاص استجد في الحياة الحاضرة.
الجديد ذكره :
ان تأثير الالوان يختلف من شخص لآخر ، حسب شخصية كل انسان من ناحية أخرى ان للالوان تأثيرها في مكونات الانسان الباطنية وبالتالي في شخصيته.
ولنفرض ان ذلك الشخص لم يملك في البداية سوى ذرة ارادة واحدة لكن ان هو استعان بتأثير القرمزي فسيكتسب ذرة جديدة أخرى ... وان هو نفذ ارادة هاتين الذرتين في حياته فانما ستقويان وتتثبتان في نفسه ، ويسهل عليهما بالتالي استجلاب المزيد من ذرات الإرادة تدريجياً عبر التطبيق العلمي وبمساعدة خصائص اللون القرمزي. هذا الاكتساب الجديد للإرادة سيغير من شخصية ذلك الشخص اذ ان شخصية انسان يتمتع بإرادة قوية تختلف عن شخصية آخر لا تعرف الارادة سبيلاً الى ذاته فشخصية الاول اكثر حضوراً وتألقاً واتكالاً على النفس من شخصية الثاني.
يستطيع المرء الاستعانة بالألوان وخصائصها ، شرط اقتران عمله بالتطبيق العملي كما جاء آنفاً لكن الاهم من هذا كله هو كيفية اكتساب تلك الخصائص التي يفتقر اليها الشخص ذاته فالأفضل لكل شخص ان يدرس نفسه بدقة وموضوعية ، متجرداً من التحيز والمحاباة والأنانية باحثاً عن النواقص في نفسه عاملاً على اكتساب ما يلزم. مستعيناً بالالوان ، دون ان يغفل عن التطبيق ، بذلك تقصر الطريق بينه وبين الاكتمال بميزات ذاته ، فبدلاً من ان ينتظر الوقت الذي سيجبره فيه قانون التطور المباشر منذ الان لاختصار الوقت والمجهود.
الخاتمة.
مثلما الطعام غذاء الجسد . كذلك الالوان غذاء الكيان الباطني في الانسان فلم لا يسعى المرء للافادة قدر المستطاع مما تقدمهُ الطبيعة من وسائل؟.
- وها هو الطب النفسي المعاصر ، على غرار بعض كهنه الماضي الغابر ، والأطباء القدامى يلجأ الى العلاج بواسطة الالوان في بعض الحالات المرضية فأن كانت الالوان تتمتع بهذه القدرة الشفائية ، وبصفات ذاتية معنوية فلم لا تفيد منها طالما انها هبة الطبيعة لراحتنا ؟ لكن لابد من التنويه هنا بأن اللون عادة ووفقاً لعلم النفس يساعد المرء عن طريق تأثيره في نفسه. لكنه لا يستطيع وحده تحقيق المراد أي شفاء المريض ، فهو ليس دواءً ناجعاً بحد ذاته ، بل لا منفعة ترجى منه لم يساهم بنفسه لاكتساب الصفات المعنوية ، والتخلص عملياً وحياتياً من المشاعر المكبوتة ، والعوامل النفسية الضارة وحتى الافكار السلبية التي تشوب شخصيته وكيانه ككل... فالطفل حين يستهل خطواته الأولى يحاول من تلقاء نفسه ان يقف على قدميه ويخطو ... أي ان الإرادة الفردية هي الحافز الذي ينطلق من الداخل اولاً ! الوالدان يمدان يد العون ويمسكا بيد طفلهما ليساعداهُ على تفادي السقوط وليكسباه الثة بالنفس لكنهما لا يجعلانه يسير بالقوة أو رغما عنه ، كذلك الامر بالنسبة الى الالوان هي تساعد لكنها لا تستطيع القيام بالعمل الذي يتوجب على صاحب الامر انجازه.
- فالالوان اشبه بالوسيط الكيمائي الذي يساعد في انجاز العمليات الكيمائية اذ انه يسرعها فقط . فاللون الاحمر سيساعد على اكتساب القوة والشجاعة والإرادة بل انه سيقوي الجرأة والإقدام في الاجسام الباطنية شرط ان يبدي المرء جهداً واجتهاداً للتخلص فعلياً من الخوف والخجل والتردد.
كيف يتم هذا العمل في باطن الانسان ؟ الجواب هو الوهي : فان وعي المرء نقطة ضعفه الخوف مثلاً ، واراد فعلاً التخلص منه ، وسعى جاهداً لذلك ... فان ارادته بالتعاون مع رغبته وسعيه الدءوب ، ستطبع نفسها في وعيه الباطني الذي بدوره سيبرمج عمله في الأجسام الباطنية ... بذلك يصبح الانسان جاهزاً باطنياً ولا ينقصه سوى الدعم الخارجي اذاً. باتت الاجسام الباطنية وطاقة تذبذباتها على أهبة الاستعداد لتنتهز اول فرصة مناسبة للسيطرة على الخوف والتخلص منه فما ان يلامسها اللون الاحمر حتى تباشر التفاعل معه وكأنها تستنجد به .
فالإرادة : والسعي والمثابرة هي العوامل الوحيدة للتخلص عملياً من الخوف والامر نفسه ينطبق على صفات الالوان الاخرى ، في ضد هذا الواقع الباطني ، كان يجري التطبيب علاجه قديماً ويتم اكتساب الصفات المعنوية ، والغايات التي يمكن تحقيقها بمساعدة كل لون. هذا وكان انسان الحضارات المندثرة يستفيد ايضاً من الالوان عن طريق ارتداء ذات نوع معين ، او تغطية الجسم مثلاً بملاءة ، أو ربما وضع وشاح على الرقبة ، أو حتى استعمال منديل أو قلم او أي شئ خاص آخر مطلي او يحمل اللون المراد اكتساب صفاته ... التنويه بذلك النوع من العلاج لا يعني التشجيع على عدم اللجوء الى الاطباء او عدم تناول الادوية والعقاقير عند الضرورة ، بل المقصود منه تعريف القراء الى ما تم التوصل اليه قديماً عن واقع اللوان الحقيقي وقائدتها وجوهرها وتأثيرها في الكيان البشري ، كما ان درب المعرفة الباطنية لا تفضل طريقة على أخرى ، او تفاصيل بين سبيل وآخر بل هي تدعو كل شخص لتختبر جميع السبل ليتمكن من اختيار الافضل والانسب له ، بعد الاطلاع على تأثير الالوان في النفس البشرية ، علماً ان هذا التأثير قد يكون سلبياً أو أيجابياً. وفق صفة كل لون كائن في ذات الانسان ، يتوضح لنا ، ان تأثير اللون في النفس يتباين تبعاً لمستوى وعي كل شخص ، فثمة اشخاص يتأثرون بالالوان اكثر من غيرهم ، كما ان هناك من لا يشعر بأي تغيير تفتعله الالوان في نفسه والى جانب هاتين الفئتين ، تبرز فئة ثالثة تؤثر الالوان في نفوسهم لا شعورياً او لا ارادياً دون الانتباه الى ذلك التأثير ... يعود سبب التباين في فاعلية هذه التأثيرات الى الشخص نفسه. ويمكن هذا السبب بالتحديد في هالته الاثيريه المحيطة بجسده. علماً ان الهالة ليست سوى وسيلة لتجمع الاجسام الباطنية بعضها الى بعض وايضاً لحمايتها من التأثيرات الخارجية. ففي حال كانت هذه الهالة ضعيفة متفككة ، أي غير متماسكة الذرات فان ادنى تأثير خارجي يجد طريقة بسهولة الى الكيان البشري في وضع كهذا يصبح المرء عرضة للتأثيرات تبعاً للوضع الخارجي... اذ سرعان ما يشعر بالايعاء ، او ببعض الآلام اذا ما وجد في محيط تشويه ذبذبات المرض وسريعاً ما تعرف الكآبة ، طريقها الى نفسه ان هو وجد بين اشخاص يشعرون بالكآبة الى ما هنالك من عوامل خارجية ، منها تأثيرات الالوان . فقد يشعر المرء فوراً بالكدر. أو الانزعاج عند رؤية الوان داكنة ، او بارتياح لدى مشاهدته الواناً مشرقة زاهية
اللون الزهري:
هو رمز الهدوء والطيبة والبراءة وايضاً رمز المودة الصادقة والحب المنزه عن أي مأرب شخصي ... ان أهم العوامل التي تضعف الاجسام التي يجب تفاديها ، او التخلص منها حتى لا تعود منفذاً سهلاً للسلبيات الى داخل كيانه هي الاتية:
1. الخوف: الخوف الشديد يفتعل في الجسم.
2. العصبية القوية التي من شأنها ان تمزق شفافية الهدوء.
3. الامراض التي تضعف الجسم وترهقه ، فحالات الارهاق الشديدة تضعف المقاومة.
4. الشرود الذهني والتشتت الفكري ، كذلك ضعف التركيز والابعاد عن الوعي الذاتي ، جميع هذه لحالات تجعل من الفكر شارداً ضعيف التركيز غائباً عن مكنونات وعيه.
وهناك عوامل اخرى تساهم في فقدان عناصر المقاومة الذاتية ولكن ما ذكرت يعتبر الاعمق تأثيراً ، لانه الاكثر انتشاراً بين البشر. على كل هدف من ذكر هذه العوامل هو توعية الانسان الى كل ما يدخل كيانه أو يخرج منه. يبقى ان نعلم كيف تؤثر الالوان جمعاء في شخصية الانسان وفي كيانه ككل.
منقول