في ذلك الليل .. أحست بأن حادثا ما سيقع .. أنفاسها كانت تسحبها بصعوبة .. شعرت بإن نبضاتها تلك ستتوقف مع رحيل روحها .. ولكنها أحضرت فرشاتها .. وألوانا زاهية .. بدأت ترسم لحياتها قوس قزح .. طيور تغرد لصباح مشرق ، و بحر ذا أمواج هادئة .. ولكنها وبدون قصد أخذت اللون الأسود بالفرشاة .. وراحت تملئ اللوحة به .
_ آآه .. أنه الحظ السيء .. يلاحقني أينما ذهبت .. رحماك يا الله من هذا المساء .
أرتمت هي و كل ذكرياتها على السرير .. تلملمها كغطاء كبير .. تلف بها جسدها .. تحتظنها كأم تخاف على أطفالها من الضياع .. أنهمرت على وجنتيها رذاذ الدموع.
_ آآه .. ليت لي لسانا يحكي .. و ليت لهم أذانا صاغية .
وبعد عراك طويل مع ذاك الشبح المسمى ب " الحنين " إستطاعت أن تغلبه بالنوم .. و ياااه .. كانت تتمناه نوم طويل بلا صحوة ولكن هذا هو المصير .. عليها أن تعيش فقط لإنها لم تمت !
أستيقظت على أثر ذاك الكابوس .. الذي كان يعطيها ذاك الملاك في قلبها ، في دنيا الخيال .. و يخبرها بصوت مخيف
" ياسيدة .. إن كل ما تنتظرينه قد رحل .. نعم أنه رحل .. رحل و لن يعود "
أبدلت ثوبها .. بلباس قد طلته بضحكات قديمة .. علها تبتسم بصدق لذاك الصحفي الذي كان ينتظرها ..
وصلت الى مكان اللقاء .. الناس كانوا مجتمعين ، الكاميرات الكثيرة .. الكل كان ينتظر مجيئها .. ليبدأ النقاش والنقد !
كانت تشعر بالأختناق .. لإنها كانت ترى الوجوه على حقيقتها .. كانت ترا النفاق .. الجهل .. والغباء يتطاير من عيون الجالسين .
بدأ الصحفي بطرح الأسئلة بعد ترحيب قصير .. كانت تجيب بإختصار شديد .. لإنها كانت تسمع تمتمات الجمهور ..
" ما هذا المظهر البسيط ؟ ولما ترتدي هذا الفستان الرخيص ؟ أين ذاك الكعب العالي ؟ و أين تلك المجوهرات ؟ و سيارتها ، هل قامت ببيعها ؟ "
أسئلة غبية كانت تثير غضبها .. كانت تحدث نفسها
" ليتني لم آتي .. فهؤلاء الناس سذج "
وبعد حديث طويل .. قال الصحفي
_ هذه آخر دقائق .. تحدثي بما شئت سيدتي
أطلقت تنهيدة و قالت
_ أ و تظنني أستطيع التحدث .. هل بالفعل أنا أقوى على الكلام
وطني يحترق بالدخان .. أنفاسي ملوثة .. وعقلي يمتلك أفكارا بائسة نقشت بغير إرادتي
ياسيدي الصحفي .. قد أتيت بوقت متأخر .. كي تقول بإن لي الحق أن أقول ماشئت .. فقلبي يحترق .. لم يبقى منه سوى رماد .. ألبسته حلة قديمة عليها غبار .. والناس في عرس كبير .. وعيناي يلفهما الضباب .. والناس في إنفتاح .
ياسيدي .. أ لم تعلم .. أنا أنثى و لا يحق لي الكلام ..
و بطلبك هذ .. أنت أصبحت خارجا عن القانون .. ملاحق من قبل السلطات .. أنت معارض .. وضد التقاليد والعادات
أترى هؤلاء الناس .. من صفقوا لي وأحبوا ذاك الحديث .. إنهم ليسوا سوى أقنعة تجلس على تلك الكراسي
سذج .. اغبياء
إنهم يحبون من يتسلط عليهم بإمواله .. وليس بقوة الحديث .
و ليتني أقوى على إكمال الكلام ..
فأنا يا سيدي الصحفي ..
أنثى .. موؤدة بطريقة جديدة !!