بيوت الله في الأرض المساجد؛ فقد قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36]، لهذا كان من تعظيم الله وتوقيره أن نحافظ على نظافة بيته وأناقته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحَفِّز المسلمين دومًا على تنظيف المساجد وتعطيرها والاهتمام بها؛ فقد روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: "أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ".

ومن باب أولى فإن على المسلم ألا يكون سببًا في تلويث المسجد بأي طريقة؛ وقد روى البخاري عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا".

وروى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، رَأَى فِي قِبْلَةِ المَسْجِدِ نُخَامَةً، فَحَكَّهَا بِيَدِهِ، فَتَغَيَّظَ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ حِيَالَ وَجْهِهِ، فَلاَ يَتَنَخَّمَنَّ حِيَالَ وَجْهِهِ فِي الصَّلاَةِ".

لهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ ويُقَدِّر مَنْ يسعى لتنظيف المسجد، وقد روى البخاري عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلاً أَسْوَدَ أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ، فَقَالُوا: مَاتَ. قَالَ: "أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ، دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ -أَوْ قَالَ قَبْرِهَا- فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا".

فلْيَسْعَ كلٌّ منَّا إلى تنظيف المساجد التي يرتادها، أو على الأقل لا يكون سببًا في اتِّساخها بشيء.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

المصدر : كتاب " إحياء354 " للدكتور راغب السرجاني