المتدينون و الدم ، علاقات مشبوهة .
=أحمد الحباسى=
لا تسمع عن هؤلاء الشيوخ المنتصبين في الفضائيات و في دور العبادة و في بعض جبال أفغانستان إلا خطاب الدم ، و لا نقرأ في “كتب” هؤلاء إلا الدعوات الصريحة المكررة للثأر بالدم و في خطب الشيخ القرضاوى مثلا لا أثر للخطاب الديني المتسامح أو الدعوة لحوار الثقافات و الأديان ، بل هناك إصرار متصاعد على نبذ الخطاب العقلاني للاتجاه نحو الخطاب الشيطاني بحيث صارت الدعوة لسفك دماء المسلمين قبل دماء الغربيين هي القاعدة و جوهر موضوع كل الخطب المتشابهة ، و نحن إذ نطرح هذا الموضوع و نعاين هذا الوضع فنحن نتساءل هل هؤلاء حقا شيوخ دين أم هم مجرمو حرب أم هم نتاج لثقافة الغلو و التطرف الديني .
نحن نعلم أن الجرائم التي يرتكبها المتدينون باسم الدين هي من أكثر الجرائم ترويعا عبر التاريخ ، و رغم أن هناك من يتساءل دائما كيف يرتكب متدين متشبع بالعلوم الدينية مثل هذه الجرائم البربرية الوحشية و كيف يمكن لرجل دين أن يحث على لغة الدم و الكراهية و كيف يمكن استخدام الدين الإسلامي كأداة و سبب و مسوغ للقتل فالغريب أن هناك من يستسيغ إهدار الدم و ممارسة القتل بدم بارد بالتزامن مع ترديد ” الله أكبر ” ، و هناك من يستسيغ تصوير هذه الجريمة النكراء ضد الإنسانية و ضد الدين و يريد أن يعطى لهذه الفعلة الخسيسة بعدا دينيا سواء بتبريرها كرد فعل ضد مظالم محتمله أو كقصاص عادل ضد الطغيان و الطغاة ، و لان هناك للأسف بعض العقول المريضة فقد يأخذ البعض هذه “الوثائقيات” عنوانا للالتحاق بدولة الخلافة بمن فيها من شيوخ الدم و جماعات الإرهاب .
أهل المنطق يعتبرون أن الدين هو عامل فاعل كمانع للإنسان من ارتكاب الأفعال الإجرامية أو المنافية للأخلاق ، و بذات المنطق فهو يعد عاملا مساعدا في عملية تهذيب العاطفة و بعث الطمأنينة بين الناس ، لكن ما يحدث على عرض و طول مساحة الأرض العربية يدفع إلى أكثر من سؤال و أكثر من إجابة لان أخشى ما نخشاه أن يصبح الدين عاملا مساهما في تبدل هذا المنطق بعد أن تحول كثير من أهل الدين و أصحاب العمائم إلى شياطين يفتقدون الرحمة همهم الحث على الكراهية و الانقسام و إباحة دماء الأبرياء باسم دين “تايواني” لم نسمع عنه من قبل و باسم فتاوى أحدثت على عجل من طرف فئة حقودة ظالمة تزعم الفضيلة و الإيمان ، و رغم محاولتنا التنسيب دائما من باب الموضوعية الفكرية فقد تملكنا الخوف لان من يقوم على هذه الفئة التكفيرية هو عالم تم تنصيبه على هيئة من كبار علماء المسلمين ( الشهير بـ يوسف القرضاوى ) .
الأخلاق هي نتاج الدين و التدين ، و هي بالنسبة للبعض جوهر هذا الدين ، لكن ما نلاحظه بالأذن ” المجردة” أن هناك من هؤلاء العمائم و الشيوخ من لا يستحى أن ينادى بالقتل و بتشريع الزنا و حث المحصنات عليه ، و فيهم من نادي جهارا بسحل الأبرياء و بهدم المعابد و بسبي النساء و الاعتداء عليهم بالفاحشة ، و فيهم من نادي بتهديم الآثار الحضارية و فيهم من أباح قتل غير المسلمين بدون رحمة ، ثم ماذا يفعل شيخ الشياطين القطري يوسف القرضاوى غير النداء للقتل ، و ماذا يريد البغدادي من أتباعه غير حرق الأخضر و اليابس ، و ماذا يبحث مرشد الإخوان في مصر غير مزيد إراقة الدماء و إحراق مصر ، ثم أليس من العجب أن يصلى الشيخ”القطري” بالمسلمين و هو من يدعو إلى الانقسام بينهم و كيف يقبل هؤلاء المناجون ربهم أن يصلى بهم ربان يدعو إلى الفتنة و الدم دون أن ينفضوا من حوله ، ألهذا الحد بات الخوف غالبا في النفوس و إلا هذا الحد باتت بعض العمائم قادرة على السطو على العقول .
على مر التاريخ لم نطالع بأن قطع الرؤوس من فضائل الأفعال ، و لم نتعلم من التاريخ أيضا أن الدين يمكن أن يتحول إلى مهنة يتاجر بها البعض أو يتم تصويره للناس على أنه السبب الوحيد في شقاءهم و إهدار دمهم ، من هنا ، لا يمكن أن نقبل بأن يتحول شياطين الفضائيات إلى بائعي أوهام باسم الدين أو مشعوذين يمنون الغير بالجنة ، لن نقبل أيضا أن يقف المثقفون عاجزين صاغرين عن مواجهة هذا الطوفان التكفيري النازح من بعض العقول ألاثمة ، لن نقبل بالتوازي أن يظن شبابنا أن الحاجة و الفقر بإمكانها أن تكون مطية و مخرجا للدخول إلى دين التكفير و مكاره الأفعال ، لان من ذهب إلى تلك الغابة الموحشة المتوحشة طوعا عليه أن يتحمل وزر انتصابه كقاتل إرهابي في سوق باتت اليوم وجهة كثير من الفاسدين و كثير من المتآمرين على هذه الأمة .
خاص بانوراما الشرق الاوسط -