القصّابة الوحيدة في واسط: الحروب انتهشت أربعة من أسرتي
القرطاس نيوز/ واسط
تنتهي الحروب، وتبقى مآسيها، تجترها أعوام يعيشها الآباء والأمهات، الذين يفقدون أبناءهم في جبهات حروب تأكل أحلام الشباب، وأتعاب المسنين
في واسط، واحدة من نساء عراقيات كثيرات، فجعن بفقدان أسرهنّ بالكامل، فجمعن بين الترمل بالأزواج، والثكل في الأولاد.
أم كمال، أرملة لزوج أخذته الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات إلى موت على الحدود، ثم انتهشت الحرب ذاتها ابنها البكر، ثم ابنها الآخر الذي أصيب بمرض عضال بسبب الحرب فمات خلال سنواتها، ثم فارقها ابنها الأخير في أحداث 2003.
ليس من الصعب أن تعمل امرأة كهذه في الجزارة، المهنة التي تتطلب جلادة قلب في ذبح المواشي وتقطيع أوصالها، حتى قلوب النساء تموت وتقسو، حين يفقدن زوجا وثلاثة أبناء.
وبعد سنين طويلة من الاشتغال بهذه الحرفة، لم تعد أم كمال تقوى على الاستمرار في القصابة، التي تتطلب جهدا عضليا، والعمر خطا بهذه العجوز على عتبة السبعين عاما.
لكنها لم تفارق السوق، سوق الأمير في مركز مدينة الكوت، فعملت في البقالة، ونقلت خدمات كفيها من توزيع ضربات السكين والساطور على "اللشة"، إلى انتقاء الفاكهة والخضراوات لزبائنها المعتادين على التبضع منها.
وتقول أم كمال لـ"القرطاس نيوز"، "أجيد ذبح المواشي وسلخها وتقطيع لحمها، لكنني كبرت، وتحولت إلى البقالة"، وتضيف "أحب العمل، لا أطيق قضاء يوم كامل في البيت، وافتخر بنفسي كعراقية واجهت الظروف الصعبة وأعلت نفسها وأسرتي، دون أحتاج يوما لمد يديّ لأحد"
ويقول المجاورون لها من أصحاب المحال في السوق، إنها مهذبة وشجاعة، نعتبرها مثلا في التعامل مع الآخرين، وهي المرأة الوحيدة التي كانت تمارس مهنة القصابة.