عراقيات يبعن الخضار في أحد أسواق بغداد
العربي الجديد/بغداد ــ علي العزاوي:بعد أن فقدت زوجها في أحد التفجيرات التي طالت العاصمة بغداد، وجدت الأم نفسها أمام مسؤوليتها الجديدة بحمل أعباء عائلة مكونة من عشرة، منهم طلبة وفتيات صغار السن..
واضطرت إلى البحث عن عمل، ولكن السوق ليس به أية فرص متاحة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، فخطر ببالها فكرة جديدة؛ وهي شراء ستوتة (عربة صغيرة على ثلاث عجلات) مخصصة لبيع الخضار والفواكه كما تقول، السيدة العراقية سهام عبد الحميد والملقبة بأم محمود لـ "العربي الجديد".
وتضيف أم محمود (50 عاماً) أنها انتقلت من بيع الخضروات إلى تجارة المواد الغذائية في سوق الجملة في منطقة العلاوي، وبعد فترة استطاعت أن تشتري متجراً صغيراً للبيع بالجملة والتجزئة"، لافتةً إلى أن "عمل المرأة في سوق جميعه من الرجال صعب جداً، ولكن الحاجة تجعل الإنسان يقفز على جميع المصاعب لتوفير لقمة العيش لهُ وللعائلة".
ولم تستسلم أم محمود وأصرت أن تجد لها مكاناً بين كبار التجار، واستطاعت أن تصعد تدريجياً في عالم البيزنس. وعن مستويات البيع والشراء في سوق الجملة ونشاطها التجاري تقول، إن هناك حركة جيدة في سوق العلاوي وسط العاصمة بغداد، وأنا أبيع كميات جيدة من المواد الغذائية يومياً، ولكن الأحداث الأمنية وما يجري في محافظات شمال البلاد والأنبار وصلاح الدين انعكس بشكل كبير على بيع المواد الغذائية؛لأننا نعتمد في مبيعاتنا على هذه المحافظات ، وهناك نوع من تكدس المواد الغذائية، وخاصة الأرز والسمن والطحين بسبب حالة الركود التي يعاني منها السوق، وتتراوح أسعار بيع كيس الأرز بحدود 50 ألف دينار والطحين بنحو 20 ألف دينار، والسمن يتراوح بين 20 ألفا وصولا إلى 40 ألفا.
وأضافت أن دخلها المالي بدأ يرتفع مع توسع نطاق العمل، حيث امتلكت متجراً ثانياً في سوق جميلة، وتديره بالتعاون مع إحدى بناتها البالغة من العمر 17 عاماً.
وتبين أم محمد أن أكثر من ثمانية عمال من سكان العاصمة يعملون معها في متجرها في الشحن والنقل والتوزيع، وأنها تدفع لكل عامل منهم ما يقارب 15 دولارا يومياً، والسبب سعة النشاط التجاري لها بعد أن كانت تقود "ستوتة" صغيرة.
من جانبه، يشدّد خبير الاقتصاد العراقي أحمد العزي في حديث لـ "العربي الجديد"، على أهمية المشاريع الصغيرة التي تعتبر مكملة للسوق التجارية، وتساهم في توفير فرص عمل للعاطلين عن العمل، وهذا ينطبق على قصة أم محمود، التي بدأت بائعة خضروات وفاكهة في السوق، إلى أن أصبحت مالكة لمشروعات توفر فرص عمل لآخرين؛ ما يعكس أهمية المشروعات الصغيرة في حل مشكلة البطالة التي يعاني منها العراق، والبالغة نسبتها 11%، من إجمالي القوة العاملة حسب الإحصائيات الرسمية.
ويضيف أن نسبة البطالة في العراق زادت بشكل كبير بعد أحداث العاشر من شهر يونيو/حزيران، بسبب تداعيات الأحداث الأمنية ووجود أكثر من مليونين ونصف نازح عراقي تركوا ديارهم وأعمالهم، مشيراً إلى أن تنفيذ مشاريع صغيرة سيكون لها مردود كبير خلال الفترة المقبلة.
ويؤكد أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وعلى الرغم من تخصيص موازنة لتنفيذ مشاريع صغيرة لشريحة العاطلين والأرامل والخريجين، ولكن أغلب تلك المشاريع والقروض الصغيرة يشوبها الفساد المالي والإداري، لأن أغلب القروض تذهب لأصحاب الواسطة الذين يملكون معارف في الدوائر الحكومية.
من جهته، قال وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقية محمد السوادني لـ "العربي الجديد"، إن "الوزارة لديها برنامج وتخصيصات مالية لتنفيذ المشاريع الصغيرة، ومنها التي تقدم للعاطلين. وأضاف أن الوزارة تقدم المساندة لأي مواطن يسعى إلى تأسيس مشروع صغير، حيث نطلب منه تقديم خطة المشروع، والهدف منه ثم نتابع الدعم المالي له"، كاشفاً أن نحو 880 ألف عائلة مشمولة ببرنامج الرعاية الاجتماعية، تستلم الدعم المالي عبر رواتب خصصتها الحكومة لهم، ولكننا نعاني من قيام أشخاص متقاعدين وموظفين يتسلمون رواتب، يتقدمون إلى مشاريع العاطلين في نفس الوقت.
ويواجه العراق مصاعب اقتصادية ومالية خانقة بسبب الاضطرابات الأمنية، دفعته إلى إقرار الموازنة العامة بقيمة 119 تريليون دينار عراقي (105 مليارات دولار) عجز الموازنة إلى 25 تريليون دينار (21 مليار دولار).