ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 250 ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ , ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ , ﻛﺎﻥ ﺃﻣﻴﺮ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﻴﻨﻎ ﺯﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻭﺷﻚ ﺃﻥ ﻳﺘﻮّﺝ ﻣﻠﻜًﺎ , ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﺰﻭﺝ ﺃﻭﻻً , ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ. ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﺇﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺓ ﻣﻘﺒﻠﺔ , ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﺠﺪ ﻓﺘﺎﺓً ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﺤﻬﺎ ﺛﻘﺘﻪ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ. ﻭﺗﺒﻌًﺎ ﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ ﻗﺮّﺭ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﺑﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻟﻜﻲ ﻳﺠﺪ ﺍﻷﺟﺪﺭ ﺑﻴﻨﻬﻦ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻋﺠﻮﺯ , ﻭﻫﻲ ﺧﺎﺩﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻟﻌﺪﺓ ﺳﻨﻮﺍﺕ , ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺕ ﻟﻠﺠﻠﺴﺔ , ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺤﺰﻥ ﺟﺎﻣﺢ ﻷﻥ ﺍﺑﻨﺘﻬﺎ ﺗﻜﻦّ ﺣﺒًﺎ ﺩﻓﻴﻨًﺎ ﻟﻸﻣﻴﺮ. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻬﺎ ﺣﻜﺖ ﺍﻷﻣﺮ ﻻﺑﻨﺘﻬﺎ , ﺗﻔﺎﺟﺌﺖ ﺑﺄﻥ ﺍﺑﻨﺘﻬﺎ ﺗﻨﻮﻱ ﺃﻥ ﺗﺘﻘﺪّﻡ ﻟﻠﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ﻫﻲ ﺃﻳﻀًﺎ. ﻟﻒ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﻗﺎﻟﺖ : (( ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺳﺘﻔﻌﻠﻴﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻳﺎ ﺍﺑﻨﺘﻲ ؟ ﻭﺣﺪﻫﻦّ ﺳﻴﺘﻘﺪّﻣﻦ ﺃﺟﻤﻞ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ ﻭﺃﻏﻨﺎﻫﻦّ. ﺍﻃﺮﺩﻱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺭﺃﺳﻚ! ﺃﻋﺮﻑ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﺃﻧﻚِ ﺗﺘﺄﻟﻤﻴﻦ , ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﺤﻮّﻟﻲ ﺍﻷﻟﻢ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﻮﻥ! )) ﺃﺟﺎﺑﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ : (( ﻳﺎ ﺃﻣﻲ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰﺓ , ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺗﺄﻟﻢ , ﻭﻣﺎ ﺃﺯﺍﻝ ﺃﻗﻞّ ﺟﻨﻮﻧًﺎ ؛ ﺃﻧﺎ ﺃﻋﺮﻑ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﺃﻧﻲ ﻟﻦ ﺃُﺧﺘﺎﺭ, ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﺮﺻﺘﻲ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻟﺒﻀﻊ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻷﻣﻴﺮ , ﻓﻬﺬﺍ ﻳﺴﻌﺪﻧﻲ - ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺃﻧﻲ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻗﺪﺭﻱ-)) ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ , ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ , ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺟﻤﻞ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ ﻗﺪ ﻭﺻﻠﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺼﺮ , ﻭﻫﻦ ﻳﺮﺗﺪﻳﻦ ﺃﺟﻤﻞ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﻭﺃﺭﻭﻉ ﺍﻟﺤﻠﻲّ , ﻭﻫﻦ ﻣﺴﺘﻌﺪﺍﺕ ﻟﻠﺘﻨﺎﻓﺲ ﺑﺸﺘّﻰ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻨﺤﺖ ﻟﻬﻦ. ﻣﺤﺎﻃًﺎ ﺑﺤﺎﺷﻴﺘﻪ , ﺃﻋﻠﻦ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺑﺪﺀ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻭﻗﺎﻝ : (( ﺳﻮﻑ ﺃﻋﻄﻲ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻜﻦ ﺑﺬﺭﺓً , ﻭﻣﻦ ﺗﺄﺗﻴﻨﻲ ﺑﻌﺪ ﺳﺘﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﺣﺎﻣﻠﺔً ﺃﺟﻤﻞ ﺯﻫﺮﺓ , ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺇﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼﻴﻦ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ )). ﺣﻤﻠﺖ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺑﺬﺭﺗﻬﺎ ﻭﺯﺭﻋﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﺻﻴﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺨﺎﺭ , ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺎﻫﺮﺓ ﺟﺪًﺍ ﻓﻲ ﻓﻦ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ , ﺍﻋﺘﻨﺖ ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﺔ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺎﺓ ﻭﺍﻟﻨﻌﻮﻣﺔ – ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻷﺯﻫﺎﺭ ﺇﺫﺍ ﻛﺒﺮﺕ ﺑﻘﺪﺭ ﺣﺒﻬﺎ ﻟﻸﻣﻴﺮ , ﻓﻼ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻘﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ- . ﻣﺮّﺕ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ , ﻭﻟﻢ ﻳﻨﻢُ ﺷﻲﺀ. ﺟﺮّﺑﺖ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺷﺘّﻰ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ , ﻭﺳﺄﻟﺖ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻭﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﻓﻌﻠّﻤﻮﻫﺎ ﻃﺮﻗًﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺟﺪًﺍ , ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ. ﻳﻮﻣًﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ ﺃﺧﺬ ﺣﻠﻤﻬﺎ ﻳﺘﻼﺷﻰ ، ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺣﺒّﻬﺎ ﻇﻞ ﻣﺘﺄﺟﺠًﺎ. ﻣﻀﺖ ﺍﻷﺷﻬﺮ ﺍﻟﺴﺘﺔ , ﻭﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﺷﻲﺀٌ ﻓﻲ ﺃﺻﻴﺼﻬﺎ. ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ ﺷﻴﺌًﺎ ﺗﻘﺪّﻣﻪ ﻟﻸﻣﻴﺮ , ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺍﻋﻴﺔً ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻟﺠﻬﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﺒﺬﻭﻟﺔ ﻭﻹﺧﻼﺻﻬﺎ ﻃﻮﺍﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪّﺓ , ﻭﺃﻋﻠﻨﺖ ﻷﻣﻬﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺳﺘﺘﻘﺪﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻼﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻋﺪ ﻭﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪَّﺩﻳﻦ. ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭﺓ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﻓﺮﺻﺘﻬﺎ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻟﺮﺅﻳﺔ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ , ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗﻨﻮﻱ ﺃﻥ ﺗﻔﻮﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ. ﺣﻞّ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ , ﻭﺗﻘﺪّﻣﺖ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﻣﻊ ﺃﺻﻴﺼﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻧﺒﺘﺔ , ﻭﺭﺃ ﺕ ﺃﻥ ﺍﻷﺧﺮﻳﺎﺕ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﺣﺼﻠﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺟﻴﺪﺓ؛ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﺯﻫﺎﺭ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﻦ ﺃﺟﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﺮﻯ , ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﻭﺍﻷﻟﻮﺍﻥ. ﺃﺧﻴﺮًﺍ ﺃﺗﺖ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﺮﺓ. ﺩﺧﻞ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻭﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻛﻞٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﺎﺕ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻭﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ. ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻣﺮّ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ, ﺃﻋﻠﻦ ﻗﺮﺍﺭﻩ , ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﺑﻨﺔ ﺧﺎﺩﻣﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ. ﺍﺣﺘﺠّﺖ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻗﺎﺋﻼﺕ ﺇﻧﻪ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺰﺭﻉ ﺷﻴﺌًﺎ. ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﺴّﺮ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺳﺒﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﻗﺎﺋﻼً : (( ﻫﻲ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺯﺭﻋﺖ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﺟﺪﻳﺮﺓ ﺑﺄﻥ ﺗﺼﺒﺢ ﺇﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺓ ؛ ﺯﻫﺮﺓ ﺍﻟﺸﺮﻑ. ﻓﻜﻞ ﺍﻟﺒﺬﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻄﻴﺘﻜﻦّ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻘﻴﻤﺔ , ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻨﻤﻮ ﺑﺄﻳﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ))