دِقَہღ قَلُبْ
تاريخ التسجيل: April-2014
الجنس: أنثى
المشاركات: 26,677 المواضيع: 2,578
صوتيات:
33
سوالف عراقية:
0
آخر نشاط: 27/June/2023
الدراما السّورية: إلى أينَ النّزوح؟ مسلسلات وممثلون مترحلون في تركيا والإمارات و
من جديد تنزح الدراما السوريّة وتلجأ ولا تقف مستسلمةً لواقع الحال، أو واقع الدّم والحرب إن صحّ التعبير، «بيروت وعمّان ودبي» كانت أبرز الدّول التي استضافت الدراما السّوريّة وصُنّاعها، صحيح أنّ تلك الأراضي لم تكن أراضٍ بتلك الخصوبة التي تتمتّع بها أرض الشّام بتنوّعها وتراثها وصحرائها وروحها، ولكن شيء أفضل من لا شيء.
يكسرُ المخرج السوري القدير هيثم حقّي القاعدة هذا العام، ويختار بلداً جديداً للتصوير، لتكون تركيا هي الوجهة الجديدة لنزوح لدراما السّوريّة، حيث بدأ مؤخّراً بتصوير مشاهد مسلسله الجديد «وقت مستقطع» الذي حمل سابقاً اسم «وجوه وأماكن»، وقد قام بالمشاركة بكتابته مع كل من الكاتبين السّوريّين خالد خليفة وغسان زكريا.
يحمل العمل نَفَساً جديداً، سيّما أنّه يتناول الحدث السوري الرّاهن، وليس الجديد هنا تناول الحدث السّياسي في عمل درامي، فكثير من الأعمال السورية حاولت أن تكون قريبة مما يحصل اليوم في البلاد المشتعلة، ولكن الجديد هنا أن يحمل هذا العمل توقيع مخرج سوري معارض، وتقوم ببطولته واحدة من أكثر الفنانات اللاتي حملن لواء الثّورة منذ بدايتها، والمقصودة هنا الفنانة السورية يارا صبري.
يارا التي غابت عن المشهد الفني والإعلامي تماماً منذ بداية الثّورة في سوريا، وحطّت رحالها في الإمارات العربية المتّحدة إلى جانب زوجها الفنان والمخرج السوري ماهر صليبي، تعود اليوم إلى الشّاشة من جديد بعد غيابها منذ العام 2011، حيث كان آخر عمل قدّمته هو مسلسل «جلسات نسائيّة» الذي تمّ تصويره في دمشق وحمل توقيع المخرج السوري المثنى صبح، وفي حين جسّدت وقتها دور الزّوجة العاقر، ستطل اليوم بشخصيّة المحاميّة وستكون إطلالتها مفاجِئة لجمهورها، حيث تظهر للمرّة الأولى بشعر قصير جداً.
يطرح مسلسل «وقت مستقطع» الذي يجري تصويره في مدينة مرسين التركية، ثلاث حكايات تصف حال السوريّين اليوم وهمومهم وتشرّدهم، وحال البلاد والأحداث المشتعلة فيها، وما آلت إليه الثورة، والعودة بها إلى أصلها كثورة من أجل الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية، ويُعيد هذا العمل المخرج هيثم حقّي إلى الإخراج بعد حوالي ثماني سنوات من ابتعاده عن الدراما السّوريّة، حيث كان آخر عمل قدّمه «ولاد القيمريّة» بالعام 2008.
إذاً سيكون «وقت مستقطع» هو العمل السوري الأوّل الذي اختار تركيا مكاناً لتصويره، وبالعودة إلى الأعمال السّورية التي تمّ تصويرها خارج البلاد، تبدو الأعمال الاجتماعية المعاصرة مستأثرة بالمشهد الدرامي، ولاتزال بيروت هي الوجهة الأولى لهذه الأعمال التي تحاول في مجملها أن تُلامس مشكلات ويوميات المواطن السوري ولكن عن بُعد، وكان أبرز تلك المسلسلات خلال العامين المنصرمين «قلم حمرة» للمخرج حاتم علي، و»سنعود بعد قليل» للمخرج الليث حجو، و»حلاوة الروح» للمخرج شوقي الماجري، وضمن قائمة أعمال دراما رمضان 2015 يبرز المسلسل السّوري «غداً نلتقي» للمخرج رامي حنّا، ويجري تصويره حالياً في بيروت.
أمّا دبي، فكان نصيبها من الأعمال السورية، الأعمال الكوميدية «اللايت»، مثل الجزء الرابع من مسلسل «صبايا» الذي تم تصويره كاملاً في دبي وذلك لاستحالة التصوير في سوريا، وسهّل تصويره هناك الفرصة دخول ممثلات عربيات إلى واجهته مثل الفنانة الإماراتيّة رؤى الصبّان، والفنانة اللبنانية بريجيت ياغي، إلى جانب نجماته السوريات ديما بياعة، جيني إسبر، وكندة حنا.
ومن الدّول التي لجأت إليها الدراما السورية أيضاً العراق وتحديداً في العام 2013 عبر المسلسل السوري العربي المشترك «حفيظ» للمخرج السوري سامي جنادي وكان من بطولة أيمن زيدان، مرح جبر، ونادين قدور، ولكن منذ ذلك الوقت لم تُكرّر التجربة الدراميّة في العراق الذي لا يُعتبر أصلاً بلداً مغرياً لتصوير الأعمال الدرامية سواء العربية أو المحليّة، فحتّى المسلسلات العراقية «على قلّتها» هجرت أرضها ولجأت للتصوير في الدول العربية المجاورة، بعد الاجتياح الاميركي لبغداد عام 2003 وانعدام الاستقرار الامني فيها من وقتها، وإرهاقها بالتّفجيرات والسّيارات المفخّخة.
وفي الجزائر كان للدراما السورية نزوح أيضاً، فلأوّل مرّة في تاريخ الدراما السوريّة، يتمّ تصوير عمل دراميّ كامل في الجزائر، فقد شهد عام 2013 تصوير المسلسل الكوميدي الساخر السوري الأشهر «مرايا»، الذي لم يسخر من الوضع القائم فحسب، بل سخر أيضاً من الحدود وخرج من أرضه الشاميّة لأوّل مرة منذ العام 1982 ، وقدّم مجموعة من السكيتشات كان بطلها الفنان ياسر العظمة كما العادة، أما الإخراج فكان تحت إدارة المخرج السوريّ عامر فهد،.
أما أعمال البيئة الشاميّة التي تأخذ الحيّز الأكبر من الأعمال السورية كحال كل عام، فهي الأبعد عن اللجوء المكاني منذ بداية الأحداث في سوريا وحتى اللحظة، حيث يتم تصوير مجمل أعمال البيئة في حارات دمشق القديمة، باستثناء مسلسل «حمام شامي» للمخرج مؤمن الملّا الذي يعتبر أوّل مسلسل بيئة شاميّة يتم تصويره في أبو ظبي، في مدينة افتراضية تم بناؤها على الطراز الشامي القديم لتتلاءم مع بيئة العمل.
مُدناً افتراضيّة كانت، أم حارات بيروتية وعمّانيّة ربّما نجح فيها المخرجون بإيجاد الشكل المكاني المُقارب للشام، لكنهم فشلوا في إيجاد روحها، ومع ذلك فهم مستمرّون منذ أكثر من أربع سنوات في تصوير أعمالهم خارج الأراضي السورية التي باتت مناطق محرّمة على عدد من الفنانين المعارضين، ومناطق غير آمنة بالمقابل لعدد من الفنانين السوريين الذين لا يخشون العودة إلى سوريا سياسياً وإنما يخشونها أمنياً، ويجدون في التصوير فيها مخاطرة بأرواحهم في ظل الأرواح السورية التي تُزهقً يومياً ويسيل دمها في دراما حمراء لم يستطع أحد إيقافها حتى اللحظة ..
إذاً كان ما كان من دمار في سوريا شمل البشر والحجر، وعلى سيرة الحجر فلا أحجار في سوريا تصلُح للدراما، لذا كان لزاماً على المخرجين التّجول بين أحجار وصخور ليست من طينة التّراب السوري، فكانت أعمال هؤلاء المخرجين أيضاً ليست من طينة المجتمع السوري، وعلى المتلقّي أن يعذر أو لا يعذر فهذا جهد المخرج المُقلّ، ولا تُكلّف الثورة السورية عين المخرجين إلا وسعها…