لم يكن من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُصَلِّيَ نافلةً قبل صلاة الجمعة؛ إنما كان يُصَلِّي فقط ركعتي تحية المسجد، ثم يجلس في انتظار الصلاة، فإذا حان الوقت صعد المنبر، وأُذِّن للصلاة، ثم خَطب الخطبة، وصلَّى بعدها بالناس، ثم شرع بعد ذلك في صلاة نافلة الجمعة؛ وهي إمَّا أربع ركعات، أو ركعتان فقط؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا".
وروى مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ".
وجمع سُهيل بن أبي صالح -وهو من رواة الحديث- الاختلاف في الحديثين في تفسيره؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَصَلُّوا أَرْبَعًا". زَادَ عَمْرٌو فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: قَالَ سُهَيْلٌ: "فَإِنْ عَجِلَ بِكَ شَيْءٌ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَكْعَتَيْنِ إِذَا رَجَعْتَ".
فكأن أقلَّ السُّنَّة أن تُصَلِّيَ ركعتين، وأتمها أن تُصَلِّيَ أربعًا، وفي كلٍّ خير، فلنحرص على هذا الترتيب، بألا نُصَلِّيَ نوافل قبل صلاة الجمعة، ونكتفي بركعتي تحية المسجد، ثم نُصَلِّي ركعتين أو أربعًا بعد صلاة الجمعة، وهذا هو فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

المصدر : كتاب " إحياء354 " للدكتور راغب السرجاني