غالبا ما نسمع عبارة فتح صندوق بندورا. ربما الاستخدام في اللغة الإنجليزية أكثر مما هو في اللغة العربية، وهي تعني أن المرء أحيانا يتورط في حالة لا يمكنه التحكم بمجرياتها وخارجة عن سيطرته. لذلك فهي عبارة تستحقتوضيح أصلها.
قصة صندوق بندورا وردت كأسطورة في الميثولوجيا اليونانية.
بعد أن قدم البطل الاغريقي الشهير بروميثيوس خدمة كبيرة ل"زيوس " كبير الآلهة الاغريق ، كافأ زيوس بروميثيوس مكأفاة جزيلة بأن وهبه الارض كلها . وحين صار بروميثيوس مسؤولا عن الارض قرر ان يعلم الإنسان اشياء كثيرة حتى انه خرق في سبيل هذا كثيرا من قواعد " سادة الأوليمب "، وسرق سر النار من الآلهة وعلمه للبشر، فصار البشر قادرين ان يشعلوا النار ويستخدموها . وفي أحد الأيام وخلال مأدبة أغضب بروميثيوس زيوس فقرر الأخير أن يعاقبه بصرامة للانتقام منه. .
كلف زيوس هيفايستوس، إله الحدادين وسيد الحرف، بخلق امرأة جميلة لا يقاومها إله أو إنسان. ولإنجاز هذا العمل الفذ اتخذ هيفايستوس أفروديت، إلهة الحب، نموذجا. تم صب امرأة من التراب والمياه ، وعندما أصبح الجسم جاهزا، نفخ أربعة رياح الحياة فيه. ثم قام جميع آلهة الأولمب بوهبها شيئا. أعطتها أفروديت جمالا لا مثيل له ،والتألق والرغبة. أعطاها هيرميس، الإله المرسال ، المكر، والعقل المخادع واللسان البارع. أثينا قدمت لها الملبس وعلمتها مهارة اليدين. بوسيدون منحها عقدا من اللؤلؤ من شأنه أن يمنعها من الغرق. أبولو علمتها العزف على القيثارة والغناء. زيوس قدم لها الطبيعة الحمقاء، الأذى والخمول وأخيرا وليس آخرا، وهبتها هيرا لها أهم هدية، وهي الفضول. وهكذا، ولدت أول امرأة فانية، ثم نزلت إلى الأرض. كان اسمها باندورا، وهذا يعني الكلية المواهب التي حصلت عليها من الآلهة. أعطاها هيرميس صندوقا مذهبا منحوتا بشكل جميل، هدية من زيوس مع تحذير واضح بأنها يجب ألا تفتحه أبدا ،ومهما حصل. ثم قدمت كهدية لإيمثيوس، الاخ غير الشقيق لبروميثيوس الذي كان نبه أخاه ألا يقبل أي هدية من زيوس. كان بروميثيوس يدرك جيدا أن زيوس كان لا يزال غاضبا معه لوقاحته وسيحاول الانتقام منه. ومع ذلك، كانت نظرة واحدة من إيمثيوس على باندورا كافية كي يقع في حبها بجنون ويتزوجها دون تفكير أو تردد. جاء هيرميس لحضور حفل الزفاف وقال لإيمثيوس أن باندورا هدية من زيوس، عارضا السلام ومؤكدا أن رئيس الآلهة لا يكن أي مشاعر سيئة لبروميثيوس. صدق أيمثيوس وكأن مشورة بروميثيوس سقطت على آذان صماء. مرت الأيام بسعادة ، ولكن كانت بندورا غير قادرة على التخلص من فكرة ثابتة وهي ما الذي يحويه الصندوق؟ وفي كل مرة، كانت تذكر نفسها أنها تعهدت ألا تفتح الصندوق أبدا. ولكن هدية هيرا التي كانت الفضول تغلبت عليها وقررت أن تلقي مجرد نظرة سريعة في الداخل. وعندما رفعت الغطاءقليلا سمعت صوت هسهسة وانطلقت رائحة فظيعة في الهواء من حولها. حاولت إغلاق الغطاء ولكن بعد فوات الأوان. فقد انطلق الشر والحقد والشرور التي حبسها زيوس في الصندوق. فهمت بندورا أنها كانت مجرد بيدق في لعبة الآلهة الكبيرة. لقد أخفى زيوس في هذا الصندوق المذهب كل ما من شأنه أن يصيب الإنسان إلى الأبد: المرض، والموت، والاضطراب، والصراع، والغيرة والكراهية، والمجاعة، والعاطفة . الشيء الجيد الوحيد الذي وضعه داخل الصندوق كان الأمل الذي سيكون طاقة النجاة الوحيدة وسط الحفرة التي يعيش فيها الإنسان إلى الأبد.
العبارة الحديثة "صندوق باندورا" مستمدة من هذه الأسطورة.تستخدم للتدليل على عمل ما أثار الكثير من الشرور، تماما مثل عمل باندورا في إطلاق جميع الشرور الإنسانية. ومع ذلك، على الرغم من هذه الشرور، نحن البشر لا يزال لدينا الأمل لتشجيعنا.
أوجه التشابه بين باندورا وحواء كثيرة مع اختلافات بسيطة . في القصتين ، المرأة مخادعة وبالتالي هي المسؤولة عن كل شر في هذا العالم !!
للأسف لا يزال البعض في عصرنا هذا ينظر إلى المرأة بنفس الطريقة.