مسؤولية الطبيب عن الأخطاء الناجمة عن التخدير والأنعاش
المقدمة
أسهم التطور العلمي و التقدم في مجال الطب إلى إكتشاف العديد من الأدوية والعلاجات الطبية التي ساهمت بعد الله تعالى في شفاء الأنسان , إلا أن هذا الإكتشاف لم يتوقف عند هذا الحد ألا وهو شفاء الأنسان و أنما سعى كذلك إلى إكتشاف وسائل عديدة تخدم الأنسان في التخلص من الآلمه أو على الأقل التخفيف منها , لذلك عمل العلماء منذ القدم على محاولة إكتشاف الأدواء التي تسهم في التخفيف من الآلم الذي قد لا يتحملها الانسان اذا لم يستعملها فها نحن نرى العلماء يعملون من غير كلل أو ملل من أجل إكتشاف أكثر الوسائل راحة لكي تساعد الانسان على التخلص من محنته , لذلك تم اكتشاف المخدر أو ما يسمى بالبنج وهو يعمل على ازلة الأحساس والشعور بالآلم ,إلا أنه ظهر مصارع جديد يصارع إكتشاف العلماء ويقلل من الجهد الذي بدلوه من أجل التقليل من الآلم الأنسان ألا وهي أخطاء الأطباء التي أصبحت كالوباء تنتشر بسرعة دون حسيب أو رقيب عليها أو ضمير حي يحس بألالم الغير , إلا أن القانون كان الحل الوحيد لهم وللحد من أخطائهم ولكن ما زالت هذه القوانين رؤوفة بالأطباء ألا أنها هي السبب في ذلك والسبب يعود الى ماذا الخوف من أرهابهم مما يبعث في نفوسهم الخوف فلا يؤدون عملهم بأتقان نتيجة الخوف والوقوع في الغلط ومن ثم المحاسبة , أما ما يخصنا وهو المشرع الاردني فمازالت قوانينه في هذا الجانب فتية وربما لم تولد بعد غير ما نصه من بعض المواد في دستوره الطبي والتي لا تتعدى الواحد بالمائة من النصوص الواجب توافرها في هذا الأختصاص بالذات وهو الأختصاص الذي يتعلق مباشرة بذاتية الأنسان وحياته وأدميته ,حيث أن ما نتج في بحثنا هو أجماع من الأطباء على أن الأيدي البشرية هي الأساس في الخطأ وليس ما أخترعت يداه من دواء , والتي من بين هذه الادوية مادة التخدير وجهازة الانعاش ومسؤولية الطبيب عنهما .
المبحث الأول : لمحة عن التخدير والإنعاش
الفقرة الأولى : ما هية التخدير والإنعاش
يستخدم التخدير بشكل واضح في العمليات الجراحية أو الكسور أو علاج الأسنان وغيرها من الأمراض الكثير التي يكون فيها الآلم شديداً من أعرض هذه الأصابات لذلك لجئ الطب إلى مثل هذا الدواء الذي يساعد في التخفيف على المريض من آلمه إلا أن هناك أنواع مختلفة وأدوية مختلفة من المواد المخدرة وقبل أن نتعرض إلى أنواع التخدير وطرقه نتطرق الى التعرف على ماهية التخدير ؟
التخدير بشكل عام هو فقدان الحواس والوعي في آن واحد وهو ما يسمى بالتخدير العام وعاد يستخدم في العمليات الجراحية الكبيرة التي يتطلب فيها فتح المعدة أو إجراء عملية في القلب بشق الجلد والأوعية الدموية , مما ينتج عنها آلالم كبيرة لا يستطيع الأنسان الواعي تحملها سواء كان صغيراً ام كبيراً لذلك يلجئ الأطباء الى هذا النوع من التخدير وهذا أحد أنواع التخدير , ويقول الدكتور كريستوف شتاين استشاري التخدير في جامعة شاريتيه في برلين من جانبه أن التخدير هو ما يحتاج إليه المريض قبل دخوله لغرفة العمليات بهدف تخفيف الألم، ومن ثم فقدان الوعي خلال إجراء العملية، أضافة الى مساندة الأعضاء الحيوية مثل القلب والرئتين , أما طرق أستخدام التخدير العام يكون عن طريق الحقن أو عن طريق الفم , إلا أن هنا نوعين أخرين أحدهم هو التخدير الموضعي والذي يعمل على أزالة الأحساس والشعور بآلالم دون فقدان الوعي وهو الذي يستخدم عادة في العمليات التي لا يتطلب فيها الأنسان إلى فقدان وعيه وذلك لعدم تأثر الجسم بها بشكل كامل وأنما يكون لها تأثير على العضو المعرض مباشرة الى البنج أو المادة المخدرة وأقرب مثال إلى ذلك هو عمليات الأسنان من خلع للسن أو ازالة العصب الحسي للسن والتي لا تتطلب تخدير لكامل الجسم وأنما المنطقة التي سوفى تجرى لها العملية, حيث أن هناك طرق مختلفة للتخدير الموضعي منها ما يكن بالمس هو أن توضع قطعة من القطن مشبعة بالمحلول المخدر فوق المكان المراد تخديره لبضعة دقائق حتى يبطل الحس فيه , اما في طريقة أخرى وهي التخدير بالأرذاذ وطريقة عملها رش رذاذ المادة المخدرة على المكان المراد تخديره , وطريقة التخدير الموضعي بالتبريد وغيرها من الطرق الكثيرة في التخدير, اما النوع الثالث والأخير من أنواع التخدير هو التخدير النصفي والذي يكون بالحقن حول النخاع الشوكي والذي يؤدي الخطا فيه الى الشلل , لذلك يجب أتباع الأسس العلمية في أتباع أي من الأنواع أو الطرق والتي تبقي حالة المريض الفيزيولوجية على حالها دون تغير وتأمين الظروف المناسبة , وهذه الظروف من أهم المواضيع التي يجب مراعاتها قبل البدء في عملية التخدير منها تهيأة المريض النفسية لأن البنج او المخدر يقتضي من الطبيب العمل بحذر للتأكد من قابلية المريض على تحمله ام لا , إلا أن عمل الطبيب او أخصائي التخدير هو عمل مزدوج وهو التخدير والإنعاش , لذلك عليه واجب اخر يقوم به غير عملية التخدير إلا وهي عملية الإنعاش إنعاش المريض بعد الأنتهاء من تخديره , ومفادها أن يعمل الطبيب على جعل المرض في حالة تنفس الى حين انتهاء مفعول التخدير او الأنتهاء من العملية حيث يكون ذلك بواسطة أجهزة تساعد على التنفس الأصطناعي والسبب في ذلك أن المخدر يعمل على أرخاء العضلات بما في ذلك الرئتين , والتي كان يتم إنعاشها عن طريق اليد , ولكن مع التطور تم صنع أجهزة خاصة من أجل هذه العملية بصورة أسهل وأدق , لذلك يجب مراقب المريض بعناية حيث يقول الدكتور كريستوف شتاين تكمن أهمية مراقبة المريض بعد تناوله للمادة المخدرة في مراقبة عمل أعضاء الجسم الحيوية كالدماغ والرئة والتنفس, حيث أن هناك عدة أساليب للتنفس الصناعي تختلف عن التقليدي ، كذلك توفر أخلاقيات انعاش القلب والرئة بعد الانتهاء من العملية.
الفقرة الثانية : لمحة تاريخية
سعى الإنسان منذ أن وجد إلى التخفيف من آلم الأمراض التي تصيب جسمه من كسور وجروح ورضوض وغيرها الكثير من الأمراض, لذلك قام بإستخدام وسائل عديدة تساعده إلى التوصل إلى طريقة للتخفيف عنه , فقد إكتشف ما هو نافع وجدي وما هو غير نافع قبل التوصل إلى إكتشاف الأدوية الحديثة الموجودة في وقتنا الحاضر, حيث إكتشفت العصور السابقة بعض الأعشاب والأدوية الشعبية التي تساعد على التخفيف من آلالم والتي كانت تتناول إما عن طريق الفم وإما عن طريق إستنشاق أبخرتها بقصد إبطال الحس, والتي كان منها القنب الهندي وعصير الخشخاش , إلا أنه بعد فترة من ذلك تم أستعمال الكحول بمقادير كبيرة والتنويم المغناطيسي , إلا أن التطور العلمي والتقدم في مجال العلوم الطبية أدى إلى إكتشاف أدوية عالية الجودة والفعالية وكان أول إكتشاف على يد هوراس ويلز في سنة 1844 م حيث إكتشف مادة تعمل على التخدير بواسطة غاز أول أكسيد الآزوت وكان ذا فعالية كبيرة في التخدير الموضعي , حيث توالت بعد ذلك الأبحاث بشكل كبير على العمل من أجل مواد أخرى , إلى إن تم إكتشاف مادة الكوكائين والتي كانت ذا فائدة كبيرة ولكن من ناحية أخرى كان لها أثار سلبية خطيرة , لذلك عمل الباحثيين الكيميائيين على الاستعاضة عنه بمادة مشابهة لمادة الكوكائين تتمتع بنفس خواصه ولكن ليست لها مخاطر وأثار سلبية وكان ذلك في عام 1905 م على يد العالم الفردانهورن والتي حلت محلها بسرعة كبيرة , أما في السنوات القليلة الماضية تم إكتشاف وتصنيع مواد عديدة تخديرية أغلبها تعتمد في الأساس على مادة كيميائي واحدة وهي البارا امينو بتزويك أسد , أما العرب فقد كانت لهم طرق خاصة بهم بعيداً عن المواد المسكرة التي كان يستخدمها اليونانيين والرومان على أعتبار أنها مواد محرمة لذلك كانت لهم طريقتهم الخاصة " أستعمل العرب الأسفنجة المخدرة هو فن عربي بحت بحيث لم يعرف من قبلهم وكانت تحضر بواسطة قطعة من الأسفنج من عصير الحشيش والأفيون ونبات البنفسج ثم تجفف هذه القطعة في حرارة الشمس وعند الأستعمال ترطب الأسفنجة بالماء وتوضع على أنف المريض فتمتص الأنسجة المخاطية المواد المذكورة أي كانت تعمل عملها المخدر ويدخل المريض في سبات عميق يحرره من اوجاع العملية الجراحية " .
الفقرة الثالثة : أخطاء ومضاعفات التخدير
كما ذكرنا سابقاً فإن التخدير يعد من أهم الإعجازات العلمية التي تحققت في المجال الطبي ، حيث ساهم في تسهيل علاج المرضى والتخفيف من آلمهم الناتجة عن العمليات الجراحية والتي لو أجريت لهم الجراحة من دون تخدير لكانت هناك صعوبة لدى المريض في تحمل الوجع ، لذلك يتم العمل على تخدير المريض سواء كان هذا التخدير عام أو موضعي أو نصفي قبل مباشرة العمل الجراحي ، إلا أنه يجب إتباع الأسس العليمة قبل البدء في عملية التخذير من جميع جوانبها من ناحية صحية وذلك بأخد التحاليل عليه للتأكد من قابليته لتحمل التخدير والكمية التي يحتاج لها , غير ذلك لا بد من التأكد من كافة إجراءات السلامة والتي من أهمها جهاز الإنعاش الذي يعتبر الأساس لأنه اذا لم ينعش الإنسان خلال أربع دقائق من أعطاءه البنج فإن حياته تتعرض للخطر وذلك كما ذكرنا سابقاً بسبب إرتخاء العضلات , لذلك لابد من التأكد من سلامة الأجهزة الأخرى من منضدة ومعدات تستعمل قبل العملية , من ذلك ان القضاء حمل الطبيب المسؤولية نتيجة سقوط المريض عن المنضدة بعد إجراء العملية وقبل إفاقته من البنج نتيجة لتحرك المريض مما سبب له كسر في يده وذلك لعدم مراقبة الطبيب للمريض بعد العملية , لذلك يحتاج إلى وسائل فائقة العناية للتأكد مسبقاً من أن حالة المريض تتحمل وضعه تحت التخدير حتى لا يصاب بأية مضاعفات ناتجة عن سوء التخدير والتأكد من سلامة الأجهزة التي ستستعمل أو التي ستدخل في إجراء العملية أي كان نوعها .
حيث أجمع الأطباء من مختلف العالم المختصين في طب التخدير في مؤتمر دبي الدولي للتخدير والعناية المركزة كافة على أن الأخطاء في طب التخدير واردة الحدوث إلا أنها نادرة جراء التقدم في وسائل التخدير كما أجمعوا على أهمية الإلتزام بالأسس و المعايير العالمية لتجنب الأخطاء في التخدير , ويقول الدكتور حسين يجري تحديد كمية المخدر المعطاة للمريض حسب عدة معايير وهي العمر والطول والوزن والحالة الطبية، وفي حالة الإلتزام بها يكون التخدير بلا مضاعفات بنسبة 100%، أضافة إلى توفر أحدث أجهزة التخدير والمتابعة ، أضافة إلى تدريب الأخصائيين بشكل دائم تماشياً مع التطور الحالي , ويقول الدكتور شتاين الى أن الأدوية الحديثة التي تعنى بالتخدير لها تأثير مباشر في الجسم من دون مضاعفات طبية وأن واحداً من أصل ألف مريض يفقد حياته نتيجة تأثير المخدر، في حين تعود الأسباب الأخرى للجراحة وتأثيرها , ولفت إلى أن الأخطاء في طب التخدير ترتبط بأشخاص يقومون بإعطاء التخدير للمريض ، وهي بذلك تعد أخطاء بشرية قد تؤدي إلى الشلل أو الوفاة , وأشار إلى أن للتخدير العام والموضعي والنصفي عدة مضاعفات في الوسط الطبي حيث أن مضاعفات التخدير العام تشمل الدوار والتقيؤ أو الشعور بالأم في الحلق بسبب الأنبوب الذي كان موجوداً فيه وفي أحيان أخرى يؤدي إلى تكسر الأسنان , أما التخدير الموضعي يشمل الصداع وجرح العصب لدى حقن المخدر إلا أنه نادر ، أما التخدير النصفي الإصابة بالشلل, ويؤكد على أن التخدير بشكل عام يعد آمناً للمريض نتيجة تطور الأجهزة والأدوية ولتوفر المراقبة الحديثة.
ووضح الدكتور محمد أحمد برير، رئيس قسم التخدير في مستشفى راشد في دبي ، إن غالبية أفراد المجتمع لديهم رهبة من التخدير، إلا أنه وفي المقابل تطورت أدوية التخدير حيث لم تعد تشمل مضاعفات جانبية ، وبذلك أنخفضت أخطاره , وأشار الى أنه يمكن تجنب خطار التخدير التي قد تصيب المريض مثل الحساسية تجاه الدواء المستخدم لدى معرفة تاريخ المريض الطبي ، كما أن المريض قد يصاب بمشاكل صحية ليست ناتجة عن التخدير بل بسبب أصابته بأمراض قلبية على سبيل المثال حيث انه لا يحتمل التخدير في هذه الحالة , وعن أحتمال وقوع اخطاء بشرية في التخدير أكد على أنها ليست واردة في الوقت الحالي لتوفر أنظمة الجودة في المستشفيات حول كيفية تخدير المريض، إضافة إلى التصرف السريع في حال حدوث مضاعفات الأمر الذي يقلل من الأخطاء , أما من ناحية المضاعفات إنها قد تصل الى هبوط في القلب والنبض أو هبوط في ضغط الدم ، وفي أحيان أخرى يصاب المريض بمضاعفات خلال العملية لدى أدخال الأنبوب الى الفم، الأمر الذي قد يسبب كسوراً في أسنانه , وبالنسبة للتخدير النصفي حول النخاع الشوكي ، أوضح ان المريض قد يصاب بشلل ، مشيراً الى أهمية دراسة عدة جوانب قبل أخظاع المريض للتخدير الموضعي لمنع أصابته بالمضاعفات ومنها الشلل، وينصح الدكتور برير أخصائيين التخدير بهدف تجنب الوقوع في الأخطاء الطبية ، أشار الى أهمية تحكيم الضمير لكون المريض وضع حياته بين أيدي الطبيب ، وعدم ترك المريض إلى حين أسترداد وعيه مع مراقبته بشكل دائم ، وضرورة تطوير أخصائي التخدير لنفسه من خلال البحث عن كل ما هو جديد في طب التخدير، وتوفير أنظمة في المستشفيات حول التعامل مع المضاعفات في حال حدوثها وتجنبها ,غير إن مضاعفات الأخطاء قد تحدث مع أي علاج بشري ، إلا أن أكثر الاخطاء الشائعة في كافة دول العالم أستبدال دواء تحذير مكان دواء آخر عن طريق الخطأ.
أما رأي الدكتور عبدالله كعكي استشاري تخدير وعلاج آلالام ، رئيس وحدة علاج الآلام في مستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة في المملكة العربية السعودية ,أوضح أنه مع توفر الأمكانات كالاجهزة المتطورة ومعدات التخدير والأدوية والعقاقير المستخدمة لتخدير المرضى ، فقد أصبح من النادر جداً وقوع أخطاء طبية في عملية التخدير، غير أن البعض ما زال يرتكب أخطاء تتسبب بإغماء المرضى أو أصابتهم بالشلل نتيجة التخدير , وأشار الى أن معظم الروايات التي تنتشر بسرعة بين أبناء المجتمع فيها نوع من المبالغة ، إلا أنه من المؤكد وجود أخطاء يرتكبها اخصائيوا التخدير أو تكون نتيجة الأجهزة المستخدمة لذلك الأمر.
ولفت إلى كيفية تجنب أخطاء التخدير باستخدام أجهزة ومعدات حديثة وأجراء فحص دوري لها بهدف تلافي أي تقصير في العمل ، أضافة الى تدريب أطباء التخدير بشكل صحيح للعمل كمتخصص تخدير لحصر عملية الأخطاء، وكذلك زيادة الوعي الطبي لدى أفراد المجتمع , أما عن مخاطر التخدير ، وهي التي قد تؤدي إلى وفاة المريض في حال حدوث قصور الأجهزة المستعملة أو في حال حدوث أخطاء بشرية إلا أنها نادرة الحدوث.
اما عن مخاطر حقنة الظهر المستخدمة للتخدير النصفي أوضح أن هناك فكر مسيطر على العامة أن هذه الحقنة تسبب الشلل وهذا غير حقيقياً ، وأشار إلى حالتين في بريطانيا أصيبتا بالشلل بسبب التخدير النصفي، إلا أنه فيما بعد أن الشلل كان بسبب إستخدام منظف للجلد يسبب نوعاً من السمومية للأعصاب، الأمر الذي سبب الشلل، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن ما زالت فكرة حقنة الظهر مسيطرة على كثير من الناس بأنها تسبب الشلل .
نلاحظ مما أستوضحنا من اراء للأطباء وأستشاريين التخدير أن هناك شبه أجماع على عدة أمور في غالب الآراء , منها أن غالبيتهم أعطى مضاعفات متعارف عليها لذيهم أو في الوسط الطبي ومتقاربة ناتجة عن التخدير بأنواعه, إلا أنهم أكذوا أن هذه الأعراض أصبحت شبه معدومة او معدومة وأن الأعراض التي يتعرض لها المريض هي ناتجة عن مضاعفات العملية الجراحية ولا دخل لأدوية التخدير فيها لأن هذا المضاعفات وبأجمع الأراء لا تنتج عن الأدوية وأنما عن أخطاء بشرية نتيجة سوء في الاأستخدام او لقلة الخبرة وعدم الأختصاص وجاهزية التدريب للفننيين على الطرق الصحيحة في الاستخدام أو في الأعطاء , مما يهيئ لنا آمر واضح الملامح إلا وهو أن الأطباء ينفون المسؤولية على الأدوية ويلقونها على عاتقهم هم بأعتبار او بأعتراف صريح بأن الأخطاء مسوليتهم هم وحدهم دون غيرهم .
التخدير بصورة صحيحة
أما عن التخدير بصورة صحيحة فهناك عدة آراء حيث يرى الدكتور وليد اليافي رئيس قسم العناية المركزة في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بجدة , ان أخطاء التخدير في العصر الحديث تعد أقل خطراً ألف مرة على الأقل من اخطاء القيادة على الطرقات السريعة ، مشيراً الى دراسة جمعت بين أخطاء التخدير وأخطاء القيادة أظهرت أن أحتمال حدوث الحوادث في طب التخدير قليلة اذا جرى الأمر بطريقة صحيحة مقارنة مع الحوادث المرورية، كما أن للتخدير وسائل وأجهزة وكوادر متدربين لتقديم هذه الخدمة، حيث أن إعداد طبيب التخدير والأجهزة المتطورة تقلل من الاخطاء بنسبة كبيرة , وان احتمال الوفاة نتيجة التخدير تتراوح من 1 - 400 ألف بينما تصل نسبة الوفاة نتيجة حوادث السيارات 1 - 4 آلاف , لذلك يجب إعداد الكودار الطبية المتخصصة وأعمال دورات تدريبية للتأكد من جاهزيتهم قبل توكيلهم بالأمر لأنه ليس بالامر اليسير , فتعريض حياة شخص للخطر أو أصابته بعاهة توجب المسؤولية وليس فقط من هذه الناحية اذ لماذا المساس بالانسان نفسه اصلاً قبل أن تكون هناك مسؤولية لماذا لا يكون هناك رقابة خاصة في هذا المجال حتى لا يتم المساس بالإنسان وبأدميته ومن ثم عدم قيام مسؤولية الطبيب .
أخطاء لا يمكن تجنبها
قال الدكتور محمد كمال حسين رئيس قسم التخدير والعناية المركزة في مستشفى العين إنه يمكن تفادي أخطار التخدير من خلال إلتزام الطبيب بالمعايير والقياسات العالمية المعمول بها على مستوى العالم والتي ذكرناها سابقاً في مستهل بحثنا، وبذلك لا تتعدى مخاطر التخدير نسبة 1% ، كما ان هناك أخطاء من الممكن تفاديها مثل تجهيز غرفة العمليات بكافة المستلزمات والتأكد من صلاحيتها بل تجربتها قبل اجراء العملية للمريض.
وذكر الدكتور محمد كمال حسين أن مضاعفات التخدير بشكل عام تنتج عن نقص الأوكسجين الحاد ولفترة طويلة حسب مفهوم الطب والتي تزيد على اربع دقائق ، وفي حالة عدم أنعاش المريض خلال هذه الدقائق ينتج عنه توقف التغذية الدموية للمخ ، واذا لم يفقد المريض حياته في هذا الوقت يدخل في حالة غيبوبة دائمة حيث أوضح أن مخاطر التخدير العام تعد أكثر من مخاطر التخدير الموضعي موضحاً أنه اذا كان المريض مخيراً بين أن يختار التخدير العام أو التخدير الموضعي فإنه يختار الموضعي لانه الافضل ، إلا أنه يدور في طب التخدير حالياً اللجوء الى التخدير الموضعي طالما أنه الأفضل، الأمر الذي تجنب حدوث مضاعفات التخدير العام.
وبعد أن استعرضنا هذه لمجموعة من آراء الأطباء يكمننا القول ان المسؤولية التي تقوم بين الطبيب والمريض , تقوم على اساس واحد وهو خطأ الطبيب في أستعمال الدواء المناسب أو الخطى في طريقة الأستعمال مما قد يسبب له مضاعفات تقوم على أساسها مسؤولية الطبيب المدنية .
المبحث الثاني : مسؤولية الطبيب عن الخطأ في التخدير والإنعاش
الفقرة الأولى : مسؤولية طبيب التخدير بوجه عام
نصت المادة 256 من القانون المدني الاردني على " كل اضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر " على هذا الأساس تقوم مسؤولية الطبيب عن الضرر الذي ينتج نتيجة القيام بأي عمل من شأنه أن يلحق الضرر بالأخرين , اذن تقوم المسؤولية على أساس واحد وهو الضرر, حيث أن طبيب التخدير أثناء القيام بعمله يجب أن يتقيد بقواعد وأصول مهنة الطب وأن يلزم جانب من الحيطة والحذر أثناء قيامه بعمله حيث نصت المادة واحد من الدستور الطبي على أن مهنة الطب مهنة إنسانية وأخلاقية وعلمية قديمة قدم الإنسان أكسبتها الحقب الطويلة تقاليد ومواصفات تحتم على من يمارسها أن يحترم الشخصية الإنسانية في جميع الظروف والأحوال وأن يكون قدوة حسنة في سلوكه ومعاملته مستقيما في عمله ، محافظا على أرواح الناس وأعراضهم ، رحيما بهم وباذلا جهده في خدمتهم وتقوم المسؤولية الطبية بين الطبيب والمريض على بذل العناية وعدم الإهمال وليس الشفاء , حيث أن الطبيب ملزم ببدل العناية أتجاه مرضاه سواء كان متصل معه بعلاقة مباشرة اوغير مباشرة , حيث أن عمل طبيب التخدير كما ذكرنا مزدوج, مزوج وهو أن تخصصه التخدير والإنعاش وليس فقط التخدير , والتخدير يقوم على واجبين وهما بدل العناية والحيطة, فبذل العناية تكون بأن يجب على الطبيب التأكد من الدواء الصحيح الذي يناسب المريض والتأكد من حالته الصحية أهي قابلة للتخدير ام لا واخذ التحاليل اللازمة وتحديد المقدار المناسب لذلك والتأكد بإن معدته فارغة من الطعام, لذلك حمل القضاء الطبيب السؤولية حتى عن خطئه اليسير لقيامه بعملية التبنيج على وجه السرعة دون اتخاذ الأحتياطات الطبية الكافية لا سيما أنه لم تكن هناك ضرورة عاجلة تستلزم اجرائها , إلا ان الطبيب لا يسأل عن الاضطرابات التي تحدث بعد عملية التخدير لأنه حر في أختيار طريقة التخدير التي يراها مناسبة بشرط أن تكون من الطرق المتعارف على أستعمالها , وكذلك يجب على أخصائي التخدير متابعة حالة المريض بصورة مستمرة للتأكد من حالته الصحية وأفاقته من البنج , فمرضى القلب ينبغي التحفظ في وضعهم تحت البنج ومراقبة الكمية التي يمكن أن يتحملها ومراقبته بأستمرار دائم , أما الإنعاش فهو كالتخدير يتطلب بذل, بذل العناية يكون في التأكد من جاهزية عمل الجهازة وإجراء التجارب على الجهاز للتأكد من سلامته قبل البدء في أستخدامه, غير أن قيام المسؤولية يتتطلب قيام أركانها حتى تتحقق وهم الخطأ والضرر والعلاقة السببية سواء كان تقصيرية أو عقدية , مع وجود عقد صحيح في المسؤولية العقدية .
الفقرة الثانية : مسؤولية الطبيب الأخصائي ومن هم تحت رقابته وأشرافه
في الأساس يكون أخصائي التخدير هو المسؤول عن عملية التخدير غير أنه قد لا يكون هو مباشرة من يقوم بعملية التخدير وأنما يوكلها الى أحد الأطباء أو الممرضين الذي يعملون تحت اشرافه ورقابته بتخدير المريض , حيث يكون عمل الأخصائي في تحديد نوع الدواء الذي يحتاج إليه المريض والكمي أو المقدر الذي يعطى إلى المريض وكل ذلك يكون بعد أخذ العينات والتحاليل الذي يبني عليها الأخصائي تقديره , لذلك يجب عليه بدل العناية الكافية في عمله وإلا قامت المسؤولية التقصيرية عليه اذا لم يقوم بذلك هذا اذا كان هو من باشر العمل أو قام به أحد الفنيين التابعين له الذين يعملون تحت رقابته واشرافه أو اذا قام بترك طبيب أخر غير مختص بهذا العمل بالقيام به فتقوم المسؤولية عليه عن فعل الغير طبقاً للمادة 288 /ب من القانون المدني " من كانت له على من وقع منه الاضرار سلطة فعليه في رقابته وتوجيهه ولو لم يكن حراً في اختياره اذا كان الفعل الضار قد صدر من التابع في حال تأدية وظيفته او بسببها " , الا ان القضاء الفرنسي استقر حديثاً على أنه ليس هناك سلطة للطبيب الجراح في مستشفى عام على طبيب التخدير الذي عينه المستشفى وذلك لأنقطاع رابطة التبعية اذا كان لا يعمل تحت رقابته واشرافه , أما اذا قام الطبيب الأخصائي بأيعاز التخدير إلى طبيب أخر بناءاً على المسؤولية العقدية فهنا يؤخد بعين الأعتبار رضا المريض فإذا كان من غير رضا فتقوم مسؤولية الطبيب والأخصائي على أعتبار أن الطبيب هو تابع للأخصائي , اما اذا كان ذلك برضا المريض فهنا نكون امام عقدين حيث يكون كل واحد منهما مسؤول مسؤولية منفردة عن تنفيد التزاماته , حيث حكمت محكمة النقض الفرنسية في قضية بهذا الشأن بأن عقب إجراء العملية الجراحية التي استمرت أكثر من ساعة تم إعادة المريض إلى غرفته بعد موافقة الطبيب المخدر بواسطة الجراح والممرضة ونظرا لعدم صحوة المريض من البنج رغم مرور ست ساعات قامت زوجته بإخبار الطبيب المخدر ولم يستجيب رغم إبلاغه بإرتفاع ضغط الدم وبعد مرور اربع ساعات دخل المريض في غيبوبة تامة فتم إعلام الطبيب فحضر بعد نصف ساعة وبعده الجراح وتبين أن المريض أصيب بإضطرابات في عمل الرئة ولم يشفى منها بل ظل مصاب بإضطرابات في التنفس وفي الحديث مما منعه من مزاولة مهنته, حيث اذانت المحكمة الطيب المخدر وكان عليه الإلتزام بمتابعة حالة المريض حتى إستفاقته من العملية , وكذلك اذا كان الأخصائي متعاقد مع مستشفى خاص وكان التعاقد بين المستشفى والمريض فإن المسؤولية تكون تعاقدية على أساس الأشتراط لمصلحة الغير .
الفقرة الثالثة : مسؤولية الطبيب الاختصاصي ضمن مجموعة من الاطباء الاختصاصيين
تأتي هذه الحالة في الغالب الأعم في العمليات الجراحية التي تتطلب فيها وجود أكثر من أخصائي في نفس الوقت , كأخصائي المخ والأعصاب وأخصائي التخدير وأخصائي العضام وأخصائي القلب , فهنا يجب أن نفرق بين ما اذا كانوا كلهم يعملون تحت أشراف أحدهم ام لا وكما ذكرنا سابقاً فأن القضاء الفرنسي استقر على ان كل طبيب مسؤول عما يقوم به من أعمال لان تعينه كان من قبل المستشفى وليس من اختيار الطبيب المشرف , إلا أن هناك أختلاف بين التشريعات فمثلاً القانون العماني والليبي نص على ان كل من أشترك في العملية من أطباء وأخصائيين وفنيين وأداريين مسؤول عن اي خطأ ينتج عن احدهم , غير أن المشرع الاردني لم ينص على ذلك صراحة ألا أنه وطبقاً للمادة 288/ب السابقة الذكر يمكن تطبيق رابطة التبعية عليهم وبذلك تقوم المسؤولية التقصيرية , اما في المسؤولية العقدية فقد يكون التعاقد مع المشرف نفسه او مع الطاقم الطبي الذي سوف يجري العملية ككل في الحالة الأخير لاتوجد هناك صعوبة كونهم ملتزمين جميعاً في العقد , اما في الحالة الاولى يمكن العودة عليهم على أساس الأشتراط لمصلحة الغير أي أنه يقوم بعمل من أجل المستفيد وادخل العقد والطرف الثاني في الدعوى , كما في عقد المقاول فأن العقد يكون مع المقاول وليس مع العمال ,غير أن ذلك فيه إجحاف في حق الأخرين من أطباء وفنيين وأخصائيين صحيح قد تكون هنا كفائدة من ناحية المريض بأراحته من أثبات ممن وقع الفعل ولكن من جهة أخرى لماذا يتحمل شخص خطى غيره .