كلنا عرب!
هذا هو الاكتشاف الذي توصّل إليه علماء الوراثة، وفق العدد الأخير من مجلة «لوبوان» الفرنسية. و «سواء أعجب ذلك مارين لوبن وكلود غيان أو لا، فكلنا، فرنسيين وأميركيين وأسكيمويين وصينيين...،
نتحدّر من أجداد مشتركين استقرّوا في شبه الجزيرة العربية»، كما تورد المجلة. إذ يشير المقال إلى أنه بعدما ولد الإنسان في أفريقيا، حط رحاله في الجزيرة العربية عقب اجتياز البحر الأحمر، في حين لطالما اعتقد الخبراء في الهجرة البشرية أن انقسام الجماعات حصل في الشرق الأوسط أو في شمال أفريقيا.
وخلص علماء الوراثة القديمة في جامعتي ليدس وبورتو إلى هذه الفرضية بفضل مؤشر يختبئ في كل خلية من خلايانا، هو «الميتوكوندريا» الذي يعمل كمحطة لتوليد الطاقة في خلايانا، وبوسعه التحول على غرار الكروموزوم. بالتالي، حين يلاحظ علماء الوراثة وجود التحوّل نفسه لدى شعوب مختلفة، يستنتجون أنّ هذه الشعوب تتقاسم ماضياً مشتركاً.
ومن خلال مقارنة الحمض النووي الميتوكوندري المأخوذ من مئات الأفراد، حول العالم وفي شبه الجزيرة العربية، توصل الباحثون إلى أنّ البشر كافة، ما عدا الأفارقة، استقروا بالتأكيد قبل آلاف السنوات في شبه الجزيرة العربية.وتقترح مقالة «لوبوان»
إعادة كتابة التاريخ البشري على النحو الآتي:
بعدما ظهر الإنسان الحديث قبل 200 ألف سنة في أفريقيا الشرقية، راح ينتشر في أنحاء أفريقيا وانقسم شعوباً. كانت الحياة جميلة وكان الغذاء متوافراً بكثرة، حتى قرّرت قبيلة أن تذهب لترى ما إذا كانت الشمس تشرق في مكان آخر، فاستفادت من انخفاض منسوب المياه وعبرت البحر الأحمر لتصل إلى شبه الجزيرة العربية، حتى أنه اكتُشف المكان الذي حطّ فيه الرحال في سلطنة عمان. والجدير ذكره أن مناخ شبه الجزيرة العربية كان رطباً في حينه. وبدلاً من الصحراء، وجد الواصلون الجدد جنة على الأرض ومروجاً واسعة. واستمر البقاء في هذه الجنة الجديدة ألفيات عدة، قبل أن يستكمل الإنسان اكتشافه للعالم. فسلك طريق جنوب شرقي آسيا، وصولاً إلى أستراليا، ومن ثمّ طريق الشرق وصولاً إلى اليابان، وأخيراً طريق الشمال باتجاه الشرق الأوسط وأوروبا قبل حوالى 40 ألف سنة.
وكانت أميركا آخر قارة تكتشف. وبفضل الدلائل التي بيّنها المؤشر الميتوكوندري، حدّد باحثون من جامعة بنسلفانيا الأرض التي يتحدر منها السكان الأصليون في أميركا، وهم أتوا من «ألتاي»، وهي منطقة جبلية في قلب قارة أوراسيا حيث تتلاقى الصين ومنغوليا وروسيا وكازاخستان.