القاهرة ـ روتانا
لطالما كان العيش على كوكب المريخ فكرة محورية في عالم الخيال العلمي منذ القرن الـ19 حين افترض عالم الفلك الأمريكي بيرسيفال لويل أنّ القنوات الواقعة على ذلك الكوكب الأحمر، قنوات قديمة بنتها كائنات فضائية ذكية! ولكن يبدو أن هذا الحلم الخيالي يقترب كثيراً من التحقق على أرض الواقع،
وها هو مشروع المؤسسة غير الربحية "ون مارس" التي مقرها هولندا ويهدف إلى إقامة أول مستعمرة بشرية على كوكب المريخ بشكل دائم في رحلة ذهاب بلا عودة طولها 28 مليون كيلو متر، تستغرق 7 أشهر كاملة بكلفة قدرها 6 مليارات دولار،
يوشك على التنفيذ وفق خطة زمنية بدأت في عام 2012 وتنتهي في عام 2024، تقدم للانضمام إليها أكثر من 200 ألف شخص على مستوى العالم تمت تصفيتهم إلى 100 شخص فقط من بينهم عربيان "مصري وعراقي".
ولكن ترى ما دوافع هؤلاء البشر لمغادرة كوكب الأرض بخيراته الكثيرة وإيجابياته العظيمة ومساحته الشاسعة التي تبلغ ٥١٠٬٠٧٢٬٠٠ كم²، تمثل المحيطات 71 في المئة منها ويعيش عليها 7 مليارات و125 مليون إنسان، كي يعيشوا على كوكب المريخ في مهمة تبدو انتحارية أو مستحيلة؟ هل أصابهم الإحباط أم مسهم الجنون؟ من جهته، نفى المصري محمد سلام البالغ من العمر 32 عاماً والذي اختير ضمن قائمة الـ100 شخص المقرر هجرتهم إلى المريخ هذا الكلام،
مؤكداً أنه لا يعاني أي إحباطات من أي نوع، قد يكون عدم ارتباطه بالزواج ووفاة والديه عوامل شجعته على مغادرة الأرض، فضلاً عن حلمه الذي راوده منذ طفولته بأن يكون رائد فضاء، على أية حال تعالوا نتعرف على شكل الحياة فوق هذا الكوكب لنحكم بأنفسنا إن كانت مغامرة الهجرة إلى المريخ انتحاراً أم جنوناً أم بذخاً وإن كنا مبدئياً سنستبعد البذخ على اعتبار أن من تم اختيارهم للعيش على الكوكب الأحمر ليسوا من الأثرياء وكل ما تحملوه كان في حدود 15 دولاراً هي ثمن استمارة التقدم إلى مشروع "ون مارس"!
عواصف ترابية يقول العلماء في وكالة "ناسا" إنه كما هو الوضع على كوكب الأرض تتعدَّد الفصول على كوكب المريخ بسبب ميل الكوكب على محوره، كذلك يبقى نصف الكرة الجنوبي بعيداً عن الشمس حين يكون الكوكب أبعد ما يكون عنها ما يجعل فصول الشتاء أكثر برودة بكثير "وفصول الصيف أكثر حراً بكثير" مقارنةً بنصف الكرة الشمالي،
فإذا أردت العيش في نصف الكرة الشمالي ستنعم بسبعة أشهر من الربيع وستة أشهر من الصيف وأكثر من خمسة أشهر بقليل من الخريف وأربعة أشهر فقط من الشتاء والسنة على كوكب المريخ تعادل نحو 1.88 سنة على الأرض ويدوم اليوم أكثر من 24 ساعة بقليل،
أما متوسط درجات الحرارة على المريخ فيبلغ 60 درجة مئوية تحت الصفر لكن يمكن أن تراوح الحرارة بين 126 درجة تحت الصفر خلال الشتاء بالقرب من القطبين و20 درجة خلال الصيف بالقرب من خط الاستواء يمكن أن تتغير مستويات الحرارة بشكل جذري أيضاً خلال أسبوع، وغالباً ما تؤدي تقلبات الحرارة على كوكب المريخ إلى عواصف ترابية قوية وقد تغلّف الكوكب كله أحياناً بعد بضعة أيام،
ولكن لن تؤذي هذه العواصف الناس جسدياً على الأرجح بل يمكن أن يسدّ الغبار الأجهزة الإلكترونية ويؤثر في الأدوات العاملة بالطاقة الشمسية، لكنك لن تجد أية غيوم خاصة بالعواصف في السماء ولن تتساقط أي قطرات مطر على الأرض،
وفي ظل هذه السماء الصافية سيكون ليل كوكب المريخ مليئاً بالنجوم، أما لونها فيميل نهاراً إلى البرتقالي بسبب كمية الغبار الهائلة وتبدو معالم شروق الشمس وغروبها مشابهة لما يحصل على كوكب الأرض خلال يوم ضبابي لكن تكون المنطقة المحيطة بالشمس زرقاء اللون.
خس في المريخ أما عن الغذاء فقد توصل العلماء حتى الآن إلى أنه يمكن زراعة الخس ولا نعرف إن كان بمقدور الحيوانات العيش هناك أم لا كما لا نعرف إمكانية التناسل والإنجاب في المريخ! ولما كانت الجاذبية هناك تبلغ 38 في المئة فقط من جاذبية الأرض سيصعب التجول على كوكب المريخ في البداية وسيتطلب السير الركض أو القيام بحركات سريعة.
أما سطح المريخ فهو جاف تماماً رغم توافر الماء المتجمد في المناطق القطبية عليه، ويخشى العلماء أن يغمر الماء الكوكب إذا ما ذاب الجليد القطبى، وتبقى المشكلة الأكبر في جو المريخ الذي يشكل غاز ثاني أوكسيد الكربون القاتل 95 في المئة منه، و3 في المئة نيتروجين، والأرجون ما يقرب من 2 في المئة مع كميات ضئيلة جداً من الأكسجين وأول أكسيد الكربون، وبخار الماء.
وعلى العكس من كوكب الأرض لا يكون كوكب المريخ مزوداً بحقل مغناطيسي عالمي وغلاف جوي سميك لحماية سطحه من الإشعاعات التي تعتبر مصدر قلق كبير، إذ تمنع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" أن يتعرض رواد الفضاء لمستويات عالية من الإشعاع التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بأمراض السرطان بمعدل ثلاثة في المئة.
ولمدمني لغة العصر في عالم التواصل الاجتماعي نقول إنه على سطح المريخ لن تستطيعوا التحدث لذويكم عبر الهاتف، لكن سيمكنكم إرسال رسائل إلكترونية.
<font size="5">