بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
فاتّقوا الله ـ عباد الله ـ حقّ التقوى، فالعزّ في طاعة المولى، والذلّ في اتّباع الهوى.أيّها المسلمون، القلوب لا تطمئنّ إلا بالله، وغِنى العبد بطاعةِ ربّه والإقبال عليه، ودينُ الحقّ هو تحقيقُ العبوديّة لله، وكثيرًا ما يخالط النفوسَ من الشهوات الخفيّة ما يفسِد تحقيقَ عبوديّتها لله، وإخلاصُ الأعمال لله أصل الدين، ولذلك أمر الله رسولَه بالإخلاص في قوله:فَٱعْبُدِ ٱللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ ٱلدّينِ الزمر - 2)
،
وبذلك أمِرت جميع الأمَم قال جلّ وعلا: :وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (البينة:5].
،
والإخلاص مانعٌ بإذن الله من تسلّط الشيطان على العبد, قال سبحانه عن إبليس فَبِعِزَّتِكَ لأغوينهم أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ظ±لْمُخْلَصِينَ [ص:82، 83]، والمخلِص محفوظٌ بحفظ الله من العصيانِ والمكاره، قال سبحانه عن يوسفَ عليه السلام: .{كَذٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوء وَٱلْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ} [يوسف:24
وإذا قوِي الإخلاص لله علَت منزلة العبدِ عند ربّه، والإخلاصُ شرطٌ في قَبول توبة المنافق،في الإخلاصِ طمأنينة القلب وشعورٌ بالسّعادة وراحَةٌ من ذلّ الخلق،والإخلاصُ أن تكونَ نيّتك لله لا تريد غيرَ الله، لا سمعةً ولا رياء ولا رِفعة عند أحدٍ ولا تزلّفًا، ولا تترقّب من الناس مدحًا، ولا تخشى منهم قَدحا، والله سبحانه غنيّ حميد، لا يرضى أن يشرِك العبد معه غيرَه، فإن أبى العبد إلا ذلك ردّ الله عليه عملَه،ومّن كان يعمل صالحًا ثمّ اطّلع الخلق على عملِه فأحجم عن الاستمرار في تلك الطاعة ظنًّا منه أنّ فعلَه بحضرتهم رياءٌ فذلك من حبائل الشيطان،
أيّها المسلمون، الإخلاص عزيز، والنّاس يتفاضلون فيه تفاضلاً كبيرًا، ولدفعِ عوارضِه من آفةِ الرّياء والعُجب بالعمل الجأ إلى الله دومًا بالدّعاء أن تكونَ من عباده ومِن حفظِ العمل عدمُ العجب وعدم الفخر به, فازهَد في المدح والثناءِ، فليس أحدٌ ينفَع مدحُه ويضرُّ ذمّه إلا الله, والموفَّق من لا يتأثّر بثناء الناس، وإذا سمِع ثناءً لم يزِده ذلك إلا تواضعًا وخشية من الله، وأيقِن أنّ مدحَ الناس لك فتنة، فادعُ ربَّك أن ينجّيَك من تلك الفتنة، واستشعِر عظمةَ الله وضعفَ المخلوقين وعجزَهم وفقرهم، واستصحِب دومًا أنّ الناس لا يملِكون جنّة ولا نارًا،
والنفوسُ تصلح بتذكّر مصيرها، ومن أيقنَ أنّه يوسَّد في اللّحد فريدًا أدرَك أنّه لن ينفعَه سوى إخلاصِه مع ربّه
أيّها المسلمون، ثوبُ الرياء يشفّ ما تحته, يفسِد الطاعةَ ويحبط الثوابَ، وهو من أقبحِ صفاتِ أهلِ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً۬ (١٤٢] وهو من أشدِّ الأبواب خفاءً
المرائي مضطربُ القلب مزَعزَع الفكر، لا يُخلِص في عبوديّته ومعاملته, يعمَل لحظّ نفسه تارةً ولطلب الدنيا تارةً ولطلب الرفعة والمنزلةِ عند الخلق تارة. المرائي يفضحه الله ويهتِك سترَه ويظهر خباياه، ضاعت آماله وخابَ سعيه, وعومِل بنقيض قصده,وإن أخفى المرائي كوامنَ نفسه وخفايا صدره أظهرَها الله، فاخشَ على أعمالك من الخسران، فالميزان يومَ الحشر بمثاقيل الذرّ، المنّ والأذى يبطِل البَذل، والرياءُ يحبِط العمل، وإرادةُ الدنيا وثناء الخلق متوعَّد فاعلُه بدخول النار.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا الكهف - الآية 110
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذّكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.