­­­لقد أجرت وكالة دانشجو للأنباء مقابلة مع سماحة الشيخ الأستاذ بناهيان حول رسالة سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي (دام ظله الوارف) إلى الشباب الأوروبّي والأمريكي، فإليك نصّها:


السؤال: هل أن رسالة قائد الثورة في هذه الظروف الراهنة تعدّ رسالةً على أعتاب الظهور؟!

السؤال: سبق أن قد طرحتم موضوعا في مكتب سماحة السيد القائد حول قواعد الظهور، فهل تعتبر رسالة قائد الثورة في هذه الظروف الراهنة رسالةً على أعتاب الظهور؟ فكيف تحللون هذه القضية من هذا الجانب؟
الجواب: في البداية أقول إن البعض يتحسّسون أكثر من اللازم من لفظ الظهور وأي بحث حول الظهور وزمان الظهور. حتى أننا لو أردنا أن نتحدث حول أسباب قرب الظهور وتحقّق بعض هذه الأسباب والأرضيات من دون تعيين وقت، يتحسسّون ويعتبرون حديثنا ضربا من التوقيت. فلابدّ أن نصلح هذه الرؤية حتى يتسنّى لنا الحديث عن الظهور بمزيد من الواقعية والعلميّة.
المقدمة الأولى) في الواقع يعتقد الجميع أن لابد من التمهيد والتوطئة للظهور. كما قد قال القرآن بصراحة: (إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِم)[الرعد/11] و (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ یَنْصُرْکُمْ)[محمد/7] فلا شك في أن الفرج وظهور الإمام متعلّق بإرادتنا. إذن فنحن قادرون على توفير مقدمات الظهور.
المقدمة الثانية) عندما تسألون العلماء أن «ما هي مقدمات الظهور وما الذي تشتمل عليه التوطئة والتمهيد؟» يعدّون قائمة طويلة عن الأعمال والمبادرات الإيجابية ومن جملتها التبصير والتوعية، كما أنهم يذكرون على أساس ما قد ذكر في الروايات قائمة طويلة لمظاهر الظلم والفساد الذي سوف يشيع في العالم قرب الظهور. فعندما نرى أن كثيرا من هذه الأفعال الإيجابية قد أنجزت، وأضحت حركة إثبات أحقيّة الدين تنمو وتتقدّم يوما بعد يوم، يزداد أملنا بوقوع الفرج وقرب الظهور بطبيعة الحال، إذ يشعر الإنسان بمقتضى العقل أن قد قرب الظهور. لقد قال سماحة السيد القائد(دام ظلّه): «أضحى المجتمع البشري اليوم في معرض الظلم والجور أكثر من كثير من عصور التاريخ، وكذلك الحال في التطوّر الذي أنجزه البشر، إذ قد تطوّرت المعرفة. فقد تقرّبنا إلى زمان ظهور إمام الزمان أرواحنا فداه، هذا المحبوب الحقيقي للناس، إذ قد تطورّت المعرفة لدى الناس». [كلمة سماحة السيد القائد في احتفال منتظري الظهور الكبير، 15 شعبان 1420].
إذن فمقدّمتنا الأولى هي أن لابدّ من التمهيد والتوطئة للظهور، إن مبادرات المؤمنين وحتى أفعال أعداء المؤمنين لمؤثرة في التمهيد للظهور. والمقدمة الثانية هي عندما تتحقق هذه التمهيدات وتثمر ثمارها إيجابيّا، يعرف الإنسان حينئذ أن العالم يسير في طريقه نحو الظهور. بهذه المقدمتين يتسنّى لنا الحديث عن هذه الرسالة ومدى ارتباطها بالتمهيد للظهور، وأن نخرج بنتائج مهمّة وإيجابيّة.



إن نمط خطاب رسالة سماحة السيد القائد الأخيرة تدل على أوج قوّة الحقّ على الباطل


أمّا حول رسالة قائد الثورة الإسلامية إلى شباب الغرب فيمكن القول بأن نمط خطاب هذه الرسالة تدلّ على أوج اقتدار الحق على الباطل. عندما يدعو سماحة السيد القائد الشباب إلى قراءة الدين من مصادره الرئيسة، فهذا في الواقع يعني أن سماحته واثق من أن الحقّ سوف يظهر نفسه إلى شباب الغرب بسهولة. فإذا كان الوثوق بظهور الحق وتقبّله من قبل الشعوب اليوم عاليا بهذا القدر، فهذا ما يبشّر بأن الحق على شرف الانتصار الأخير، ولا يمكن أن نتصور الحقّ غريبا جدّا، بل حتى يمكن الإنباء بقرب زوال غربة الحق كاملا.
عندما تكون هذه الدعوة من قبل قائد الثورة الإسلامية، فمعنى ذلك هو أن لهذه الدعوة مستمعون. ومن يلبّي هذه الدعوة سوف يصل إلى الحقّ بسهولة عبر مراجعة مصادر الدين الرئيسة. حتى لم يعبّر سماحة السيد القائد عن قلقه من أنه إذا أخذ الشباب يراجعون المصادر الرئيسة قد يقعون في استنباطات منحرفة عن الدين. إذ أن هذه الاستنباطات المنحرفة من الدين هي صنيعة العدوّ في الواقع. أمّا الإنسان نفسه فعندما يراجع المصادر الرئيسة بفطرته وعقله، يعي الحقّ ويخرج بفهم سليم عن الدين، ولا سيما البشر اليوم الذي قد عاش الظلم والفساد والضياع. وغاية الأمر أننا نقول أكثر الشباب سوف لا يخرجون بفهم خاطئ عن الدين عبر هذا المنهج الذي اقترحه عليهم سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي(دام ظله الوارف).




لماذا كتب سماحة السيد القائد رسالته بهذه القوّة؟


بهذه المقدّمات يجب أن نرى لماذا كتبت هذه الرسالة بهذه القوّة؟ لأن الاستعداد لقبول الحقّ كبير جدّا، ومن المعلوم أن هذه الظاهرة هي من مقدّمات الظهور. لم يكن الاستعداد لقبول الحقّ في أيّ من الأزمنة الماضية بمستوى اليوم، وكذلك لم تتوفّر أدوات تعريف الحقّ كما توفرت اليوم.

إن استعداد الشباب الغربي لقبول الحق ناتج من فشل الحضارة الغربية

الشباب الغربي اليوم مستعدّون لاستماع كلمة الحقّ، وهذا أمر مهمّ جدّا. وإن هذا الاستعداد بين شباب الغرب لقبول الحق إنما ناتج من فشل الحضارة الغربية. فلو كانت الحضارة الغربية في قمّة الانتصار والعزّ، هل كان يمكن دعوة أهل تلك الحضارة إلى حضارة أخرى؟! إن الطرق المسدودة التي أخذ ينتهي إليها الغرب من الكثرة بمكان، وكذلك ثقل الظلم والجور على أكتاف الناس من الشدّة بمكان بحيث توسّعت أرضية قبول الحقّ لدى الناس. حتى الفسق والفساد لا يقدران على إلهاء شباب الغرب من هذه الرسالة، إذ قد ولّى زمن الفسق والفساد.



لا ينبغي أن نُنسي هذه القضية عبر طرح مواضيع هامشيّة


السؤال: ما هو تكليف أبناء هذا البلد أو غيرهم من المسلمين من الإعلاميين والنخب تجاه رسالة قائد الثورة الإسلاميّة؟
الجواب: لا ينبغي لنا أن نتسبب في نسيان هذا الموضوع المهم عبر طرح مواضيع هامشيّة والانشغال بالقضايا التي لا ترقى إلى أهمية هذه الرسالة. نحن لابدّ أن نصرف بعض وقتنا بأمثال هذه التوعية، وقد أصبحت وسائلها في متناولنا. لقد تسنى الاتصال بكلّ العالم اليوم، عبر جهاز الهاتف الجوّال. حسبنا أن نتعلّم لغة أجنبيّة ونتحدث مع أهل العالم عن هذه الحقائق التي نعرفها من الدين. فكلّ واحد منا يقدر على تبليغ الدين وتبيين حقيقته عبر هذه الأجهزة البسيطة.

إن معنى هذه الرسالة هو العبور من سياسيّي الغرب

السؤال: لقد كتبت هذه الرسالة إلى شباب الغرب، ولكن هل يمكن أن تنطوي على رسالة غير مباشرة إلى الخواصّ أو سياسيي الغرب؟
الجواب: أنا أتصوّر أن معنى هذه الرسالة هو العبور من سياسيي الغرب ومن الواضح جدّا أن سياسيي الغرب قد تأخروا عن هذه الحركة ولم يلحقوا بها. سماحة السيد قد اختار الطريق الأفضل، وهو مخاطبة الشعوب الغربيّة ولا شك في أن هذا الأسلوب أكثر تأثيرا. لقد أصبح القادة الغربيون يفقدون كفاءتهم في قيادة شعوبهم. طبعا إنهم لم يكونوا قادة أكفياء يوما ما، ولكن أضحت الشعوب الغربية تعرف عدم كفاءتهم يوما بعد يوم.



إن هذه الرسالة تكشف عن وجه أبوّة قائد الأمّة


السؤال: إن خطرت على بالكم ملاحظة أو فكرة عن نص الرسالة وما تنطوي عليه من دقّة، فاذكروها لو سمحتم.
الجواب: إن هذه الرسالة مفعمة بالإباء والحرّيّة. وهي تكشف بشدّة عن وجه أبوّة قائد الأمة. فقد كتب سماحة السيد هذه الرسالة كالأب الشفيق والوالد الحنون. ولا مجال لقادة الغرب أن ينافسوا هذه الرسالة. فإنهم لا يقدرون على منافسة أسلوب هذه الرسالة فضلا عن مضمونها.
فعلى سبيل المثال إذا أراد قادة الغرب أن ينافسوا هذه الرسالة، ما الذي يريدون أن يدعوا شبابهم أو الشباب المسلم إلى مطالعته؟! هل يريدون أن يدعوهم إلى قراءة الديمقراطية الليبراليّة؟! في حين أنهم يدّعون بأنهم قد بلغوا الذروة في الديمقراطية الليبرالية أما الآن فهم يرون أن كم قد ارتكبت الديمقراطية الليبرالية من جرائم ومجازر! إذن فهذه المدرسة الغربية لا تقوى على منافسة ما تدعو إليه رسالة سماحة السيد أبدا. وحتى من جهة الأسلوب ومنهج التعامل فهم عاجزون عن التنافس.



لقد استهواني أسلوب تحرير الرسالة أكثر من مضمونها


إن أسلوب تحرير هذه الرسالة لا يقبل التنافس، إذ أن الغربيين لا يقدرون على دعوة شباب العالم وحتى شبابهم إلى الباطل مهما كان، بهذا الأسلوب الجميل المفعم بالكرامة والشفقة، وأن يتحدثوا معهم كالأب العطوف حين يخاطب أولاده. لقد استهواني أسلوب تحرير الرسالة أكثر من مضمونها. لقد عكست هذه الرسالة شيئا من شخصية قائد ثورتنا لأهل العالم وكشفت لهم جزء من عظيم خصاله وجميلها. لذلك فقد أصبح بإمكان أهل العالم أن يخمّنوا سبب حبّنا الشديد لقائدنا. فقد تجسّد إخلاص سماحة السيد القائد بكلّ وضوح في هذه الرسالة.