العراق والحرب السريه 6-3-2015
العراق والحرب السريه
أن ما يجري على أرض العراق من حرب , هي لا تشبه كل الحروب, ولكن هي لا تخرج عن نطاق ما يسمى بالحرب السريه, وهنا يكون من الضروري للقارئ أن يعرف ما هي خصائص الحرب السريه.
من المعروف لدى المختصين والمتابعين لمثل هكذا حروب, أنها حروب لا تخضع لسياقات وتقاليد الحروب التقليديه والتي تكون بطبيعتها حروب علنيه, اعني انها علنيه في اهدافها ومنفذيها وفي وسائلها. كما أن الماسكين بخيوط هكذا حروب عادتآ ما يغادروا في عملهم كل القيم والمعايير الأخلاقيه والأنسانيه ,حيث لا خطوط حمراء في تحقيق الأهداف المراد تحقيقها, فهي لا تتوانى في أستخدام أشد الأساليب قسوه وأكثرها وحشيه, وهذا ما نراه في اساليب داعش الأجراميه من ذبح وحرق للأبرياء من بني البشر.
أن الحرب في العراق هي حرب سريه بكل المقايس, وهو وصف لا ياتي اعتباطآ بل معطيات الحدث هو ما يدل على ذلك , لأن الحرب السريه لها خصائص منها هو الأهداف السريه لمثل هكذا حروب , والتي عادتآ ما تكون أهداف قذره وتتبع أستراتيجيات غير مألوفه, ولو القينا نظره على بعض هذه الممارسات في هذا النوع من الحروب لوجدناها تتميز بالتالي من الأعمال.
أولآ: انها حروب غالبآ ما يكون فيها المنفذ مجهول, لن تغذيتها تقوم على قنوات مخابراتيه , وفي أعلى المستويات. تقدم فيها المعلومه باعلى تقنيه ممكنه , ويستعمل فيها أسلحه من أكثرها تطورآ وتعقيدآ وفعاليه, وهذا ما كشفته بعض قطعات الجيش العراقي عند أسترجاعه لبعض المناطق المسيطر عليها من قبل داعش الأجرامي, وهي اسلحه لا يمكن الحصول عليها والأذن باستخدامها الا أكبر وأرقى الدول تطور في مجال التصنيع العسكري .
ثانيآ: أن هذا النوع من الحروب يخطط لها بدرجه عاليه من الدقه والسريه, ويشترك فيها خبراء ذو تخصصات دقيقه, لتأمين البنيه التحتيه والمناسبه لأشعالها وادامة أستمرارها, وهذا ما يفسر دخول الكثير من تقنيات الأعلام الحديث فيها, حتى ان الأعلام لعب دورآ محوريآ في تقديم داعش على انها قوه لا تقهر, وما اخراج الأفلام الأخيره لهذا التنظيم وتصويره لضحاياه لدليل على انها تقنيه لا تمتلكها الا مدن سينمائيه من امثال هولييود.
ثالثآ: بالأضافه الى تلك أن ما يميز هذه الحروب ,هو أن عرابيها يسعوا الى خلق حاله من الفوضى العارمه والعامه لخلق حاله من الهلع في نفوس الجمهور املا بالوصول الى حالة الأستسلام والياس امام قوتهم المزعومه, من خلال أعمال غايه في الوحشيه , من امثال الخطف والأغتيال لكل فئات الشعب, وهذا ما يفسر القتل العشوائي للشيعه والسنه والمسيحين والصابئه والعرب والكرد والتركمان على حد سواء, ومن صور البشاعه, أحداث الحرائق المفتعله وخاصه على الوثائق والمستندات المهمه لأحداث حاله من الأرباك العام وأهتزاز ثقة الشعب بحكومته . بالأضافه الى الأستيلاء على البعض من هذه الوثائق ومحاولة توظيفها أعلاميآ, كما هو الحال فيما تقوم به قناة البغداديه من دور توهين وتضعيف العلاقه بين المواطن والدوله عن طريق أظهارها بأنها فاشله وغير جديره بالحكم , وهذا الدور مناطد بشخصية أنور الحمداني في برنامج أستوديو التاسعه. طبعآ هذا المثل لا يعتبر هو الوحيد في هذا الميدان , لأن طبيعة المقاله لا تتحمل الكثير من الأمثله والتفاصيل مما يخرجها من طبيعتها كمقاله.
رابعآ: كذلك من الأشياء التي يتصف بها هذا النوع من الحروب هو فعالية الطابور الخامس والمتمثل اليوم بالخلايا النائمه من أعوان النظام السابق والذين يمهدون لدخول عناصر التنظيم الأرهابي الى المدن والقصبات العراقيه,وهذا ما تؤكده الأحداث في المناطق الغربيه وشمال بغداد والموصل , داعيك على ما تقوم به هذه الفئات من عمليات خاصه تحت أشراف خبراء ذو صفه دوليه في تفجير مناطق حساسه وذات صبغه طائفيه كما حدث في سامراء وغيرها من المناطق ذات التعدد الطائفي والأثني,كذلك قتل شخصيات ذات وزن أجتماعي وديني ومن كل الأطراف لخلق حاله من الشك والريبه وعدم الثقه بين الأطراف وهو فعلآ ما حدث والقى بظلاله المعتمه على العلاقات الأجتماعيه بين فئات الشعب العراقي ,حتى كادت الثقه ان تكون معدومه بينهم , وهذا ما يمهد لحاله من التفكك الجتماعي , قاصدين من وراءه ضرب البنيه التحتيه للمجتمع العراقي, وهذه الحاله من اصعب الحالات خطوره والتي تهدد وحدة البلاد لأنه يساهم في التغير الديمغرافي للسكان وهو بالطبع يكون الحجر الأساسي لدعوات الأنفصال وتكوين الكانتونات و المقاطعات السياسيه الصغيره والقائمه على حدود ملتهبه بينها.
أن ما يؤيد النظره القائله بان هناك جهدآ سريآ وذو طابعآ دوليآ على أدامة هذه الحرب هو المقاطع الفديويه والتي تظهر الدعم اللوجستي لهذه المجاميع الرهابيه, وهذا ما حصل بالفعل في مناطقة يثرب وقضاء الدور وجنوب وشرق تكريت في محافظة صلاح الدين وهو أمر لا يختص بالعراق وحده بل الفلم الذي اظهرته بعض وسائل الأعلام للأعتده التي اسقطت جوآ في صحراء ليبيا وعلى قرب من الحدود المصريه ومن قبل طائرات مجهولة الهويه وهذا ما يؤكد ان هناك جسورآ جويآ ودعمآ دوليآ لداعش.
أخيرآ وليس آخرآ ,أن هذا النوع من الحروب تنطوي على الكثير من المظاهر , من أمثال سرقة البنوك والمؤسسات الحكوميه وكذلك تخريب المنشأت الحيويه للبلد المقصود تدميره.
كل هذا يحدث لغرض أساسي الا وهو تشتيت جهد الدوله وأظهار عجزها أمام خدمة مواطنيها لتحصل النتيجه المرجوه بنفض هؤلاء المواطنين أيديهم من هذه السلطه الحاكمه وبالتالي تجريدها من أهم دعامه أساسيه لمواجهة الأرهاب الا وهو تأيد هؤلاء المواطنين لها لمواجهة هذا الخطر , وبالتالي تركيعا أمام أجنداتهم المشبوه.
أن التصريح الأخير للرئيس الأمريكي أوباما ,بأتهام الحكومه العراقيه السابقه بقيادة المالكي ,بأنها السبب في ما آلت اليه الأمور في العراق ,هو حلقه خطره في هذا المخطط , لأن المراد من هذه التصريحات هو أضفاء الشرعيه على ما يجري من أعمال الأرهاب على أرض العراق, وأنه رد فعل طبيعي لحقوق صودرت من الطائفه السنيه, وان وراء كل حق مغتصب مطالب, وهذه هي عين تصريحات الخائن لوطنه المدعو علي حاتم السلمان.
أن حجر الزاويه في مقالي هذا , هو أن الحرب الجاريه في بلدي هي حرب سريه بأمتياز, وذلك بلحاظ أهدافها البعيده والشريره, وبسرية المشتركين فيها والممولين والداعمين لها, والذي يزيد الأمر أرتيابآ , أن هؤلاء المشتركين يخفون العمل على تأجيجها ويصرحون بمعارضتها لأنها عمليات قذره وتمتلك كل عناصر ومواصفات الجريمه لمرتكبيها,لذا يبتعد القائمون عليها من التصريح بأدارتها او بالأقل تأيدها, بل يذرون الرماد بالعيون ظننآ منهم بأخفاء جرائمهم البشعه.
قبل ان اضع قلمي من كتابة هذا المقال , اوجه للقارئ الكريم وهو لا شك قارئ لبيب ,الا وهو لماذا مازال داعش الأرهابي وكأنه يمتلك أسلحه لا تنضب على الرغم من الحصار المفروض عليه من اطراف عده, والاما هو السر في استمرار حرب ضروس طويلة الأمد تعجز عن أمكانياتها دول, وهي مجموعات لا تمتلك لحالها مصانع للأسلحه ولا مصادر للثروات, الا ان هذا الأستغراب سوف يتلاشى عندما يشير اصبع الأتهام الى الولايات المتحده الأمريكيه وأسرائيل وحلفائهم بالمنطقه.
الكاتب: أياد الزهيري
المصدر