أثارت خدمة "ستريت فيو" التي أطلقتها شركة "جوجل" عملاق التكنولوجيا الأمريكية العديد من الاحتجاجات، حيث يعتبر البعض أن هذا النوع من البرامج يمكن أن يستبيح خصوصية الفرد ويهدد أمنه.

ولحسم هذه الاحتجاجات أوقفت "جوجل" أسطولها من سيارات "ستريت فيو" عقب اعترافها أن السيارات التي استخدمت لتصوير الشوارع في المناطق الحضرية من أجل تطبيقات الخرائط الخاصة بها، جمعت أيضاً لقطات تضمنت بيانات خاصة في الوقت الذي كانت تمر فيه عبر شبكات لا سلكية غير مشفرة.

ومن جانبه، اعتذر لاري بيج أحد مؤسسي شركة "جوجل" في تصريحات لوسائل الإعلام الألمانية عن أخطاء جمع البيانات في خدمة رسم الخرائط التابعة لشركة جوجل الأمريكية للبحث الإلكتروني. وقال بيج في تصريح لصحيفة "فيلت" في عددها الأحد: "إنني آسف. لقد كان خطأ بالتأكيد"، طبقاً لما ورد بجريدة "الاتحاد الإماراتيه".

وعندما انتقد مسئولو حماية المستهلكين في ألمانيا "جوجل" في بادئ الأمر بسبب فحصها شبكات خاصة أصرت الشركة على أنها لم تكن تصور أي بيانات اليكترونية تمر عبر الشبكات، وأطلق ممثلو الإدعاء في مدينة هامبورغ الألمانية منذ ذلك الحين تحقيقاً أولياً في هذه القضية.

وكانت إلزه أيجنر وزيرة شؤون حماية المستهلكين في ألمانيا انتقدت في السابق خدمة "ستريت فيو" التابعة لـ"جوجل" التي تستخدم في إظهار صور مفصلة للشوارع والمباني بمستوى الأرض على شبكة الإنترنت.

وسعت أيجنر إلى منع استخدام خدمة ستريت فيو في ألمانيا، مؤكدة أنها تنتهك الخصوصية ويمكن أن تشجع على عمليات السطو.

وذكرت "جوجل" في مدونة لها أن جمع البيانات بهذه الطريقة نجم عن خطأ في البرمجة عام 2006، مشددة على أنها لم تستغل مطلقاً هذه البيانات بأي شكل من الأشكال.

ستريت فيو .. تاريخ من المشاكل



ورغم الحرص الدائم علي التطوير من قبل جوجل لهذه الخدمة، إلا أن المشاكل تلاحقها منذ بداية إطلاقها، فقد رضخت جوجل للضغوط الأمريكية وأجرت بعض التعديلات على خدمتها "ستريت فيو"، حيث قامت بمحو معالم شوارع مثل مانهاتن، ونيويورك وذلك بشكل مبدئي، على أن يتم توسيع هذا الحظر تدريجا ليشمل باقي المناطق الشهيرة.

وتتمثل التعديلات التي أجرتها جوجل على الخدمة في طمس بعض المعالم من وجوه الأشخاص والأبنية، ولوحات السيارات، كما يحدث تماما على شاشة القنوات الإخبارية، حينما يريد القائمون على المحطة إخفاء هوية شخص معين، لكي لا يتمكن المشاهد من التعرف على الشخص المتحدث نظراً لموقفه الحساس.

وقد طبقت هذه المبادرة بشكل مبدئي في الولايات المتحدة الأمريكية لأن أنظمة الخصوصية أكثر صرامة، حيث تعرض هذه الخدمة صورة تفصيلية للشوارع ولوحات السيارات والعلامات التجارية، على أن يعاد النظر في تطبيقها في مدن أوروبية مثل باريس وروما وميلانو.

وقال بيتر فلايشر المسئول عن الخصوصية في جوجل: "إننا نعرف أن أوروبا تجري تقييم الفروق بين الأماكن العامة، والخصوصية الفردية .. استمعت جدا لكل الآراء، والعادات والقوانين تختلف من بلد إلى آخر، وسوف نفعل كل ما في وسعنا لاحترام هذه الاختلافات.

وأشار المتحدث إلى أن التعديل الذي تجريه جوجل على هذه الخدمة سوف يستغرق قليلاً من الزمن، كي يتسني للشركة تعديل وضبط الصور المتاحة بالفعل على الإنترنت.

وأكدت جوجل أنها منذ أن عرضت خدمة الخرائط للمرة الأولى لم يكن هناك خلاف حتى من قبل المؤسسات العسكرية كالبنتاجون مثلا في أمريكا، كما أن شكاوي الخصوصية المقدمة من المواطنين لا تزال قليلة العدد، ومع ذلك فقد قررت الشركة تغيير سياساتها من خلال الاتفاق على حذف وجوه لوحات السيارات بناء على طلب من البنتاجون.

وقد أثير جدلاً واسعاً واستياء أكثر شراسة من المدافعين عن الحياة الخاصة في الولايات المتحدة، حيث أدت هذه الخدمة التي تعرض صورا مقربة لشوارع سان فرنسيسكو ونيويورك ولاس فيجاس وميامي ودنفر إلي وجود منافسة محتدمة بين مختلف المواقع الالكترونية لرصد لقطات مثارة في أوضاع محرجة.

ومن هذه اللقطات علي سبيل المثال صورة من الخلف لرجل يتبول ورجل وامرأة ممددان في الشمس علي العشب وقد خلعا بعض ملابسهما وامرأة شابة تضع ملابس داخلية مثيرة وشاب يتسلق سياجا وآخر يدخل الي متجر للمجلات الاباحية وشاب يعانق فتاة علي الرصيف وغيرها.

وإن كانت هذه اللقطات لا تتضمن اي شيء خارق، إلا أنه من الممكن التعرف إلى المارة، الأمر الذي آثار جدلاً في الولايات المتحدة بالرغم من تشريع هذا البلد نشر صور ملتقطة في الاماكن العامة بما في ذلك صور مارة وهو أمر غير مسموح به في العديد من الدول ومنها فرنسا.

وتطرح بعض هذه اللقطات مشكلات أكثر دقة، مثل صورة لعيادة في ميامي تجري عمليات اجهاض وقد طلبت مديرتها ايلاين دايمند من جوجل "تبديلها" بصورة اخري ، مشيرة الي ظهور متظاهرين ضد الاجهاض امام مدخل العيادة في الصورة الحالية.

واحتجت ريبيكا جيشكي المتحدثة باسم "مؤسسة الحدود الالكترونية" المدافعة عن الحياة الخاصة علي الانترنت، موضحة ان "الامر بمثابة تدخل في الحياة الخاصة للعديد من الاشخاص الذين التقطت صورهم في مشاهد جوجل".

الجدير بالذكر أن خدمة "ستريت فيو" تستخدم كاميرات ثبتت على أسطح سيارات في العديد من المدن الأمريكية لالتقاط صور للشوارع والأبنية.

ويمكن مشاهدة هذه الصور بالذهاب إلى موقع "خرائط جوجل" ثم النقر على "ستريت فيو" ثم كتابة العنوان لمشاهدة صور للموقع المطلوب.