بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين

الآية القرآنية:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)


موضوعها: الآية تعطي القانون الاسلامي الاجتماعي وضورة التعارف والعيش الهادف.

اشراقات:
جاء القرآن بميزان للفضائل وهو المسارعة والإستباق إلى مراتب الكمالات الانسانية علمية وعملية ، وأن كرامة الانسان بحقيقتها ومراتبها تدور مدار ما هو عند الله ، لا ما هو عند الناس ، وهو التقوى بنطاقها الواسع من الإتقاء عما يوجب كدورة اللطيفة الانسانية ويكون حجابا بينه وبين مبدء الكمال والجمال والجلال[1]

ان هذه الاية المباركة تعطي لنا عدة مفهومات:
1ـ ان البشرية كلها تعود لذكر وانثى فطبيعتهم بشرية اي من طين وليس من جنس الملائكة حتى تكون طبيعتهم نورية

2ـ الجعل الالهي وشعوبية الناس والمجتمع البشري فهو الاقرار بان الناس غير مجتمعة بنحو الاتحاد حيث الاختلاف والاراء والاذواق والحب والكره، فتسودهم حالة من الاختلاف لذلك عين الله لنا التعارف فجعله الوسيلة لنبذ الخلافات وليس الاختلافات فان البشرية لا يمكن لنا ان تتجرد عن الاختلافات لكنها تستطيع ان تتخلص من الخلافات التي تؤثر على البنية المجتمعية السليمة.


3ـ ان ميزان التفاضل والتمايز بين البشرالذي وضعته الاية المباركة هو التقوى والايمان والالتزام وهذا الميزان هو الافضلية التي أرادها الله بين الناس بحسب ما يؤديه كل واحد منهم من التزام وتكاليف دينية اما الامور الدنيوية فالتفاضل كل بحسبه وسعته ومقدرته ومدى ادائه لعمله ومهنته.

4ـ ان هذا الخطاب موجه لكل البشرية وليس لخصوص المؤمنين فقط ، ويمكن ان يقال ان المؤمنين هم شعب واحد ولكن قبائلهم مختلفة.

نص نقلي:
حدثني أبو عبد الله محمد بن موسى بن نصر الرازي قال : سمعت أبي ، يقول : قال رجل للرضا عليه السلام : والله ما على وجه الأرض أشرف منك أبا ، فقال : التقوى شرفهم وطاعة الله أحظتهم فقال له آخر : أنت والله خير الناس ، فقال له : لا تحلف يا هذا خير مني من كان اتقى لله تعالى وأطوع له والله ما نسخت هذه الآية : ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )


تحقيق حول كلمة شعوباً:
أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة : هو المجتمع المتشكَّل المنقسم عن مجتمع آخر . ففيه قيدان الانقسام والتجمّع بعده .

فهذان المفهومان مأخوذان معا في الأصل ، ولا بدّ من كونهما ملحوظين ، وليس كلّ واحد منهما منظورا بالاستقلال ، حتّى تكون اللغة من الأضداد[2]
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــ

[1] ـ منهاج الصالحين: الشيخ وحيد الخراساني، ج1،ص89.

[2] ـ التحقيق في كلمات القران الكريم: ج6،ص135.