العصمة لماذا؟
ان ظهور الكلام عن العصمة ما هو الا نتيجة لحفظ مقام صاحب الشريعة وبيان أهميته ومكانته في الدين وان هؤلاء الهداة الاخيار الذي افنوا اعمارهم في خدمة البشرية ودين التوحيد يستحقون منا ان نقول ما قاله الله تعالى في حقهم وكيف عظمهم ونهج لنا المنهج لتعامل معهم وكيف نخلدهم ونعتز بهم فهم كل ما عندنا وهم الذين مارسوا افضل الادوار في تاريخ الانسانية وكانوا المعلم الاول والشاخص الواضح المعتدل في طريق المجد والخلود الا ترى ان المجتمعات المتحضرة شديدة الاهتمام برموزها على صعيد المستوى الثقافي والرياضي والسياسي والاجتماعي وغير ذلك ، مع العلم ان رموزهم لم يكن بعضهم بتلك الاهمية الكبرى التي تستحق ان تُخلد، ونحن مع معرفتنا ان دور الانبياء والاوصياء لا يشابهه دور ولا يضاهيه اي جهد ، فلزم ان نتعرف على هؤلاء العظماء لانهم لم يكونوا صفحة وذهبت مع الزمن بل هم يمثلون نقطة الانطلاق لمسيرة البشرية وهم الخط الذي تمتد بدايته من أول يوم طبعت آثار اقدام بني البشر على كوكب الارض الى يوم القيامة حتى تنتهي الارض ومن عليها لان الانسان عبارة عن مادة ومعنى او قل جسد وروح او قل حياة ومبادى وقيم فلا ينتهي الانسان بموته، فان فناء الجسد لا يعني فناء الانسان، نعم انسان المادة والجسد ينتهي، لكن انسان الروح وانسان القيم والنبل لا ينتهي، الانسان المرتبط بالباقي والدائم والحي يكون تابع لمن أرتبط به فهو باقي ببقاء الحقيقة وباقي ببقاء التسامح والصلاح، لان الانبياء لم يبعثهم الله جلا جلاله لغرض النزهة والتمتع بزينة الحياة الدنيا، ولا لبناء القصور واسترقاق الناس وظلمهم، ولا لطلب الاستعلاء في الارض، بل بعثهم الله لانقاذ البشرية والانسانية من ظلام الجهل وجهل الظلام الى نور الايمان وعز عبادة الرحمان ، لان الانسان لو خلية وطبعه يصبح تائه بين مطرقة الشيطان والنفس والامارة ، حتى مع وجود العقل الذي اودعه الله تعالى فيه، الا انه لا يمتلك المنهج القويم والصحيح لكي يستمر في حياته وتطلعاته المستقبلية ، وكيف به وان الاعتقاد يحتم عليه بوجود حياة اخرى بعد حياة الدنيا، فيكون من الطبيعي والبديهي وجود القائد والمرشد والاسوة التي يتعلم منه ما يحتاجه في طريقه الشاق الطويل وكذلك يستلهم منه العبر والدروس فمن الممكن ان نتكلم عن الاسوة والقدوة التي يجب فيها العصمة.