القاهرة ـ روتانا
اهتمت مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً بخبر مطلقة أمريكية تدعى "سارة " قامت بإرسال مبلغ ضخم قدره 1.4 مليون دولار "هو تقريباً كل ثروتها" لشخص مجهول أحبته عبر الإنترنت على مدى 18 شهراً،
زعم أنه من إيطاليا ويُدعى كريس أولسن، وفي إطار كذبه قال إنه هاجر إلى أمريكا وعاش هناك 18 عاماً، قبل أن يهاجر مجدداً إلى أفريقيا للعمل فيها منذ عام ونصف العام.
الملفت في العلاقة التي جمعت بين كريس وسارة أن الرجل كان يطلب المال باستمرار، فكانت حبيبته "بالمراسلة" ترسل له ما يطلبه على حسابات مصرفية في بلدان مختلفة، من بينها أموال لتغطية أتعاب المحاماة وكفالة بطاقات ائتمان مفقودة ولتسديد فواتير فنادق، ولم تتردد المخدوعة سارة في بيع شقة تمتلكها لترسل لحبيبها 550 ألف دولار للخروج من إحدى أزماته.
المدهش في الأمر أن سارة ما زالت تثق بحبيبها الإيطالي أولسن وتقول إنها على يقين بأنه لا يخدعها، مؤكدة "ما زلت أؤمن بالحب".
لا شك أن هذه المطلقة الأمريكية ليست الوحيدة التي خسرت ثروتها من أجل علاقة افتراضية مع شخص مجهول وثقت به،
فهناك عشرات الضحايا اللاتي لم يكشفن عن أنفسهن، ما يدعونا إلى التساؤل: هل يمكن أن نثق بأصدقاء عرفناهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى الحد الذي يجعلنا نمنحهم عواطفنا ونحول لهم أموالنا؟
يجيب عن هذا التساؤل الدكتور رشاد عبداللطيف أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان قائلاً: "بالفعل أصبح العالم الافتراضي والشبكات الاجتماعية مثل "فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما من شبكات الإنترنت جزءاً رئيسياً من حياة الناس،
ومعه أصبحت صداقات الإنترنت منتشرة بشكل أكبر بكثير من الصداقات الحقيقية، رغم أنها تستند إلى مجرد معلومات وبيانات وصور افتراضية، لسنا متأكدين من واقعها أو صدقها، والمفترض في هذه الصداقات أنها تفتقد للثقة،
إذ لا يمكن أن نعول عليها الكثير لأنه يمكن لأي طرف أن ينهيها بضغطة واحدة على زر "بلوك"، ولاسيما أنه يستحيل عليك كشف نوايا الطرف الآخر الذي لا تعرفه ولم تره، ومن ثم لا يمكنك اعتبار هذا الشخص صديقاً حقيقياً، فقد تكون نواياه سيئة بالنسبة لك،
خاصة إذا كانت هذه العلاقة بين رجل وامرأة، ما يجعلها عرضة للتحرش أو الابتزاز كما هي الحال مع هذه المطلقة الأمريكية التي خدعت "بإرادتها" إلى الحد الذي دفعها إلى تحويل مبلغ ضخم لشخص لعب على وتر الحب عندها، وبكل أسف انساقت السيدة وراء هذه العلاقة لكونها تفتقد إلى الحب في حياتها اليومية وتبحث عنه عند ذلك الشخص المزيف.
وأضاف الدكتور رشاد: "إنها وأمثالها يجدون في مواقع التواصل الاجتماعى فرصة لإقامة العلاقات العاطفية وإرضاء رغباتهم ونزواتهم،
كما أن غالبية هذه العلاقات تكون في الواقع غير جادّة هدفها مجرد التسّلية والعبث بمشاعر الآخرين، ويصعب التحقق من صدق كلام الطرف الآخر في العلاقة ومن صحة هويته، لذا يجب الاحتراس عند تكوين الصداقات عبر الإنترنت لأنها أمر في غاية الخطورة".
وفي النهاية يحذر الدكتور رشاد من العلاقات التي تنشأ على مواقع التواصل الاجتماعي لأنها غالباً ما تكون مزيفة، فعديد من الأشخاص يدلون بمعلومات مغلوطة عن أنفسهم فيما يتعلق بهويتهم وعمرهم ومستواهم الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي بهدف تحقيق غاياتٍ ومكاسب بطرق غير مشروعة.