تسخيرُ العباد بعضِهم لبعض من أعظم مننِ الله على خلقه، وأكثرِها ابتلاءً وامتحاناً في الوقت ذاته، ألا وإن ثَمَّةَ ظاهرةً متفشيةً هي من نوعِ التسخير الذي منّ الله به على عباده، ظاهرةٌ استطارت جذورُها، واتسع نطاقها، حتى أصبحت من فَرطِ اتخاذِها عادةً فحسبº أن جُعلت في منأى عن التأملِ والتبصر والنظرِ المُنصِفِ في حقيقتها، وحُسنِ الإفادةِ منها، بل التفكر فيما يجبُ لها وما فُرض عليها، إنها ظاهرةٌ ليست وليدةَ الحاضر ولكنها ليست قديمةَ الماضي، هي في مأزِقٍ, من الأمر، تترقبُ الأطروُحاتَ الجادة، والبحوثَ المثمرة من على منابرِ التوجيه والإرشاد، أو في المنتدياتِ العامة والتوجيهِ الإعلامي، أتدرون أيٌّ ظاهرةٍ, هذه؟
إنها ظاهرة الخدم.
نعم إنها ظاهرةُ الخدم، إنها بحق ظاهرةٌ، ولكن ليس هذا هو العجب، وإنما العجب أن تكون بهذا الحجمِ الكبير بين ظهرانِينا دون أن تكونَ محلاً لحُسنِ التكثير وصحةِ الأسلمةِ لها، يَعُبٌّ الناس منها عبّاً، لا يُلوي الكثير منهم على شيء سوى أنها عادةٌ وطبعٌ، وتفاخر وحبُّ في الرفعةِ والشرفِ، وحبِّ التسلط والتشبهِ ببَلاطِ السلاطينِ ونحوهم، إننا لو أمعنا النظر شيئاً يسيراً لوجدنا أن هذه الظاهرةَ متراميةُ الأطراف، وأنّ َالحديث عنها يُعوِزُه الوقتُ الطويل بعد سبرِها وتشخيصها من خلال استقراءٍ, ميدانيٍ, واسعِ النطاق، ولكن على حدِّ قول القائل: "ما لا يُدرك كلٌّه لا يترك جله"،