لليوم الثالث على التوالي، لم تحرز الحملة العسكرية التي أطلقتها القوات العراقية مسنودة بالتحالف الدولي وقوات الحرس الثوري الإيراني فضلاً عن المليشيات المسلحة، أي تقدم؛ مع استمرار معارك كر وفر بين الطرفين على حدود مدينة تكريت، على الرغم من تسجيل خسائر متفاوتة للطرفين بالأرواح والمعدّات .
ورصد صحفيون من أمام خطوط المواجهة الأمامية في تكريت، تواجد القوات العراقية على مسافات متباينة من مدينة تكريت أكثرها قرباً المحور الشرقي بواقع (2 كيلومتر) فقط عن أول أحياء تكريت، وأبعدها (12 كيلومتراً) من المحور الغربي، حيث سكتت أصوات الرصاص من البنادق الخفيفة والمتوسطة لتتحدث الصواريخ والمدافع من كلا الخصمين.
ويملك الطرفان عوامل تتفوق على الآخر، إذ وفقاً للمعلومات الميدانية، يملك تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، المتواجد بالمدينة، ما بين 2000 إلى 3000 آلاف مقاتل، من بينهم نحو 100 انتحاري و300 آخرين من كتيبة "أبو دجانة الأنصاري"، وغالبيتهم من بلدان شمال أفريقيا (أي تونس والجزائر والمغرب وليبيا)، فضلاً عن سوريين ويمنيين.
ويتحصن مقاتلو "داعش" خلف تضاريس طبيعية مكنتهم من تخفيف وقع الصواريخ المُوجه عليهم من الطائرات، فضلاً عن المباني الطرفية المحيطة بالمدينة، وكثافة الأشجار من المحورين الشرقي والشمالي، بحسب ما أفاد به مستشار في وزارة الدفاع العراقية يرافق قوات الجيش هناك.
وأوضح المستشار، محمد الجبوري، أن "هذه أعداد داعش المتوقعة في المدينة ولديهم مخزون كبير من الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة، ويملكون دبابات ودروعاً ومدافع ثقيلة استولوا عليها من الجيش، عند احتلالهم تكريت وضواحيها في الثالث عشر من يحزيران الماضي".
ولفت الجبوري، إلى أن "المعلومات التي لدينا أنّهم سيقاتلون حتى النهاية، ولديهم أحزمة ناسفة لكل مقاتل سيفجر نفسه لمنع أسره، لذا المعركة صعبة للغاية، ومثل تلك الحالات المشابه مرت بها القوات الأميركية عام 2004 بالفلوجة، واضطرت إلى استخدام مادة الفسفور الأبيض بعد استعصاء دخولها لأكثر من 20 يوماً من المعارك الضارية".
وبين المستشار العسكري أيضاً، أنّ "عناصر داعش يمتلكون الأفضلية في مسك الأرض وطبيعتها على عكس القوات العراقية المشتركة، حيث تتواجد في مناطق صحراوية مفتوحة، يجعلهم مكشوفين أمام رشقات الصواريخ والقذائف المدفعية التي يطلقها داعش بين ساعة وأخرى". غير أنّ الجبوري، أكّد في المقابل، أن "القوات العراقية تمتلك الأفضلية في المطاولة واستمرار إمدادات السلاح والمقاتلين والغطاء الجوي، إذ إن القذيفة التي يطلقها داعش لا تعوض بغيرها، على عكسنا نحن تماماً، كما أن عديد مقاتليهم يتناقص وهم يقبعون الآن في فخ الاستنزاف الذي لن يطول كثيراً".
وعلى صعيد خسائر الطرفين، قال ضابط بالجيش العراقي، إن "56 شخصاً من قوات الأمن والمليشيات قتلوا خلال المعارك الدائرة منذ يومين في محيط تكريت، وهناك 119 جريحاً غالبيتهم من أفراد المليشيات، ونتوقع أن يكون عدد قتلى داعش بين 30 إلى 40 عنصراً بسبب القصف على مواقع داخلية في المدينة". ويبدو أن المليشيا بدأت تعتمد على الفتاوى الدينية لتعزيز الروح المعنوية عند جنودها، بعد خسائر اليومين الماضيين، إذ قال مسؤول بارز بمليشيا "أبو الفضل العباس"، إن "ثلاثة من المراجع الدينية في النجف وكربلاء أرسلوا بيانات للمقاتلين تلاها رجال دين معتمدون من قبل المراجع، تتناول الحث على القتال والشهادة ونيل الجنة بقتال أعداء الإسلام المحمدي".
وصباح اليوم تم رصد قصف صاروخيا كثيفا من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية"، على مواقع وحشود الجيش والمليشيات في محيط المدينة، أوقعت إصابات وخسائر في صفوفها قبل أن ترد تلك القوات بقصف أعنف على المدينة وبشكل عشوائي. |