روتانا ـ إيمان المولدي
صفات كثيرة تستفزنا ولا نُحبب وجودها سواء فينا أو فيمن حولنا، إلا أننا نصطدمُ بها في مواقف كثيرة فنعجز عن تفسير ما نحنُ به من تناقض بين كرهنا لها ووجودها بنا.
من بين هذه الصفات غير المحببة، صفة الأنانية، تلك الصفة التي نستنكرها جميعاً، والتي استفزت كثيراً من الكُتاب والممثلين الذين تعمدوا أداء أدوار تُجسد الأنانية نظراً لما فيها من تركيبة غريبة وعجيبة.
الموضوع استفزني أيضاً للبحث خلف ما تُخبئُه الأنانية من خبايا وهل هي فطرةٌ بشرية أم مرضٌ نفسي دخيلٌ عليها؟ وقبل أن أصبو برأيي المتواضع ووجهة نظري في الموضوع وقبل أن أتوجه لرأي خبراء في هذا المجال ومعرفة رأي العلم فيها توجهت بالسؤال إلى مجموعة من الأصدقاء كنوع من الفضول لمعرفة كيف ينظرون إلى الأنانية وكيف يتعايشون معها.
جيهان شابة تُجهز للدكتوراه في إدارة الأعمال، وهي مُهتمة بمطالعة الكتب التي تدور حول طبيعة الإنسان وتصرفاته، أجابت عن سؤالنا ورأت من وجهة نظرها أن الأنانية أمر طبيعي في النفس البشرية فكل واحد يتمنى الأفضل لنفسه ويدافعُ عن مصالحه بكل ما أُوتي من قوة، وبشكلٍ لا شعوري أي دون وعي وتخطيط بل غريزة داخلية تدفعُه لهذا، لكن يوجد من ينتقل لمرحلة أخرى قد نُسميها "الحسد" فلا يُريد الخير لأحدٍ غيره وقد يحزن ويكتئب إن كان غيرُه في نجاح وسعادة وهناء.
أما صديقنا والمتابع الوفي أحمد فيرى أن الأنانية صفة منبوذة وتتسبب في تنفير من حولك فهم يشعرون بأنك إنسان غير مرغوب فيك.
وكان لرائد "طالب في المرحلة الثانوية" رأي مختلف تماماً فهو يقول: "إن المجتمع قد يفرض عليك أن تكون أنانياً، رغم أنها صفة سلبية إلا أنها قد تكون وسيلة لاستمراريتك في زمن انقلبت فيه المقاييس".
وعن منار "متزوجة وأم لطفلين" فتقول: "إن الأنانية تُعتبر مرضاً"، كما حكت عن تجربتها مع زوجها الأناني الذي لا يهتم إلا بمصالحه ورغباته متجاهلاً إياها وأطفالها.
وعن رأي المختصين يقول أنس بن محمد فلاتة "إخصائي نفسي بجامعة طيبة ومدرب معتمد في التنمية البشرية": "إن الأنانية تعني حب الذات بشكل مبالغ فيه، ولها مصطلح آخر وهو الشخصية النرجسية، حيثُ يطغى على الفرد حبه دوافعه ورغباته الذاتية من دون النظر إلى رغبات ومصالح الآخرين أو الاهتمام بهم"، مضيفاً: "النرجسية تعتبر محبة غير طبيعية للذات والشعور المبالغ فيه بالتفوق والأهمية والاستحقاق".
وعن أبرز سمات الشخصية الأنانية يقول فلاتة: "الغرور والبحث الدائم عمّا يثير الانتباه، كما أنهم يعتبرون أنفسهم أفضل وأكثر استحقاقاً من غيرهم، وهم على استعداد لضر غيرهم ليصلوا إلى مصالحهم الشخصية".
وأضاف فلاتة أن الأنانية إذا كانت مرضاً إلا أن لها في الوقت نفسه علاجات نفسية تساعد الأناني في التخلص منها وتغيير سلوكه للأفضل وتُقوم الاعوجاج الذي يعانيه، مختتماً كلامه بقوله: "إن الله تعالى خلقنا على فطرة طيبة، وعلمنا كيف نتعايش مع الآخر بروح الأخوة".
رد مع اقتباس
()
