الله اكبر الله اكبر الله اكبر
اللهم صل على محمد وال محمد وصحبه الاخيار المنتجبين وعجل فرج ال بيت محمد
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
وبارك الله بكم ووفقكم الله لنصرة الحق وأهله والله الموفق
الحسين () نور الله في عالم الإنسانية
لم يتوقف التاريخ منذ بزوغ فجر الإنسانية الى يومنا هذا في أدراج العظماء والمفكرين والمصلحين , وهو يستعرض ومضات مشرقة وعطاء مثمر لكل انجاز يخلده الإبطال عن سيرهم ويحفر لهم سجل الذاكرة مكانة سامية ولا يغفل عن ذكرها في كل عصر , وتزهو بها الأجيال وتحملها أمانة في أعناقهم ومسؤولية كبيرة لما لها من تكوين الإرث الحضاري والمنجز البطولي
ولكن بقاء ذكر الأمام الحسين على رأس عالم الإنسانية في كل عام محطة تتسابق لها الأجيال في حمل معاني ثورته واستخلاص العبر منه وجعل الشعوب والأمم أن تسلك طريق مستقبلها بأقصر الطرق وأقل الخسران متأثرةً بربيعه ومستلهمة من منهجه ويوم عاشوراء برنامج عمل لاتصمد أمامه الدكتاتوريات والقياصرة والجبابرة والطواغيت,رغم أن قرون مضت وحضارات اندثرت وبقي ذكر واقعة الطف ينتشر ويكثر , ولم يسجل لنا في سفر التاريخ أضخم وأعظم وأنزه من واقعة الطف بين جيش واحد يمثل الضلالة والأخر أصحاب يمثلون أركان الرحمة والمعراج الى الله
وأفاقت حتى معركة بدر من حيث العدد والعدد , الحسين استطاع بأيدلوجيته وحلمه أن يحول قضيته من صحراء كربلاء الى كل العالم وليبلغهم أنني لم أخرج أشرا ولأبطرا ولا فسادا أنما خرجت لطلب الإصلاح ومحاربة الظلمة والمتجبرين وليتذكر المسلمون جميعاً قول الرسول الكريم صلى الله عليه واله ( من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله, مخالفاً لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان , فلم يغير عليه بفعل ولا قول , كان حقاً على الله أن يدخله مدخله )
من هذه السنة تأثر الإمام وليثور بكلام جده بحق المرتدين والظلمة فخرج على يزيد بعد الممانعة من قبل أخيه محمد بن الحنفية , ولكن إصراره ومسؤوليته الشرعية أبت أن يجامل على حساب دين جده رسول الإنسانية , فخرج مع أصحابه وأهل بيته الخلص الذي وصفهم بقوله ( لا أعلم أصحابا أولى ولا خير من أصحابي ولا أهل بيت ابر ولا أوصل من أهل بيتي فجزآكم الله عني جميعاً خيرا) ولما أراد الخروج من مكة طاف وسعى واحل من إحرامه وجعل حجَه عمرة :لأنه لم يتمكن من أتمام الحج , وروي انه لما عزم على الخروج الى العراق قام خطيباً فقال , ( الحمد لله ما شاء الله , ولاقوه ألا بالله , وصلى الله على رسوله خط الموت على ولد ادم مخط القلادة على جيد الفتاة , وما أولهني الى إسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف وخير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ,
(روى ابو جعفر الطبري , عن الواقدي وزرارة بن صالح قال: لقينا الحسين بن علي قبل خروجه الى العراق بثلاثة أيام فأخبرنا بهوى الناس بالكوفة , وأن قلوبهم معه وسيوفهم عليه , فأومآ بيده نحو السماء ففتحت أبواب السماء ....
فقال : ولكن اعلم يقينا أن هنالك مصرعي ومصرع أصحابي ولا ينجو منهم ألا ولدي علي )وعندما عزم على الخروج جاء له أخيه محمد بن الحنفية وقال ياأخي أن أهل الكوفة من قد عرفت غدرهم بابيك وأخيك , وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى , ثم قال له فما حداك على الخروج عاجلاً فقال أتاني رسول الله صلى الله عليه واله بعدما فارقتك فقال ياحسين اخرج فأن الله قد شاء أن يراك قتيلاُ , فقال له ابن الحنفية : إنا لله وانأ أليه راجعون , فما معنى حملك هولاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال ؟! فقال: قد قال لي : أن الله قد شاء أن يراهن سبايا , وسلم عليه ومضى صلوات الله عليه , ثم اتجه الى كربلاء , إنا هنا لااريد أن اذكر التفاصيل الكاملة عن ما صادفه بالطريق وإثناء المعركة فقد بانت أحداث القتال على مسمع ومرأى جميع المسلمين من خلال الكلام والقصص والأدب الحسيني الذي أعطى صورة متكاملة عن الواقعة ولكن هنالك وقفات نتأمل بذكرها لشدة وقعها على امتنا الإسلامية وتأثيرها في رسم طريق التغيير ورفع حاجز الخوف , ويستوقفني أن اذكر كلمات المحاورة التي جرت بين حبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجه في ساحة القتال يوم العاشر من محرم ( قال حبيب : عندما رأى مسلم فيه رمقاً فقال لولا أني اعلم في أثرك لاحق بك من ساعتي لأحبب أن توصيني وأجابه مسلم بصوت ضعيف لشدة ما وقع عليه من سهام وضرب السيوف بل أنا أوصيك بهذا ( وأهوى بيده الى الحسين ) أن تموت دونه فقال حبيب : أفعل ورب الكعبة , هذه الصورة الشعرية والوفاء الإنساني والذود بالاروح السخية لنور الله في عالم الخليقة الإمام الحسين من هولاء الأصحاب الذي ذكرهم الأمام ومجدهم وأثنى عليهم ,ورفعهم الله في عليين , أن سر الحب والوفاء للأمام الحسين وما يتربع في قلوب المحبين هو العشق المرتبط والمتمسك بعبق الولاية الموفودة الى الله ,وعندما انتشرت قصة الأمام الحسين في العالم ووصلت الى مشارق ومغارب الأرض تأثر بها احد القساوسة وقال
( لو كان الحسين لنا لرفعنا له في كل بلد بيرقا ولنصبنا في كل قرية منبراً ولدعونا الناس الى المسيحية باسم الحسين )
أن ثورة الأمام الحسين هي تجسيد لواقع الأمة الإسلامية في اخطر مراحلها وما قام به يزيد وإتباعه من انتهاكات لحرمة الدين الإسلامي وأوشك أن تتلاشى معالمه لولا نهضة الحسين وبذل الدماء وتقديم آهل بيته قرابين لاستقامة دين جده محمد صلى الله عليه واله والتي كشفت الأيدلوجيات المزيفة والفكر المنحط والأعمال القذرة في قصره الذي أصبح ملاذا للكفر واللهو وتصدير البدع ومخالفة مبادئ الدين الإسلامي وترك أمور الأمة في أيدي غلمان لأتفقه ولا تعلم من الدين ألا اسمه , كان حقاً على الأمام أن يتحمل تلك المسؤولية الخطيرة في أحوج بدايات الدين الإسلامي الى الانتشار ولا سيما ان الأخطار تحدق بالأمة الإسلامية في محيط الجزيرة وعلى الثغور ولم يكن هنالك قواعد متينة وسياسات واضحة حتى اتجاه ولايات الدولة الإسلامية التي أخذت تضطرب يوما بعد يوم , الى جانب ذلك فان ثورة الأمام كانت ثورة أعلام وثقافة فكرة أصيلة وتعد منهج ثوري للمسلمين
رسمت للأمة طريق الخلاص من الظلم , كما أفرزت واقعة ألطف رحماً ولوداً وعبأت المسلمين لثورات عديدة وأصبح قبر الحسين مناراً ومنطلق الثائرين ولم تتوقف الثورات الى يومنا هذا مستمدة العزم والشجاعة عن واقعة الطف المعركة القصيرة في التاريخ وعظيمة الانتشار والاتساع وان حرارة الحسين جمرة في قلوب المحبين لا تطفأ إلا يوم القيامة , الحسين خلف لنا عنفوان وسمو يعلو حينما نتذكر الواقعة ونواسي بها جده محمد صلى الله عليه واله , وأي سمو وأي منهج أعظم من نهج الحسين الذي ضحى بنفسه وعياله , وهل ثمة منصف يستكثر عندما يصير للحسين عرض في النفوس والقلوب والضمائر كما يقول المرحوم الدكتور احمد الوائلي , علينا أن نتذكر واقعة الطف كل عام ونحي أمرها يقول الإمام الرضا ( من جلس مجلساً يذكر فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب )