لم أنم ليلتي تلك فبعد ان اختلست من الليل بعض اغفاءات أفقت نهاراً من دون ان ارى الشمس لأنني احزن من ان ارى النوم.... يوم داكن هو ذلك اليوم التموزي، حزن واحلام خائبة ومدن خاوية على عروشها بانتظار مكالمة من اخي تزيح عنا هواجس الفراق لكان علينا ان نعيش السعادة كلحظة مهددة ونتهيأ مع كل امتلاك لحتمية الفقدان، فتذكرت قول الامام علي (عليه السلام) احب من شئت فانت فاقده وفجأة..
رنين يشل النبض.. مكالمة من اخي تعلن عن رحيل أبدي فينهار بعضنا على بعضنا ويخذل كلنا كلنا..
أي صباح هذا؟ عشنا فيه بلا حياة ومتنا فيه بلا موت وأحاط بنا الاقارب كضبابة حزن وفررنا من زحامهم حيث نعشق بهلع الاطفال حين تختبئ من شبح اليتم ويحملونك ابتسامة في تابوت وجنازة مهيبة غاب تحت وطأتها عشرات المشيعين فتقودنا خطانا الى المحطة ذاتها..؟؟
(وادي السلام)..
هل نرثيك أم نرثي أنفسنا؟
فكلام الاطباء كان كذبا، وتقارير الاطباء كاذبة، وحتى موتك كذبة، فقد فاق كفرنا بكل الاطباء وبكل المستشفيات (وبكل الاورام) فليس فوق الارض من هو اتعس منا نحن الاربعة فهل طاب لك فراقنا أم رحلت رغماً عنك؟ فقط اخبرينا كيف وجدت الحياة هناك؟ وكيف كانت ضغطة القبر؟ وهل ارعبك التراب الذي حثي عليك؟ وهل وجدت من بكتهم عيناك ليال؟ وهل صافحت روحك ارواحهم؟ فقط اخبرينا لان القلق يساورنا عليك أما أنت فلا تقلقي علينا أن السعادة أصبحت حقاً للآخرين فلم يعد هناك وطن يلملم جراحاتنا انت فقط من يلملم تلك الجراحات فهل ستعودين يوما؟ أقبل يديك الناعمتين التي اثقلها حمل قدح الماء آخر المساءات..
أقبل قدميك التي عجزت عن خطاها آخر الصباحات..
ان تعودي لثوان فقط معك نسترجع طفولتنا وعطر الامس ذلك العطر الذي تالفه ذاكرتنا وتأنس له روحنا عطر الارض بعد الشتوة الاولى عودي امي..
فحتى النوارس البيضاء تعودُ لأوطانها بعد الشتاء فهل ستعودين؟؟؟؟
إباء الجبوري