(الحب ياتي بعد الزواج)
مقولة شائعة لطالما سمع بها ايمن وحفظها عن ظهر قلب لكثرة ماتردد امامه لكن لم يجدها في واقع الحياة من خلال حالات الزواج المتعددة من حوله فاغلب تلك الزيجات التي تاتي بلا قصة حب او علاقة غرامية يكون مصيرها الفشل مختفيا خلف اسوارها العالية وتبدو ظاهريا محاطة باطار ملون من الخارج.
لم يستطع ايمن عبدالله (موظف) ان يقف حائرا امام تقدم العمر به باتجاه عتبة الثلاثين لاسيما وان قلبه اخفق في ايجاد من توافقه فكان لابد له من التفكير بمصلحته في الخروج من هذا الوهم الكبير (الحب) كما يسميه هو الذي ظل ينتظره لسنوات فخضع لرغبات وعروض الاهل والجيران واحيانا الاقارب والاصدقاء واتخذ اول خطوة لاختيار شريكة لحياته رغم عدم ايمانه بجدوى الزواج دون حب او تعارف مسبق ولربما مافعله كان يعد مجازفة كبيرة تحتاج الى مراجعة دقيقة معتمدا على الحظ والتفاؤل فنجح ببناء اسرة اساسها قائم على المودة والاحترم حتى صار لديه يقين كبير بان الاعوام المقبلة ستمنحه مايحلم به لاسيما وان ظهور علامات الحب سريعا لزوجته شكل لديه حافزا للعيش بامل واسع معلنا عدم ندمه على قراره باتباع طريقة الزواج التقليدي والارتباط باحدى زميلاته بالعمل.
اكتشاف العيوب
بينما سمير علوان (25 عاما– اعمال حرة) حصل له ما لم يكن في الحسبان بعد اقترانه باحدى قريبات والدته فقد خاض التجربة رغم حذره وخوفه من المستقبل ومصير تلك الزيجة فوجد نفسه ينقاد نحو الاجمل ويسبح في بحر حب عميق لم يتوقعه لكن تمناه كثيرا واختلفت حياته كليا عن السابق لذا بات يسعى بحرص للمحافظة على ماحصده من سعادة غامرة في ظل الحياة الزوجية الهادئة التي ينعم بها حاليا وهو يرى امام عينيه بعض اصدقائه الذين تزوجوا بعد قصة حب عنيفة خرجوا فيها بخسائر واضحة جراء غياب الانسجام بين الطرفين واكتشاف عيوب ومساوئ كلاهما دون تجاوزها.
قلق وتوتر
تعتقد منار عدنان (موظفة- 29 عاما) حسنا فعلت حينما اشترطت ان تكون هناك فترة من الزمن للخطوبة قبل الارتباط تمكنت خلالها من دراسة وتقييم اخلاق الانسان الذي سيواصل معها مشوار العمر فنالت اكبر مما حلمت به من اهتمام ورعاية اذ منحها الله ماتستحقه لقد عوضها عن أي حرمان مضى ما اسهم في التخفيف من قلقها وتوترها حيث اعتادت انتقاد نوع كهذا من الزواج ورفضه بشدة مصرحة دوما بانها لن تتزوج الا عن حب باعتبارها امراة واعية مثقفة فاعطت لنفسها فرصة ووافقت مبدئيا على قبول ابن الحي الذي تسكن فيه وتعترف انها تذوقت معه الشهد بعد مواقفه النبيلة التي جعلتها تحبه حد العشق مشيرة الى حقيقة بان معظم الرجال في مجتمعنا لا يعترفون بالعلاقات قبل الزواج حتى لو كانت محترمة وعادة في النهاية يفضلون الزواج التقليدي.
مفاجأة عاصفة
في حين لم يكن امام سعدون محمد (اعمال حرة – 36 عاما) غير الطلاق كمنفذ اخير للخلاص من تجربة مّرة تحكمها الغيرة والشك وعدم التفاهم والالتزام وبالتالي اثر ذلك على وضعه النفسي فانهارت اعصابه وحياته انقلبت راسأ على عقب بسبب تراجع صحته لكنه يحمد لله على انه لم يرزق بطفل من تلك المراة التي انفصل عنها بعد الاقتران بها لمدة سنة احدثت مفاجات عصفت بماتبقى له من احلام اذ جاءت كخاتمة لقصة حب دامت خمس سنوات اخطأ فيها بانتقاء من تناسبه فترك الامر مجرد ذكرى وجرح بدا يداوي اثاره بالنسيان والتعجيل بالبحث عن ضالته فحصل النصيب مع امراة اخرى تعمل في احدى دوائر الدولة صديقة اخته انجبت منه ولدين تكيف و تناغم معها بالمشاعر والسلوكيات بلا مشاكل وهموم.
عقلانية
امام تلك الحكايات تقف نسرين جاسم (موظفة- 32) لتروي قصتها وهي تندب حظها اذ ان جميع اخواتها الثلاث اقمن علاقات عشق ناجحة تكللت بالزواج فكتب لهن التوفيق والهنا مع أزواجهن وباتت حياتهن مستقرة امنة فيها الفة وسلام و ثقة متبادلة باستثنائها هي فقد تزوجت بابن الجيران وضغطت على رغباتها فعاشت بوهم الزواج العقلاني الخالي من العواطف ولم تحصد غير الهم والنكد بالرغم من تنازلها عن الكثير من احتياجاتها وتضحيتها بتغاضيهاعن هفواته كونها تمتاز بالقناعة والرضا فحاولت ان تصلح من حاله كي تداري شمعتها معه لتنير دروب اولادها الا انه اخذ يستغل طيبتها ويتصرف بعدوانية وغموض لذا فان نشوب المشاحنات بينهما بصورة مستمرة اضحى طقسا اعتياديا لديهما.
اسلوب متحضر
ترى الباحثة الاجتماعية الدكتورة فوزية العطية في كلية الاداب ان طرق الزواج تختلف من مجتمع الى اخر وتتباين مديات نجاحها مابين الفترات الزمنية التي تمر بها وما تتعرض له من ظروف والعراق من البلدان الذي شهد تحولات بانواع الزواج بتاثير اسباب عديدة منها السنوات الصعبة المشحونة بالازمات ابتداء من حروب الثمانينات وحتى المرحلة الحالية التي انتشر بها الزواج التقليدي ويمكن ان نعرفه بانه اسلوب متحضر بتقاليد وقيم قديمة كان معمول بها في السابق وهو لايختلف عن غيره من انواع الزواج بوجوب وجود شروط التاقلم والتعايش والتقارب بالمستويات كافة لكن لايمكن اعتباره قياسا للنجاح والملاحظ انه اخذ يطفو على السطح في الاونة الاخيرة وقد يصبح حالة ايجابية خاصة اذا حلق به الزوجان في سماء الحب وعموما في الماضي كان يحصل بلاشوائب ولا منغصات والمراة والرجل كلاهما يطمح لزرع بذور الحب بعد الزواج فيثمر اولادا اصحاء نفسيا واجتماعيا وحياة اسرية سليمة.