بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
القناعة وشاح المؤمنينالقانع: هو الّذي يقنع ويرضى بالقليل، ولا يسخط ولا يكره بقلّة المعيشة. وفيالصحاح: «القانع: الراضي بما معه وبما يعطى من غيرسؤال»(1).
فضيلة القناعة في الأخبار كثيرة، كقول الامام علي (عليهالسلام): (القانع غني وإن جاع وعرى، ومَن قنع استراح من أهل زمانهواستطال على أقرانه، ومَن قنع فقد اختار الغنى على الذل، والراحة على التعب)
وقوله(عليه السلام) (القناعة كنز لايفند)(2). ولعل عدم نفاده لأنّ الإنفاق منه لا ينقطع كلّما تعذر عليه شيء مناُمور الدنيا قنع القانع بما دونه ورضي به.
وقوله(عليه السلام): (عَزَ مَن قنع، وذلّ مَن طمع).
وقول أميرالمؤمنين(عليهالسلام): (إنّي طلبت الغنى فما وجدت إلاّ بالقناعة، عليكمبالقناعة تستغنوا، وطلبت القدر والمنزلة فما وجدت إلاّ بالعلم، تعلّموا يعظم قدركمفي الدارين، وطلبت الكرامة فما وجدت إلاّ بالتقوى، اتقوا الله لتكرموا، وطلبتالراحة فما وجدت إلاّ بترك مخالطة الناس، اتركوا الدنيا ومخالطة الناستستريحوا)(3).
أو غير ذلك من الأحاديث الّتي تدلّ على فضيلةالقناعة.
وسرّها واضح; إذ من المعلوم أنّ من قنع بالقليل من الزاد فيمسافرته إلى الله تعالى أمن
من الكد والتكلّف والسعي في الطلب، ولا يوقع نفسه فيمتاعب الكسب ومصاعب
الاُمور، ويتقي بوجهه سوء الاكتساب، حتى لا يقع في الشبهاتوالمحرّمات، ولهذا
يصان دينه وإيمانه، وكان بمعزل من الصفات الخسيسة والسماتالخبيثة، ويقبل بجميع
وجوهه إلى الله تعالى، ويجعل غاية عزيمته سرعة سيره من هذاالجسر; ليلتحق بالمفردين()
يسلك في سلك المقرّبين أو في حزب أصحاب اليمين، وتبرّأعن الانخراط في زمرة المكذّبين الضالين.
مع أنّ الإنسان العارف يعلم أنّ قسّام الأرزاق بجملتها هو الحكيم على الإطلاق، قد قدّر لكلّ فرد منأفراد الأناس والحيوانات رزقاً معيّناً معلوماً، مقسوماً في أوقات خاصة، لا يقدّمولا يؤخر طرفة عين.
بل لكلّ غصن من أغصان الأشجار والنباتات وأوراقهارزق معيّن مشخّص، مرزوقة به، لا ترتزق ورقة رزق الاُخرى، بل جميع العالم مرزوقة منالله تعالى من السموات والأرضين، كلّ برزق مخصوص يختصّ به،
فإذا كان أزمّة الاُمور من الأرزاق وغيرها بيده تعالى، فلِمَ لايرتضي العبد القانع بما تيسّر له من المعيشة، واغتم بأقسام الآخرين، وأخرج نفسه منسلسلة الصابرين والشاكرين؟
نسأل الله القناعة ورضاه عنا