Friday the 30th March 2012
كتّاب: انفصاليون وطائفيون يقودون العرب في المرحلة القادمة
صحافة: أمير الكويت يدخل قصر صدام ظافرا في قمة بلا قائد تاريخي
أظهرت قمة بغداد اختلافا بين النخب العربية حول دلالتها وأهميتها. فقد اعتبرها الكاتب المسفر قمة يقودها طائفيون وانفصاليون وكتب الشبوط انها قمة تؤكد نجاح الديمقراطية العراقية.
حفلت جولة الصحافة لهذا الصباح بقراءات متباينة الى حد كبير حول الموقف من قمة بغداد العربية الثالثة والعشرين والتي اختتمت أعمالها وتصدّرتها مِلفاتٌ مهمة أبرزُها مِلف الأزمة السوريةِ والصراع العربي الاسرائيلي فضلا عن قضايا تخص العملَ العربيَ المشترك.
فبينما ينتقد الكاتب القطري محمد صالح المسفر الزعماء العرب لقبولهم ترأس الثنائي العراقي – كما اسماه - الطالباني والمالكي العمل العربي لمدة عام واصفا الاول بالانفصالي عرقي النزعة يكره بل يرفض أن يكون القطر العراقي جزءا من الأمة العربية، والثاني بالطائفي والطاغية بكل معنى الكلمة وصل إلى الحكم بتوافق إيراني أميركي رافضين إرادة الشعب في اختيار (علاوي) عبر صناديق الانتخاب.
لكن الكاتب العراقي محمد عبد الجبار الشبوط يثني على إنجاز يصب في صالح الديمقراطية العراقية، بغض النظر عمّا يمكن ان يقال عن نقاط ضعفها والثغرات التي تعانيها. والانجاز يتمثل بقيادة مؤتمر القمة العربي من قبل ثلاثة اكراد عراقيين.
لكن الكاتب غسان شربل ينظر الى القمة مبتهجا بغياب القائد التاريخي واصفا هذا الغياب بالممتع واللذيذ. ويستطرد شربل : يكفي كم عانت الشعوب من القادة التاريخيين الذين التهموا السلطة بجنازير الدبابات او جنازير الحزب الواحد.
محمد صالح المسفر: قمة يقودها طائفي وانفصالي
كتب محمد صالح المسفر في صحيفة الشرق القطرية أن تمثيل الكويت على مستوى أمير البلاد أمر في غاية الاستغراب من كثير من المراقبين داخل الكويت وخارجها، فالنظام الطائفي في بغداد السند المُعِين لكل التحركات الطائفية إلى جانب إيران في دول مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك الكويت، وإيران متهمة من قبل الكويت ودول أخرى في مجلس التعاون بالتدخل في شؤونها الداخلية بل اتهام إيران بالتدخل في الشؤون الداخلية تعدى حدود الخليج العربي ليصل إلى لبنان واليمن وسورية وجزر القمر والصومال وغيرها من الدول العربية.
عروبة العراق و طالباني
ويؤكد المسفر أنه لا اعتراض على تمثيل الصومال وجيبوتي وجزر القمر في قمة بغداد على مستوى الرؤساء فلكل أسبابه ودواعيه، ولا اعتراض على السودان لأن الرئيس البشير كل تحركاته خارج السودان تحدٍّ لمحكمة الجنايات الدولية التي تتهمه بارتكاب جرائم حرب وتطالب المجتمع الدولي بالقبض عليه وتسليمه للمحكمة.
ويتابع : اعترض على تونس الثورة (المرزوقي) وليبيا الثورة (عبد الجليل) هؤلاء القادة وصلوا إلى مراكزهم العليا بموجب رغبة شعبية وقبلوا بالتعددية والحكومة المدنية الديمقراطية واجتثاث الفساد والمفسدين.
و يتساءل المسفر : كيف يقبلون أن يرأسهم لمدة عام كامل الثنائي المكروه عراقيا على الأقل (الطالباني والمالكي) الأول انفصالي عرقي النزعة يكره بل يرفض أن يكون القطر العراقي جزءا من الأمة العربية وهو من دعاة تثبيت ذلك في دستور العراق الذي صاغه السفير الأميركي بريمر عام 2003، والثاني طائفي طاغية بكل معنى الكلمة وصل إلى الحكم بتوافق إيراني أميركي رافضين إرادة الشعب في اختيار (علاوي) عبر صناديق الانتخاب.
ويسترسل المسفر : عروبة العراق عن الطالباني مرفوضة لأن عرقه أصر على" أن الشعب العربي في العراق جزء من الأمة العربية " وليس القطر العراقي الشقيق.
قادة العراق..سياسة الاجتثاث
ويقارن المسفر بين نوعين من الحكام من وجهة نظره :الحكام الذين أتيت على ذكرهم " عبد الجليل، والمرزوقي " حرروا السجون من المعتقلين الذين زجت بهم النظم السابقة فيها بل إن بعضهم تولى مراكز قيادية في النظم الجديدة بينما المالكي والطالباني رئيسا القمة العربية الحالية ما برحا يمارسان سياسة الاجتثاث لكل قادة العراق ورموزه الفكرية والعسكرية والسياسية، السجون العراقية مزدحمة بالمعتقلين السياسيين والعسكريين والعلماء.
ويرى المسفر انه بعد تسعة أعوام من الاحتلال جيوب الحقد الطائفي ما برحت تملأ صدور القيادات العراقية القائمة حتى ضد عروبة العراق بموجب دستور السفير بريم " العرب في العراق جزء من الأمة العربية " وليس العراق بكل مكوناته.
المرزوقي وعبد الجليل ارتكبا خيانة
وينتقد المسفر قادة مثل المرزوقي، وعبد الجليل بالقول : أستطيع القول بكل وضوح بأن القائدين المرزوقي، وعبد الجليل، ارتكبا خيانة عظمى لشعوبهما التي ثارت على الطائفية وحكم الفرد والفساد، والتبعية، والدكتاتورية العائلية والتسلط على أرزاق الخلق.
ويبدي المسفر اعتراضا شديدا على مشاركة اولئك القادة في قمة يرأسها أعتى وأعظم وأشرس دعاة الطائفية وحكم الفرد، والتبعية، و(أحقر ) سياسي جاءت به الأقدار إلى هذه المكانة ليمارس سياسة (الاحتقار) للأمة العربية والإسلامية عامة عندما أمر بقتل الزعيم الخالد الشهيد صدام حسين تغمده الله برحمته يوم عيد النحر دون مراعاة مشاعر وشعور العرب عامة والمسلمين كافة.
صدام حسين الشهيد
ويتابع المسفر: صدام حسين الشهيد الذي كانت آخر كلماته ذكر الله ونبيه محمد عليه السلام وهتاف يحيا العراق حرا عربيا تحيا فلسطين حرة عربية، واليوم الصهاينة في ظل الحكومة الحالية في بغداد يتجولون في شوارع عاصمة الرشيد ثالث عاصمة عربية بعد المدينة ودمشق بكل حرية وزهو.
ويعاتب المسفر الكويت بالقول: لا أخفي عتبي الشديد على الإدارة السياسية في الكويت التي خضنا حربين في أقل من عشر سنوات من أجل الكويت واليوم نرى رمز الساسية الكويتية يسير جنبا إلى جنب في بغداد مع قيادة تعمل وتطمح أن تسود في الكويت ولو عبر ولاء طائفي وقد رأينا ذلك على وسائل الإعلام، وعتب الكاتب يمتد ليشمل إخواننا في البحرين التي لم تسلم من تأييد الأحزاب المتنفذة والمسلحة في عراق المالكي والطالباني إبان الأزمة الداخلية بين الحكم في البحرين والمعارضة.
الاكراد الثلاثة
لكن رئيس شبكة الاعلام العراقي محمد عبد الجبار الشبوط يذهب الى غير منحى المسفر ويرى في القمة ايجابيات عظيمة بينها انها تقاد من قبل ثلاثة اكراد عراقيين وفي هذا نجاح كبير للديمقراطية العراقية.
ويستطرد الشبوط : الكردي العراقي الاول هو وزير التجارة خيرالله حسن بابكر الذي ترأس اجتماعات المجلس الاقتصادي العربي. الكردي العراقي الثاني هو وزير الخارجية هوشيار زيباري الذي ترأس اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب وألقى فيه خطابه الذي لفت الانظار لعمقه واتساعه وتوازنه وعقلانيته. اما الكردي العراقي الثالث فهو رئيس الجمهورية جلال طالباني الذي سيتولى رئاسة مؤتمر القمة لمدة سنة كاملة حتى انعقاد المؤتمر القمة العربي المقبل.
ويعتبر الشبوط ذلك انجازا لصالح الديمقراطية العراقية، بغض النظر عما يمكن ان يقال عن نقاط ضعفها والثغرات التي تعانيها.
النظام الديمقراطي في العراق
ويتابع الشبوط : لم يكن بالإمكان ان يكون ذلك ممكنا، أي تولي اكراد رئاسة جلسات مؤتمر القمة العربية، لولا النظام الديمقراطي في العراق. فقد وصل الاكراد الى مواقع القيادة في الدولة العراقية، العضو المؤسس في جامعة الدول العربية، بفضل الديمقراطية ومن خلال هذه المواقع وصلوا الى قيادة العمل العربي المشترك في هذه المرحلة. وحدها الديمقراطية تسمح لمواطني اقلية قومية بقيادة مؤتمر تشارك فيه دول القومية الكبرى في البلد المعني.
ويسترسل الشبوط : لو كان النظام السياسي في العراق يتبنى العقيدة القومية العربية، لما كان بالامكان ان يصل اكراد الى المواقع القيادية في الدولة، فضلا عن وصولهم الى المواقع القيادية في مؤسسة عربية شاملة كالجامعة العربية.
ويعتبر الشبوط ذلك احدى ثمرات الديمقراطية. فالديمقراطية المطبقة في العراق، على علاتها، هي التي اتاحت للاكراد الثلاثة ان يلعبوا هذا الدور القيادي الكبير في العالم العربي.
غياب القائد التاريخي
ويثني الكاتب غسان شربل في مقال له في جريدة الحياة اللندنية على غياب القائد التاريخي عن قمة بغداد، فيكتب ان من حسن الحظ ان العراق يحتضن القمة من دون ان يرتكب، على الاقل حتى الآن، قائداً تاريخياً جديداً. يكفي ما فعله «حارس البوابة الشرقية». كنا هناك في بغداد ورأيناه بكامل غطرسته وأناقته يستقبل القادة العرب ويعانق. رأيناه يحتفي بأمير الكويت وينقض بعد شهرين على بلاده في خطيئة تاريخية صارخة.
ويتابع شربل : غياب القائد التاريخي ممتع ولذيذ. يكفي كم عانت الشعوب من القادة التاريخيين الذين التهموا السلطة بجنازير الدبابات او جنازير الحزب الواحد. تقول التجارب ان القائد التاريخي مضرّ بالبلاد والعباد. بكتب الاطفال. والأغاني. والخزينة العامة. بالشيوخ والشبان والاطفال الذين سيولدون. بالصحة. والبيئة. والمياه الصالحة للشرب. والأيام الصالحة للعيش. ومضر ايضاً بالحدود الدولية والساكنين وراءها.
ترجمة قرارات القمة
من جهته يأمل الكاتب القطري عبدالله بن حيي بوغانم السليطي في مقال له من ان تترجم قمة بغداد قراراتها وتوصياتها إلى واقع عملي وتنفيذي لمصلحة شعوب الدول العربية، استجابة لثوراتها وتطلعاتها والتحولات الجذرية التي تمر بها هذه الشعوب.
امير الكويت في قصر صدام
ونشرت صحيفة الوطن الكويتية كيف ان أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد يدخل قصر الطاغية المقبور – بحسب وصف الصحيفة - صدام حسين مترئسا وفد دولة الكويت إلى القمة العربية الـ23، ظافرا منتصرا.
ونشرت الجريدة ما جاء على لسان امير الكويت : في ظل استمرار الظروف الدقيقة التي يواجهها العالم العربي وما تفرضه هذه الظروف من تحديات ومسؤوليات علينا جميعا، فاننا مطالبون الآن ومن بين ظروف اخرى بمراجعة وتقييم ما تم اتخاذه من إجراءات للنهوض بعالمنا العربي بما يحقق الامن والرخاء والتقدم والازدهار». (نص الكلمة ص30).
شيعي أولا وعراقي ثانيا وعربي ثالثا
غير ان ياسر الزعاترة يكتب ان لا اعتراض على عقد القمة العربية في بغداد، حتى لو كان رئيس العراق بمنصبه الرمزي كرديا، وحتى لو قال المتحكم به إلى جانب بقايا الاحتلال الأميركي (أعني نوري المالكي) دون مواربة إنه “ شيعي أولا وعراقي ثانيا وعربي ثالثا ”، كما ذهب قبل أشهر في مقابلة مع صحيفة الغارديان البريطانية.
ويرى الزعاترة أن ذهاب القادة العرب الى بغداد هو بمثابة محاولة لاستعادة المشهد من عنوانه الطائفي إلى عنوانه الأكثر تعبيرا عن غالبية الأمة، وأن يكون العرب السنّة أقلية بحسب تصنيفات المحتلين (لا يقلون بحال عن ثلث السكان)، فإن ذلك لا يغير في حقيقة أن العراق عنوان عربي كبير، لأن الشيعة العرب ليسوا خارج السياق بحال، ويخطئ من يعتقد أن خطاب المالكي يعبر عنهم، حتى لو حضر بقوة في أوساطهم بسبب حالة الحشد المذهبي التي تسود الأمة (قدّم قائمته بوصفها عابرة للطوائف وسماها ائتلاف دولة القانون!!).
ويتابع الزعاترة مدونا : عندما تتخلص المنطقة من حالة الحشد المذهبي وتستعيد توازنها لن يكون الشيعة في العراق إلا جزءًا لا يتجزأ من أمتهم، بينما تغيب الأحزاب الطائفية التي لا ترى لها وجودا ونفوذا إلا في أجواء مريضة من هذا النوع.
ويشير الزعاترة الى الدور الايراني : اليوم تلوح في الأفق معالم معادلة جديدة في المنطقة، فإيران التي انتفخت وتمددت على نحو استثنائي تعيش ارتباكها الكبير بسبب الثورة السورية، ومن قبلها نظام بشار “الحليف الإستراتيجي”. جاء ذلك بعد سيطرتها شبه المطلقة على العراق، وقبل ذلك وبعده سيطرة حزب الله على لبنان واستخفافه بالسنّة الذي كانوا عنوان التوازن فيه، وكل ذلك في سياق من استخفاف واضح بالعرب لا تغير في حقيقته أية تصريحات دبلوماسية يطلقها بعض القادة الإيرانيين بين حين وآخر.
استعادة دمشق
ويسترسل الزعاترة : باستعادة دمشق (قريبا بإذن الله) من حليف طهران (بشار الأسد)، وبعودة مصر تدريجيا إلى قوتها وحضورها، لن يكون بوسع إيران أن تواصل استخفافها بالعرب أيا تكن نتائج معركتها مع الأميركيين والإسرائيليين حول الملف النووي، وتبعا لذلك لن يكون بوسع المالكي أو أي حاكم جديد للعراق أن يستخف بالعرب السنّة ويواصل حشده الطائفي معطوفا على تكريس منظومة فساد غاية في السوء والاستخفاف بسائر العراقيين (شيعة وسنّة).