جبر يااخوان مشكلة العصر !!!
وجبر من الصبر للقبر !!!
وصل (جبرالعراقي) بعد رحله شاقه الى احدى دول العالم المتطور...جبر كان يفترش الارض ويلتحف السماء لانها ارض وطنه وسمائه,فقد كانت حصته من الرصيف اغلى مايملك واعز مالديه!!! وفي الحمله الاخيره لتنظيف شوارع المدينه ومن منطلق شعارها المرفوع كل ماتفتر زايد تاخذ زايد!!!هنا وقفت الحمله على راس جبران يرتحل عن تلك البقعه الجغرافيه ووضع اعلان تجاري عليها مقابل قدر من المال تعود فائدته لشخص واحد واللي هو مدير الحمله(شوفوا شكد شرفاء عدنه) ومنهم مدير الحمله بمديرية جزو القمر الله يمد بعمره ويجعله ذخرا للفقراء!!!تكاليف هذه الجداريه تعيش جبر واولاد جبر ماتبقى من العمر ولأنَّه لم يملك شيئاً في جزر القمر، فرَّ خارج البلاد وألتحق في صفوف المعارضة عسى أن يسقط حبتر فيعود إلى رصيفه بعد أن يُزيح جداريَّة المدير عنه، لكنه وجد أنَّ رصيفه من ضمن ما تمَّ بيعه. عندها قرَّر أن يكون معارضاً للمعارضة! وإحتجَّ على بيع رصيفه وفقدان أمله بعودته إلى محل سكناه، فهام على وجهه متعثر الخطى منكسر الجنان عبوساً قمطريراً، وتراءت له صورة منزله (الرصيف) مُزداناً بالحلي والحلل، لكنَّ وجهه ما زال حزيناً، إنَّه يرفض أيضاً النزول عند رغبة القادم الجديد ويتحرَّق شوقاً لعودة (جبر).. تمنى (جبر) لو كان موسى عليه السلام يأمر الأرض فتُطيعه لتبتلع عدوِّه، ولكن كيف لموسى أن يعاقب من كان على دينه ويعبد إلهه؟! وهذا القادم لم يرتكب جرماً وليس له جريرة إلا أنَّه مستثمر قادته أمواله إلى رصيف (جبر)، و(جبر) لا يملك مالاً للاستثمار أو للإيجار، فليذهب إلى الجحيم!
لم يستيقظ (جبر) من أحلام اليقظة إلا بعد أن أرتطم رأسه بما أدماه، وبأيادٍ ثقيلة على كاهله يسأله رجل ضخم عن السر وراء عدم الإلتفات إلى الشاحنة وهي تسر باتجاهه، سأله: من أنت؟
(أنا (جبر).
إنَّك لست أوربياً؟
-نعم.
*ولماذا أنت هنا ولست في بلدك؟
-هربتُ من بلدي لأنَّ الحكومة استولت على بيتي وطردتني، فانضممتُ إلى المعارضة.
*من أي البلاد أنت؟ وهل بيتك أثري أم أنَّه من الطراز المعماريّ الحديث؟
-أنا من جزر القمر، وبيتي مساحته متر مربع في أحد شوارع موروني.
*!! يا لك من أبله، وهل هذا بيت يسكنه إنسان؟ هل تعرف (ماسلو)؟
-لا، لا أعرفه.
*لقد وضع (ماسلو) هرماً للحاجات الأساسيَّة للإنسان، تبدأ بالسكن وتنتهي بأبسط الحاجات، ويجب على الدولة توفيرها لمواطنيها.
-في بلادنا لا نؤمن بـ(ماسلو)، نحن نؤمن بالله والعدالة عندنا تتأسس على آية في القرآن (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ).
*أنتم تؤمنون بالله ولم يُوفر حكّامكم حاجاتكم الأساسيَّة، ماذا لو كانوا وكنتم لا تؤمنون به؟ عندها سيكون من حاجاتهم الأساسيَّة ابتلاعكم بصورة أقبح وأقسى مما أنتم عليه الآن. تعال معي أيها المسكين لأدلك على عمل يُوفر لك قوت يومك بلا متاعب وتنام مطمئناً، حيث لا يطردك أحد.
سار (جبر) برفقة الأوربيّ ووصل به المطاف إلى إحدى المقابر، كانت روضة غنّاء تتوسطها شوارع من الزهور نُظمت بطريقة هندسيَّة خلاّبة ولا يوجد تمايز بين قبر وآخر، حيث يرقد الزعيم السياسيّ في قبره إلى جانب رعيته والملياردير إلى جنب البائسين! لكن ما أثار فضول(جبر) أنَّه قرأ أعمار الموتى، فوجد أنَّها لا يتجاوزون السبعين عاماً إطلاقاً وتتراوح بين الـ(19- 70)، فسأل رفيقه قائلاً: إنَّكم تموتون في أعمار مبكرة؟
-لا يا صديقي، ليس الأمر كما توهمت، لكننا لا نحتسب من العمر سنوات الشقاء والضياع، ونعتبر العمر الحقيقيّ للإنسان ما يقضيه سعيداً فقط.
*وكيف يُمكنكم ذلك؟
-نترك فترة الطفولة ونتعامل مع الإنسان بصورة مستقلة بعد بلوغه سن الـ(18) عاماً، ثم نتابع مسيرة حياته من خلال المنظمات الاجتماعيَّة الحكوميَّة ودور الرعاية الاجتماعيَّة، فلو عاش مثلا (78) عاماً وكان سعيداً في كلّ حياته أنقصنا منها ثمانية عشر عاماً واحتسبنا الستين عاماً عمره الاعتباريّ وكتبناه على شاهد قبره، ثم أضاف، يُمكنك يا (جبر) أن تبيع الزهور هنا وتنام حيث تشاء ولن يُضايقك أحد.
*إذن، هل يُمكن أن أُدفن هنا عند موتي!؟
-نعم يُمكنك ذلك يا (جبر).
*فيا صديقي لا تقطع صلتك بي، فإن كان في الأجل فسحة وفي العمر بقيَّة التقينا، وإن أنا متُّ، فاكتب على شاهد قبري (هذا قبر جبر العراقيّ، من الصبر إلى القبر)، لأني لم أذق طعم السعادة في حياتي!
ليست مزحة تلك التي يتداولها العراقيون عن (جبر)، إنَّها حقيقة واقعة ومثل (جبر) ملايين من العراقيين تحسبهم الحكومة متجاوزين في وطنهم وتهددهم بهدم خرائبهم فوق رؤوسهم، على الرغم من أنَّها لم تمولهم ولم تساعدهم أن يعيشوا كبشر، لكنها قادرة على جعلهم يعيشون كجرذان المزابل.
لا تبتئس يا (جبر)، فمثلك ملايين من العراقيين من حقهم جميعاً أن يُكتب على شواهد قبورهم (من الصبر إلى القبر).
تحياتي