بقلم سماحة الإستاذ بناهيان
الركن الثابت في حياتنا
كأن الحياة أمواج البحر، فلا هي قارّة ولا خالية من الجزر والمدّ. إلى جانب هذا البحر، تجد الواجهة البحرية تبشّر بالاستقرار والاطمئنان، فحيث الواجهة البحريّة يستطيع الإنسان أن يخوض في البحر بقوّة أو أن يبقى في شاطئ الأمان. إن الحياة كقماش الشراع الذي يرتعش ويذهب مع الرياح يمينا وشمالا. أمّا عمود الشراع فهو الذي يمسك القماش وينظّم ارتعاشه ليسيطر على الرياح المدمّرة ويصنع منها «حركة» هادفة. إن حديث «الصلاة عمود الدين» في الواقع یعني أن الصلاة عمود خيمة الحياة. فالحياة من دون الصلاة هي كالقماش المجعّد الملقى على الأرض لا فائدة فيه إلا قليل، فلا يصلح أن يكون سقيفة ولا يكتنف أحدا تحت ظلّه. إن الركن الثابت في حياتنا هو الصلاة، وذلك لما تحظى به من النظام الزمني والتكرار الدائم والاتصال بالمعبود. فإن أحكمتم عمود خيمة حياتكم، فكأنما قد صنعتم واجهة بحريّة محكمة إلى جانب بحر زاخر بالأمواج المتلاطمة، وحصلتم على عمود ثابت يقاوم أشدّ الرياح العواصف. فلولا الصلاة، تصبح حياتكم قماشا بلا عمد، لا تظلّل أحدا ولا تكون هي في مأمن من العواصف ومنعطفات الحياة. فإذا لم نحافظ على أوقات الصلاة، فكأننا لم نصنع هذا العمود من فولاذ صلب، بل إنما قد صنعناه من قصبة رفيعة هشّة فهي لا تقوى على القيام بدورها.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: «مَثَلُ الصَّلَاةِ مَثَلُ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ إِذَا ثَبَتَ الْعَمُودُ نَفَعَتِ الْأَطْنَابُ وَ الْأَوْتَادُ وَ الْغِشَاءُ وَ إِذَا انْکَسَرَ الْعَمُودُ لَمْ یَنْفَعْ طُنُبٌ وَ لَا وَتِدٌ وَ لَا غِشَاء» [الكافي، ج3، ص266]