بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم

وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته

حسد من الأمراض القلبية التي تصيب بعض الناس ، بسبب الغيرة ، وعدم الرضا بالقضاء ، فمن الناس من إذا رأى نعمة أنعمها الله عز وجل على أحد من الناس ، تحركت نفسه الخبيثة ، وغيرته القبيحة ، وبدأ يفري ويهري في ذلك المسكين ، وكان الواجب عليه أن يدعو الله لأخيه بالبركة ، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده ، ويمنعه عمن يشاء ، بحكمته وعلمه سبحانه .

فإذا أحس الحاسد بشيء في قلبه على المحسود فليجاهد نفسه ، ويكظم ما عنده ، ولا يفعل شيئاً يخالف الشرع ، لا يؤذي المحسود ، لا بقول ولا بفعل ، ويتضرع إلى الله تعالى بالدعاء أن يزيل الحسد من قلبه ، فالإنسان إذا حسد ولم يحقق شيئاً لم يضره ذلك ، لأن الحسد كبيرة من كبائر الذنوب ، يؤاخذ عليها العبد ويحاسب عليها ، لأن في الحسد ضرراً للغير ، فإذا لم يفعل أذى للمحسود ، ولا كان سبباً في إزالة نعمة عنه ، ولم يتكلم في عرضه ، وإنما شيء في نفسه كظمه ، فإنه لا يضره ، ولكن عليه الحذر ، حتى لا يقول شيئاً يضر المحسود ، أو يفعل شيئاً يضره .

فالحسد خبيث ، يبدأ بصاحبه فيهلكه ، فهو يؤذي صاحبه قبل غيره ، ومتى أحس بشيء فليجاهد في كظمه وإبقائه في القلب من دون أذى للمحسود ، لا أذى فعلي ولا قولي .
وليعلم كل إنسان عاقل مؤمن أن الحسد خلق ذميم ، مع إضراره بالبدن والنفس ، وإفساده للدين ، حتى أن الله أمر بالاستعاذة من شره ، وسبب للهم ، وجالب للغم ، وربما قضى على صاحبه دون نكاية في عدو ، ولا إضرار بمحسود ، فكانت النزاهة عن الحسد كرماً ، والسلامة منه مغنماً .
الحسد والبخل :
البخل والحسد يشتركان في أن صاحبهما يريد منع النعمة عن الغير ، ثم يتميز البخيل بعدم دفع ذي النعمة شيئاً ، والحاسد يتمنى ألا يُعطى أحد سواه شيئاً

الحسد والغبطة :
الغبطة : أن يتمنى الإنسان أن يكون له مثل الذي عند الغير ، دون زوال تلك النعمة عن الغير .
والحسد : فهو تمني زوال النعمة عن الغير ، سواء حصلت له أم لم تحصل ، المهم أن يتمنى زوال النعمة عن المحسود .
والغبطة صفة المؤمن ، والحسد صفة المنافق نسأل الله السلامة والعافية .

حسد إبليس لآدم عليه السلام :
الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء ، وذلك عندما حسد إبليس اللعين ، آدم عليه السلام ، فامتنع من السجود له ، وعصى أمر ربه تعالى ، فطرده الله من رحمته .
قال تعالى : {
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً } [ الإسراء 61-62 ] .


حسد ابني آدم :
وأول ذنب عُصي الله به في الأرض الحسد ، وذلك عندما حسد أحد ابني آدم أخاه فقتله ، فأصبح من النادمين الخاسرين ، خسر الدنيا والآخرة ، وأعد الله له عذاباً ممدوداً ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لأنه أول من سن القتل ، فهو يُعاقب عن كل من قَتَلَ .

الإنسان حسيب نفسه ورقيبها بعد الله عز وجل ، فما أجمل أن يموت الإنسان ، ويقول الناس له : " رحمه الله ، غفر الله له ، أدخله فسيح جناته ، وأبعده عن النار ، لقد كان رجلاً طيباً ، مثالاً يحتذى به ، يحب للناس ما يحب لنفسه " وغير ذلك من الكلام الطيب المحبوب المقبول للنفوس .
وإن كان غير ذلك فلن يناله إلا السباب واللعن والطعن ، وكل ذلك من ضعاف النفوس ، لأن الدين لا يأمرنا بذلك ، بل يأمرنا بذكر محاسن موتانا ، لكن لا شك أن إنساناً آذى خلق الله فلن يكون نصيبه من ألسنتهم إلا ذكر عيوبه والعياذ بالله ، والدعاء عليه ، والتسخط وعدم الرضا عنه .
فنسأل الله السلامة والعافية من سوء الخلق ، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال والأدواء ، لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عنا سيئها ، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ، اللهم طهر قلوبنا من النفاق ، وأعمالنا من الرياء ، وألسنتنا من الكذب ، وأعيننا من الخيانة ، إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .