كثيرا ما نحدث انفسنا بأن التعليم في الماضي كان أفضل مما هو عليه اليوم رغم الفوارق الكبيرة في الامكانات والوسائل التعليمية والتقنية ..
ليس في يافع فقط ولا على مستوى العراق بل على مستوى المشرق العربي نسمع هذا الكلام واحيانا نقرأه في الصحافة ..
الكل متفق أن التعليم في الماضي كان أفضل وأن دور المدرسة تضاءل كثيرا في مجال تربية النشئ ..
ولكل شخص تفسيره لهذه الظاهرة .. وكثيرون يميلون الى ان وسائل الترفيه زادت وتقلصت مساحة الجدية في حياة الأبناء ..
لا شك هذه من أهم الأسباب التي تفسر تدني التحصيل العلمي لكن هناك سبب جوهري لا يدركه كثير من الناس وهو متعلق بالكادر في مجال التعليم .. فنجد كثير من الدول توفر كل مستلزمات العملية التعليمية من مباني ومناهج ووسائل .. ويكون آخر اهتماماتها المعلم .. وحقوقه المادية والمعنوية ..
يقال بأن امبراطور اليابان سئل ذات يوم .. ما سبب النهضة بل الطفرة التي حققتها اليابان فأجاب : (منحنا المعلم راتب وزير وحصانة سفير ) .. لله دره
نتذكر أن المعلم في الماضي كانت له هيبة واحترام ووقار .. بل ان وظيفة المعلم كانت مهوى افئدة كثير من الشباب لما للمعلم من مكانة في المجتمع ..
ومع الأسف الشديد اصبح المعلمين في وقتنا الحاضر يعانون اهمال وتهميش كبير وملحوظ وتضاءل دورهم وهيبته وللأسف تجد كثيرا منهم يساير هذا الواقع .. فكم من معلم تحمل على مضض تقصير بعض الطلاب لأن أبا ذلك الطالب صاحب جاه أو مال .. ومن باب ابعد عن الشر ..
في اليومين الماضيين حضرت اجتماع لمجلس الآباء مع لجنة تقييم احد المدارس المتوسطة .. واللجنة تهدف لتلمس احتياجات المدرسة وآراء أولياء الأمور وملاحظاتهم عن أوجه القصور ..
مع الأسف كان تركيز بعض الآباء وملاحظاتهم على معاون المدير .. لأنه شخص حازم لا تنأخذه في الله لومة لائم في حال رأي خطأ من الطلاب أو سلوك غير لائق .. الى درجة أنه يعمل دورات تفتيش على شعر الرأس والأظافر والهندام .. ويا ويل أم أي طالب يقل أدبه على زميل أو استاذ ..
ولكن ما أثلج صدري أن 80% من الآباء أخذوا يدافعون عنه ويؤكد كثير منهم أن يتحمل عناء توصيل ابنه من منطقة بعيدة حبا في هذه المدرسة وبسبب هذا المدرس ..
بل أنه عندما انتقلت ادارة المدرسة الى بناية مدرسة اخرى جديدة قريبة .. حرصت على نقل ابني الى المدرسة التي انتقل اليها هذا المدرس .. وعند بدء العام اتضح لي ان كثير من الطلاب انتقلوا ايضا ومعظمهم من اوائل الطلاب .. وفي اجتماع مجلس الاباء اتضح لي انهم جميعا انتقلوا لنفس السبب ..
وأن كل الآباء المعترضين عندهم أولاد غير متفوقين بل وغير مؤدبين ..
لذا أقول أن أردتم تعليما مثل زمان وأفضل فأهتموا بالمعلمين وأعيدوا لهم الاعتبار واعطوهم كامل حقوقهم المادية والمعنوية .. وسترون جيلا ذهبيا بعون الله ..