"الشاعر اللبناني أمين نخلة"
أمين نخلة (1901- 1976) شاعر وأديب لبناني ، له آثار شعرية غنية، وأعمال أدبية غزيرة في التاريخ، وفقه اللغة، وخاطرات الوجدان. وكان من الشخصيات الأدبية والسياسية اللامعة التي زهت بها الأوساط الأدبية في لبنان و البلاد العربية زمناً.
مولده ونشأته :
ولد أمين نخلة في بلدة مجدل المعوش في قضاء الشوف في عام 1901 [1] ، وهو ابن الشاعر رشيد نخلة أمير الزجل اللبناني الذي نظم النشيد الوطني اللبناني "كلنا للوطن" ، وكان والد أمين نخلة مديراً لناحية مجدل معوش.
تعليمه وحياته العملية :
عندما بلغ أمين نخلة سن الدراسة، أرسله أبوه إلى مدرسة في دير القمر. وبعد ذلك انتقل إلى الكلية البطريركية في بيروت، وأكمل دراسته فيها ثم ذهب إلى دمشق ودخل كلية الحقوق وحصل على الليسانس ، ثم تابع دراسته في الجامعة اليسوعية في بيروت حيث نال شهادة الليسانس مرة أخرى في العلوم الإدارية.
حصل على وظيفة جيدة في مكتب الحاكم العام الفرنسي لكنه رفضها وانصرف للمحاماه ، ومارس الصحافة ونظم مقطوعات من الشعر المصقول باللفظ والنغم ، وانتخب نائباً عن منطقة الشوف في المجلس النيابي اللبناني عام 1947، وشغلته شؤون المحاماة والسياسة فعكف على وضع مؤلفات في القانون أكسبته شهرة في التدقيق والتحقيق تضاهي شهرته في التدقيق اللغوي والتي فتحت أمامه عضوية المجمع العلمي العربي في دمشق، ولمع نجمه وذاع اسمه في الأوساط السياسية إضافة لمكانته الأدبية كشاعر رقيق وقد أعلن ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، وزار عدة أقطار عربية لطلب دعم محبيه واصدقائه من ساسة وأمراء وحكام ثم أحجم عن الترشيح في اللحظة الأخيرة.
من أشعاره :
يمتاز شعر أمين نخلة بالعذوبة والرقة وكان له صدى في الأوساط الأدبية والشعرية وزاد ذلك لما له من علاقات مع كبار شعراء عصره في مصر و لبنان و سورية و العراق وقد ذكر في بعض مؤلفاته أن أمير الشعراء أحمد شوقي رشحه ليكون أميراً للشعراء بعده حين قال له مجاملة :
هذا وليُّ لعهدي
وقيّّم الشعر بعدي
والعصر عصر أمين
خير ومطلع سعد
وكل من قال شعراً
في الناس عبد لعبدي
ويروى في هذه المناسبة مما قاله أمين نخلة نفسه أن البريد حمل إليه ذات يوم رسالة معنونة إلى "أمير الشعراء" فلما رأى عنوانها أحالها إلى الشاعر عمر أبو ريشة فأحالها أبو ريشة إلى الشاعر بشارة الخوري "الأخطل الصغير" فأحالها هذا بدوره إلى الشاعر بدوي الجبل ، وظلت الرسالة تنتقل من شاعر كبير إلى آخر دون أن يجرؤ أحد من هؤلاء على تسلمها.
كان أمين نخلة ناثراً إلى جانب شعره ، وكان لنثره أناقة وسهولة ممتنعة، وكانت الموضوعات التي عالجها أمين نخلة في شعره ونثره ثلاثة : الغزل والطبيعة والموت .
وكان هاجس الموت يلازمه في كثير من ساعات ليله ونهاره، وكان في كثير من مواقفه يرثي نفسه حين يرثي الآخرين. وقال في قصيدته "بعد الشباب"
ولّّى الشباب وعصره الناعمُ
ما كان أقصر ليله الحالمُ
هل من يردّ الزهر ثانيةً
وإليه مني عيشي القادمُ
في دمنة الماضي، وجيرتهِ
لي كل يومٍ مأتمٌ قائمُ
أزف الرحيل، ورفقتي سبقوا
وأنا علىأخبارهم هائمُ
أما الطبيعة فقد أوحت إليه بكثير من شعره ونثره، وأفرد لها كتاباً عنوانه "المفكرة الريفية" وكان يتميز بجمال أسلوبه وأناقته، وفيه يستعيد صورة يومية يزخر بها الريف ببساطة وعفوية.
وفاته :
عكف أمين نخلة في أواخر حياته على ذكرياته ، وانطوى على أوجاعه مع رفيقة حياته ، وأصيب بنزف في الدماغ أدى إلى فقدانه الذاكرة ، وتفرق عنه أصحابه ومعيدوه تدريجياً، إلى أن مات في صمت، من غير وداع ولا تأبين وذلك في 13 من شهر مايو عام 1976 في بيروت عن عمر ناهز 75 عام، ودفن في بلد أجداده في الباروك [2]. وقد خططت لتأبينه حفلتان ألغيتا في اللحظة الأخيرة أولاهما على إثر إغتيال كمال ناصر وجماعته بيد المخابرات الإسرائيلية ، والثانية بسبب نشوب الحرب الأهلية في لبنان .