تفسير قوله تعالى (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً )
بسم الله الرحمن الرحيم
((كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الۡكِتَابَ بِالۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ النَّاسِ فِيمَا اخۡتَلَفُوا۟ فِيهِ وَمَا اخۡتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعۡدِ مَا جَآءتۡهُمُ الۡبَيِّنَاتُ بَغۡيًا بَيۡنَهُمۡ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا۟ لِمَا اخۡتَلَفُوا۟ فِيهِ مِنَ الۡحَقِّ بِإِذۡنِهِ وَاللّهُ يَهۡدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسۡتَقِيمٍ))
صدق الله العظيم
سورة البقرة اية رقم 213
التفسير من كتابالمتشابه من القران هنا لمحمد علي حسن الحلي ،(الطبعة اﻷولى – بيروت – لبنان – 1965)
(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ) فاختلفوا ، أي كانوا على ملّة واحدة ليس فيهم من يشرك بالله ، وذلك في زمن آدم ، فاختلفوا من بعده إلى مذاهب شتّى وأشركوا ، (فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ ) بالجنّة لمن أطاعه (وَمُنذِرِينَ ) بالنار لمن عصاه وأشرك به (وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ ) يعني الكتب السماوية (بِالْحَقِّ ) أي بتبيان الحقّ (لِيَحْكُمَ ) كلّ نبيّ (بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ ) من الأديان والمذاهب الباطلة ويرشدهم إلى دين الحقّ (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ ) أي في الكتاب (إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ ) وهم علماء الضلال من اليهود والنصارى وغيرهم الذين طلبوا الدنيا والرياسة (مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ ) أي وكان اختلاف هؤلاء العلماء في الكتاب بعد الذي جاءهم من البيّنات على صدقه ، وسبب ذلك الاختلاف كان (بَغْيًا بَيْنَهُمْ ) أي حسداً بينهم وظلماً وطلباً للرياسة (فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ ) إلى طريق الإسلام (لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ ) أي لِما كانوا مختلفين فيه من الحقّ ، والمعنى أنّ الله تعالى أوضح لهم الطريق حتّى عرفوا الحقّ من الباطل (بِإِذْنِهِ ) أي وكان هداهم إلى طريق الإسلام بإذنٍ من الله ، لأنّ الله تعالى أذن لملائكته فأرشدتْهم إلى ذلك بالإلهام والإيحاء ، وإنّهم كانوا أهلاً للهداية حيث لم يكونوا أهل تكبّر وحسد ، والله يهدي من يشاء ، أي من كان أهلاً للهداية (إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) يعني إلى طريق الحقّ