أخيراً رسالة من الحبيبية سوريا يسبقها شذى التفاؤل .
( على غير عادته كتب العزيز عبد الجبار العسكر تعليقاً يطمئن القلوب ) . يا رب أسمعنا أخبار الخير عن إخوتنا في سوريا .
إليكم تعليقه الذي حصد عددا كبيرا من إعجابكم ، متمنية عليكم مجدداً عدم فتح جبهات للشجار السياسي ، فألجأ إلى أبغض ما هو متاح لي . . بوضع المتمادين في الشتم خارج الصفحة :
عزيزتي أحلام :
أنهيت لتوي زيارة قصيرة لحبيبتك سوريا وأحببت أن أطمئنك على الناس هناك في العمق هم بخير ويحبونك كثيراً ،أمورهم ليست بتلك السوداوية التي نتخيل هم أفضل حالاً منا بكثير ،لقد أحببتهم كثيرا وتمنيت قضاء وقت أطول معهم لولا ظروفي ،لقد صقلتهم الحرب حتى أضحى كل واحد منهم مدرسة نعم لقد أحببتهم وكأني لأول مرة ألتقيهم وصغرت في عين نفسي أمام عظمتهم ،لقد تمكنوا من كسر الرتابة وتكيفوا مع واقعهم الجديد الى أقصى درجة بل وأحبوه أيضاً ولايريدون له تبديلا ، لم أجد تغيرا كبيرا فيهم الا أن أشياء من قبل التفاؤل والايمان زادت عندهم كثيرا هم يستشهدون كثيرا بالآية القائلة "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم" هم لايرون في الاحداث الجارية بلاء أبدا حتى الموت أصبحوا يتعاملون معه بطريقة أخرى أكثر جمالاٌ ، لايعنيهم كل مايجري في العالم ،القرارات الجديدة لايلقون لها بالا أبدا والأمم المتحدة يدركون جيدا بأنها مهزلة ولاينتظرون مؤازرة من أحد هم يؤمنون بقضاء الله ويلاقون مصيرهم برحابة صدر وهم على ثقة تامة بأن الله غالب على أمره فلا يوجعون رؤوسهم ولا يخدعون أنفسهم أبدا ، هم أبطال بكل ماتعنيه الكلمة سخروا من قلقي الذي يرون أنه لامبرر له في حين كنت أظن أن بؤسهم سيوجعني لكني تفاجأت بأنهم ليسوا بائسين اطلاقا بل على العكس حياتهم أصبحت أكثر طبيعية وفطرية وبالتالي تكمن السعادة في الطبيعة والفطرة ، لم يعد شيء يقلقهم كما السابق ،أبي الذي اعتاد على اجراء تفقد يومي لنا قبل النوم لايقلقه كون كل واحد منا في بلد اليوم ،وأمي لم تعد دموعها سخية على أبسط الأشياء كما السابق بل أصبحت ترى أنه ينبغي علينا الصبر والرضا بمايقسمه لنا الله ، لم يعد أحد يشكو أوجاعه علنا ،ولم أسمع أحد يتذمر ،لقد وجدوا بدائل طبيعية لجميع الأشياء التي فقدوها ، استغنوا عن الهواتف المحمولة وذلك ربما جعل الأواصر بينهم أكثر متانة هم يتفقدون أحبتهم كل يوم وسهراتهم أصبحت أكثر جمالا وألفة مما كانت عليه في السابق ، يفرحون كثيرا حينما يأتيهم زائر أرادوا مني جاهدين البقاء بينهم ،لكنهم سمحوا لي عندما رأوا اصراري ،حاولت تجنب مراسم الوداع تحاشيا لايلامهم كما ظننت ،لكنهم ودعوا دمعاتي بابتسامات جبارة لم أرَ أجمل منها...