الجزء الثالث من موضوع أين يقودنا الحب
ها ه
و أخيرا يجد الجواب عن السؤال اللغز الذي طالما حيره
لماذا خلقت .. لماذا وجدت في هذه الدنيا؟
هو الآن يعرف لماذا خلق
ليصل الى حقيقة نفسه وليدرك إلهه
و كل يوم يملأ ورقة الإمتحان و يجيب عن الأسئلة الأزلية
من أنت .. ماذا تريد أن تفعل .. ماذا تخفي في قلبك
ليكشف عن مكنونه و يحقق ذاته
ويقوده حبه لنفسه و حبه للمرأة وحبه للجاه و السلطان الى يأس و ملل و إحباط
بعد إحباط حتى يشرف فيه الحب الحق ليدله على الطريق
الى الواحد الأحد الذي تجتمع فيه كل الكلمات
ويزداد حبه عمقا ليصبح عبادة و صلاة وهو يصعد في طريق العودة الى منبع الأنوار
وهو الآن يشعر أنه وجد نفسه حقا و عرف إلهه وعرف هدفه و عرف طريقه
وهو ويدرك أن كل ما عاناه من عذاب و ألم و إحباط و ياس لم يذهب عبثا
فقد كانت كل تلك الآلام هي المؤشرات التي كشفت له طريقه ودلته على الحقيقة
كانت بوصلة ودليله في بحر الظلمات
و من أجل هذا خلق الله الحياة
إن الإنسان معجزة المتناقضات
إنه فان و يحتوي على خالد
و ميت و يشتمل على حي
و عبد يحتضن قلبا حرا
و زمني و يحتوي على الأبدية
و حبه و فنه و تفكيره و صحته و مرضه و جسده و تشريحه تدل كلها على هذا التركيب المتناقض
الدنيا كلها تقيده و جسده يقيده و مع ذالك لا تمنعه هذه القيود من أن يضمر
في نفسه شيئا و أن يفرض هذا الشيئ على ظروفه
ولكن شعوره يكشف عن مادة أخرى و زمن آخر يعيش فيه غير زمن الساعات و الدقائق
زمن حر يقصر و يطول حسب إرادته
و تعمق هذا الشعور في لحظات الحب و الإلهام و التصوف يكشف عن حقيقة أغرب
إن هناك أفقا ثالثا في داخله
أفقا غير زمني لحظاته أبدية مليئة لا تنقضي مثل اللحظات و إنما
تظل شاخصة في الشعور مالئة الوجدان
ماذا تكون تلك اللحظات
اتكون هي الثقوب التي تطل على سره
وماذا يكون سره الخافي تحتها
أهو الروح؟
وما الروح؟
إنهما الحرية
الحرية جوهر الإنسان و روحه و من خلال محاولاتنا لفهم الحرية سوف نقترب من فهم الروح
من كتاب لغز الموت للراحل مصطفى محمود